الصفحات

قراءة في ميثاق إصلاح منظومة العدالة

قراءة في ميثاق إصلاح منظومة العدالة



أسال موضوع إصلاح منظومة العدالة منذ الخطاب الملكي ل20 غشت 2009 مداد العديد من الحقوقيين ورجال القانون من أجل إيجاد إستراتيجية واضحة المعالم للخروج بصيغة للإصلاح الشامل للقضاء. 



وتأتى ذلك بتعيين جلالة الملك للهيئة العليا للحوار الوطني حول الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة بتاريخ 08/05/2012 وجعله في صدارة الأوراش الكبرى التي يقودها جلالته إيمانا منه بأن العدل هو قوام دولة الحق والمؤسسات وسيادة القانون،وذلك لحرص جلالته على تتويج المسار الإصلاحي بمقتضيات الدستور الجديد للمملكة التي " تنص على ضمان الملك لاستقلال القضاء، وتكريسه كسلطة مستقلة قائمة الذات عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.



ودون التفريط في "المقاربة التشاركية والإدماجية التي تم اعتمادها في مختلف القضايا والإصلاحات الكبرى، بحيث تم الحرص على أن تشمل التركيبة التعددية لهذه الهيئة العليا جميع المؤسسات الدستورية والقطاعات الحكومية والقضائية وتمثيلية وازنة للمجتمع المدني ومختلف الفعاليات المؤهلة المعنية بإصلاح منظومة العدالة" وجاء خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لعيد العرش المجيد ل30 يوليوز 2013 الذي سجل بكل ارتياح التوصل إلى ميثاق لإصلاح المنظومة القضائية ودعا جلالته الجميع إلى التجند من اجل إيصال هذا الإصلاح الهام إلى محطته النهائية،"فمهما تكن أهمية هذا الإصلاح،وما عبأنا له من نصوص تنظيمية وآليات فعالة،فسيظل الضمير المسؤول للفاعلين فيه هو المحك الحقيقي لإصلاحه،بل وقوام نجاح هذا القطاع برمته". 

العدالة بميزان رقمي متطور

وبتاريخ 12 شتنبر 2013 أعلن وزير العدل السيد مصطفى الرميد في ندوة صحفية عن الميثاق الذي تمخض عن اشغال الهيئة العليا لإصلاح منظومة العدالة كخارطة طريق استوفت كافة الأهداف الاستراتيجية لإحداث ثورة حقيقية في مجال إصلاح العدالة، وصفق له الجميع،إلا أنها أغفلت أحد أهم أجنحة العدالة دون اهتمام رغم أن الميثاق حدد كرؤية مستقبلية ـــ المحكمة الرقمية في أفق 2020ـــ فماهي آليات اعتماد أهداف الإصلاح في ظل تغييب جهاز كتابة الضبظ من الميثاق؟ ومن هو الجهاز المكلف بتفعيل هذه الآليات إذا ما تم اعتمادها في نهاية المطاف؟ الإجابة للسيد الوزير الذي أكد أن "تحسين الوضعية المادية للقضاة التزمت به وحددت لنفسي موعدا أرجوا من الله تعالى أن يوفقني لكي لا أخلفه، وهو سنتان، ونحن نشتغل على مرسوم من أجل تحسين الوضعية المادية للقضاة تنفيذا لتوصيات الميثاق"وأضاف سيد الوزير أنه " لا يمكن الحديث عن تخليق منظومة العدالة دون التحفيز،والذي يعني الرفع من المستوى المادي للفاعلين الأساسيين في منظومة العدالة وعلى رأسهم القضاة "هنا اطمأن بال أهم فاعل أساسي في منظومة العدالة ليصطدم أخيرا بكلام السيد الوزير "أما السادة كتاب الضبط فحظوا بقانون أساس محفز وآن الأوان لتحفيز القضاة أيضا ". 

الغريب ما في الأمر أن إصلاح العدالة ـــ التي تتضمن كما مثلها القانونيون القدامى بامرأة تحمل ميزانا بكفتين ـــ أما في نظر السيد الوزير فمثلها في صورة رجل بجبة سوداء يحمل ميزانا رقميا متطورا. 

فالجدير بتسمية هذا الميثاق بميثاق إصلاح منظومة القضاء لأنه هو المعني بالإصلاح بالدرجة الأولى أما باقي المهن القانونية والقضائية الأخرى فهي تتجاوز ما سطره الميثاق من أهداف. 

ميزانية الإصلاح 

طبعا الحديث عن الإصلاح لمنظومة القضاء يجعل الحديث عن الميزانية المخصصة لهذا الإصلاح محصورة في الجانب المتعلق بالقضاء فقط، بعدما عبر السيد الوزير عن أمله في أن "تصل الميزانية المخصصة لتحسين الوضعية المادية للقضاة إلى حوالي 200 مليون درهم، غير أنه عاد ليشير إلى أنه ليس مخولا ليقول إن هذا الرقم سيتم اعتماده ام لا " لنجد أن هذا الكلام منه إلى علم السياسة أقرب. 

ومن جهة أخرى كشف السيد الوزير أن المحكمة الرقمية التي وضع لها الميثاق برنامجا للتنفيذ ما بين 2014/2020 سترصد لها ميزانية تصل ما بين 227 و270 مليون درهم.أما البنايات والتجهيزات التي ستهم جميع المحاكم بما فيها مراكز القاضي المقيم ما بين 2014/2018 فقدر السيد الوزير ميزانيتها في ملياري درهم تتم تغطيتها من خلال اعتمادات الخزينة العامة للدولة والحساب الخاص وبيع جزء من عقارات الوزارة. 

لنتساءل مع السيد الوزير في ظل تصريحاته السابقة عن مدى أحقية كتابة الضبط الاستفادة من أهداف الميثاق الست، ومن الميزانية المخصصة له خاصة وأن تطبيق الإجراءات المسطرة في الميثاق سيتم تنزيلها على يد جهاز كتابة الضبط الذي يضم من بين كوادره مهندسين وتقنيين متخصصين وتقنيين وراقنات. 

أهداف كتابة الضبط من الميثاق

لقد حاول هذا الميثاق در الرماد في عيون جهاز كتابة الضبظ، والاقتصارعلى إحداث مدرسة وطنية لكتابة الضبط بالنسبة للملتحقين الجدد بالجهاز الذي كان من بين النقط الأساسية في الملف المطلبي لكل التمثيليات النقابية لموظفي هيئة كتابة الضبط، وكذا إلزامية التكوين الأساسي ملائم لكتاب الضبط من خلال وضع آليات لتتبع وتقييم مشاركة المستفيدين من التكوين المستمر،وأخيرا وليس آخرا وضع معايير موضوعية وشفافة لتقييم أداء موظفي هيئة كتابة الضبط ضمن الهدف الفرعي الأول والثالث والرابع من الهدف الرئيسي الخامس المتعلق بالتأهيل المؤسسي لاحتضان الجودة وضمان التميز.ندرك جليا أهمية التكوين والتكوين المستمر لكن أملنا أن لا يقتصر أمر التكوين على مجرد تسطير برنامج التكوين دون تنزيله على أرض الواقع وخاصة أن هذه الإجراءات مقرر اعتمادها استنادا إلى الميثاق كأجل التنفيذ خلال السنة القادمة. 

أهم ما أثار الانتباه هو الهدف الفرعي الأول من الهدف الرئسي السادس حول تحديث الإدارة القضائية وتعزيز حكامتها عندما يتحدث عن تحديث الإطار القانوني لكتابة الضبط وإعادة تنظيمها وهيكلتها،هنا لا ندري هل سنفعل الميثاق أم تصريح السيد الوزير عندما قال" أما السادة كتاب الضبط فحظوا بقانون أساس محفز وآن الأوان لتحفيز القضاة أيضا " اللهم ما إذا كان هذا التحديث لا يشمل الجانب المادي وخاصة أنه ـــ التحديث ـــ يتوخى النظرة المستقبلية البعيدة المدى للإصلاح. 

وأن إحداث منصب المسير الإداري بالمحكمة بقوم بمهام التسيير بعدما يتم إقرار قوانين تضمن الفصل بين العمل قضائي والعمل الإداري لنتسائل عن سبب الإبقاء على ممارسة المهام الإدارية تحت إشراف المسؤولين القضائيين ما دام أن الميثاق يسعى نحو تخليق العمل الإداري قبل العمل القضائي 
فمرجعيتنا في الإ صلاح هو الخطاب الملكي السامي بمناسبة عيد ثورة الملك والشعب ل20 غشت 2009 الذي أسس لجملة من الأهداف المنشودة بقوله " أما الأهداف المنشودة، فهي توطيد الثقة والمصداقية في قضاء فعال ومنصف، باعتباره حصنا منيعا لدولة الحق، وعمادا للأمن القضائي، والحكامة الجيدة، ومحفزا للتنمية، وكذا تأهيله ليواكب التحولات الوطنية والدولية، ويستجيب لمتطلبات عدالة القرن الحادي والعشرين."وأضاف الخطاب أن من بين الأهداف الأساسية هي... رابعا: تأهيل الموارد البشرية، تكوينا وأداء وتقويما، مع العمل على تحسين الأوضاع المادية للقضاة وموظفي العدل، وإيلاء الاهتمام اللازم للجانب الاجتماعي، بتفعيل المؤسسة المحمدية، تجسيدا لرعايتنا الدائمة لأسرة القضاء 

وأن الميثاق صار على نهج الخطاب المولوي السامي الذي أكد على أهداف ست، تجسد من خلال تشخيص الوضعية إلى بلورة تصور إصلاحي شمولي برؤية مستقبلية واضحة المعالم تتوخى المنهجية التشاورية والإدماجية في صياغة النصوص والقوانين الإجرائية لتفعيل بنوذ هذا الميثاق ليمتد بشموليته إلى كافة القطاعات المرتبطة بالعدالة وتحسين الخدمات القضائية للمتقاضين بما يضمن شعار العدالة في خذمة المواطن. 

إعداد:ذ/عزيز نداعلي وحميد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق