الصفحات

وسائل نفي النسب مدونة الاسرة


وسائل نفي النسب مدونة الاسرة






لما كان المشرع المغربي متشوفا للحوق النسب وحفظ أعراض الناس، وحماية النسب تأكيدا للقاعدة الفقهية "الأصل في الشرع ثبوت النسب" ( )، فإننا نستشف أنه لا حاجة لإثبات النسب تعزيزا لما نصت عليه القاعدة ما عدا إذا كان هناك مانع ينازع في هذا النسب، ولكن لأي مدى يمكن المنازعة فيه؟ 


هل يكفي إثباته بالوسائل المقررة شرعا (القيافة) و نفيه بها أيضا (اللعان)؟ 
يتضح معه أنه لا محيد عن سلك وسائل الشرع في كل ما يتعلق بإثبات النسب أو نفيه كقاعدة عامة، وإنه لما كانت الخبرة القضائية وسيلة أقرتها لوازم العصر تشريعا وضعيا يتوافق مع ما هو مشرع شرعا، فإنه لإثارة دعوى نفي النسب يتطلب ذلك توافر شروط أومنا إليها سابقا في الفصل الأول، وتعد صلب النزاع محور هذا الفصل، و هي: 
- أن يكون الولد لاحقا شرعا بالأب. 
- لا نفي للنسب بدون دعوى. 
- إدلاء الزوج بدلائل قوية على إدعائه. 
- صدور أمر قضائي بالخبرة. 
هذا كله يجعل المتضرر الذي يدفع بدعوى نفي النسب مستوفيا لهذه الشروط الأربعة، لتعتبر دعواه ذات حجية معتبرة قانونا، ونظرا لأهمية المنازعات في هذا الشأن وصعوبة الإثبات فيها وما تطرحه من إشكاليات نفيا، فإنه ارتأينا الخروج عن المألوف فيما يخص منهجية البحث في هذا الفصل لأننا سنعمد إلى صيانة تساؤلات ذات صلة وثيقة بنزاعات النسب مردها إلى فقه النوازل والاجتهاد القضائي المغربي في كل ما يتعلق بمنظومة الفصل في النزاعات التي يطرحها نفي النسب. 
وهذا ما سنتناوله بالدراسة و التحليل. 
المبحث الأول : نفي النسب عن طريق اختلال شروط الفراش 
المطلب الأول: عدم وجود عقد الزواج 
إذا كان الأصل في الشرع ثبوت النسب كقاعدة عامة فإن ذلك يتوقف على ضرورة توفر عقد الزواج الصحيح كقرينة يثبت معها الحق الشرعي والقانوني ، من أجل إثبات العلاقة الشرعية بين رجل وامرأة. فإذا كانت قاعدة الولد للفراش بمثابة الشريعة العامة التي تبنى عليها الحقوق وترتب عليها الالتزامات المتبادلة بين طرفي العلاقة في الزوجية، فإن عدم توافر رابطة الزواج (الفراش) أثناء الحمل أو الولادة، فإنه يعطي لكل من له مصلحة مشروعة في نفي النسب. 
فإذا كان الشرع جرم الزنى بنص قطعي في القرآن الكريم: ﴿والزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾ و قوله أيضا: ﴿الزاني لاينكح إلا زانية أو مشركة و الزانية لاينكحها إلا زان أو مشرك و حرم ذلك على المؤمنين﴾ . فإنما لحرصه على النسب و هو ما يتوافق مع المادة 16 من مدونة الأسرة، التي نصت على ما يلي:"تعتبر وثيقة الزواج الوسيلة الوحيدة لإثبات الزواج". 
غير أن الملاحظ بخصوص هذه المادة وما نصت عليه فقرتها الثانية التي جاء فيها: "إذا حالت أسباب قاهرة دون توثيق العقد في وقته، تعتمد المحكمة في سماع دعوى الزوجية سائر وسائل الإثبات وكذا الخبرة ". 
تجعل المتأمل يقف عند إشكال قانوني يطرح نفسه هنا، بمعنى أنه إذا كانت المادة صريحة في فقرتها الأولى بخصوص عقد الزواج كعقد رضائي وشكلي فهل سيعتبر طافيا لإثبات عقد الزواج أم يتطلب شيئا آخر؟ ثم ما نصت عليه الفقرة الثانية بخصوص وسائل الإثبات هل يجعل عدم وجود عقد الزواج عائقا دون إثبات النسب إلا بتوفر عقد الزواج أم أنه يجب توافر شروط أخرى؟ بصياغة أخرى ما محل النسب في حالة عدم وجود وثيقة الزواج؟ 
فيما يتعلق بالسؤال الأول، فإنه يتطلب توثيق عقد الزواج أمام عدلين وخطاب القاضي حتى يعتبر عقد الزواج صحيح. أما فيما يخص السؤال الثاني، فإنه لا بد من توافر عقد الزواج إلا استثناء بتوافر الظروف الخاصة. 
هذا كله يجعلنا أمام الاستيقافات التالية: 
- الإستيقاف الأول: عدم وجود عقد الزواج يكون نتيجة علاقة غير شرعية أي جريمة زنى كما هي مجرمة شرعا و جريمة الفساد كما هي مجرمة قانونا. 
- الإستيقاف الثاني: عدم توثيق العقد و الاكتفاء بالتراضي و إشهار الزواج لا يعتد به قانونا إلا بتوفر العقد الموثق وإن كانت العبرة في الشرع هي إشهار الزواج والإشهاد عليه و ليس التوثيق كركن إجرائي شكلي. 
- الإستيقاف الثالث: عدم وجود عقد الزواج قد يكون مرده إلى التعدد كالرجل الذي يتزوج بثانية ولا يحبذ فكرة التوثيق مخافة علم الزوجة الأولى بالأمر، لأن المحكمة قبل الإذن بالتعدد توجه إنذارا إلى الزوجة الأولى تشعرها فيه بطلب الزوج في غيابها، حسب المادة 43 م.أ. ولكن يمكن التحايل على القانون خاصة عند الإدلاء بشهادة العزوبة المزورة، أو عند عدم توصل الزوجة بالاستدعاء الناتج عن تقديم الزوج بسوء نية لعنوان غير صحيح أو تحريف في اسم الزوجة وتطبق على الزوج في هذه الحالة العقوبة المنصوص عليها في الفصل 361 من ق.ج المغربي بطلب من الزوجة المتضررة. 
- الإستيقاف الرابع: عدم وجود عقد زواج يكون نتيجة الاغتصاب 
ولعل المتأمل في هذه الإستيقافات سيطرح التساؤل التالي: ماذا عن حالة الشخص الذي يزني بامرأة ثم يتزوج بها قبل نهاية فترة الإستبراء، وأي أثر قانوني سيترتب على ذلك؟ ماذا عن اغتصاب ثم حماية للنسب يلجأ الطرفان إلى ما تخوله المادة 16 من أحقية توثيق العقد؟ ثم ماذا عن التعدد غير الموثق؟ وما محل الطفل المزداد في هذه الحالة؟ 
فأما ما يهم السؤال الأول، فقد جاء في أحد الأحكام ما يلي:" وحيث إن الثابت من أوراق الملف كون عقد الزواج أبرم بين الطرفين بتاريخ 30/03/2004، في حين أن البنت...ازدادت بتاريخ 18/08/2004 وحيث تبعا لذلك تكون البنت...ازدادت لأقل من أمد الحمل الذي هو ستة أشهر، كما يستفاد أيضا أن عقد الزواج أبرم بين الطرفين إبان حمل الزوجة. 
وحيث يكون الزواج باطلا طبقا للمادة 57 من مدونة الأسرة، إذا وجد بين الزوجين أحد الموانع المنصوص عليها في المواد 35 إلى 39. 
وحيث تشير المادة 39 من مدونة الأسرة إلى أن من موانع الزواج المؤقتة وجود المرأة في علاقة زواج أو عدة أو استبراء. 
وحيث يقول الحطاب في كتاب مواهب ذي الجليل:" من زنا بامرأة ثم تزوجها قبل الإستبراء فالنكاح يفسخ أبدا و ليس فيه طلاق ولا ميراث ولا عدة وفاة، والولد بعد عقد النكاح لاحق فيما حملت به بعد حيضة إن أتت به لستة أشهر من يوم نكاحها و ما كان قبل حيضة فهو من الزنا لا يلحق به". 
وحيث تصرح المحكمة ببطلان عقد الزواج طبقا لأحكام المادة 571 بمجرد اطلاعها عليه أو بطلب ممن يعنيه الأمر، مما يتعين معه التصريح ببطلان عقد الزواج المبرم بين طرفيه..." 
يجعل الولد لاحق بشرط أن تأتي به المرأة لستة أشهر من يوم نكاحها و إلا اعتبر ابن زنى، و ابن الزنا لا يصح استلحاقه، غير أن ما نعيبه على هذا الحكم أنه اعتبر مدة الحمل من يوم النكاح لا من تاريخ إبرام العقد و بذلك يكون خالف ما نصت عليه المادة 154 في فقرتها الأولى التي جاء فيها: "يثبت نسب الولد بفراش الزوجية: 
1-إذا ولدت لستة أشهر من تاريخ العقد و أمكن الاتصال، سواء أكان العقد صحيحا أم فاسد" 
أما فيما يخص السؤال الثاني: 
المادة 16 تفيد أنه لا مانع من إثبات علاقة الزوجية بتوافر ظروف معينة، في هذه الحالة ستعتبر بمثابة خطبة نتج عنها الحمل، وما نصت عليه المادة 156 المتعلقة بالخطبة تجعل الوسيلة قرينة على ثبوت النسب لأن الاغتصاب لا يثبت به النسب، و بما أنه لا يلحق النسب فدعوى نفي النسب غير واردة، أي أن الولد في هذه الحالة ستقتصر بنوته على أمه، وعدم لحوق الحمل بالنسبة للمغتصب ليس إعتباطا و إنما يستند في المدونة إلى عدة نصوص منها على الخصوص مقتضيات المادة 144 والمادة 148 والمادة 152. وباستقرائها فإنه ليس هناك ما يشير إلى الاغتصاب لا من قريب ولا من بعيد وبالتالي تبقى بنوة الولد في هذه الحالة شرعية للأم و حدها طبقا لما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 147. 
أما ما يهم السؤال الثالث المتعلق بالتعدد، فإن المحكمة لا تأذن بالتعدد حسب المادة 41 م.أ إلا إذا أثبت لها المبرر الموضوعي والاستثنائي (طالبة له الموارد الكافية لإعالة الأسرتين، عدم قدرة الزوجة على الجماع مثلا بعد خضوعها لعملية جراحية، موافقة الزوجة الأولى "المادة 42"...) يدفع الزوج تحت هذه الشروط التضييقية إلى التحايل على القانون كالإدلاء بشهادة العزوبة لتوثيق عقد الزواج، فإنه لا يوجد ما يعيب النسب لأنه سيعتبر صحيحا و قارا للولد ولا يمكن نفيه لأنه ابن الصلب، فالتحايل على القانون لا يعيب النسب، لأنه حق ثابت بقوة القانون شرعا و قانونا بتوافر أسبابه (الفراش، الإقرار، الشبهة). ونشير إلى أن نفي النسب لا يكون بحكم قضائي تبعا لما نصت عليه المادة 151 م.أ، غير أن حالة التعدد غير الموثق فلا نسب لاحق فيها خاصة بعد وفاة الزوج الذي لم يقر بنسب ابنه مما يصح معه نفي النسب لكل من له مصلحة مشروعة لأن الوسيلة المعتمدة قانونا هي عقد الزواج الموثق توثيقا مخاطب عليه من طرف قاضي الأسرة. وفي ظل غيابه فإننا نرى أنه يصح الإقرار في هذه الحالة بنسب الولد الذي يكون من صلب الأب في حياته وبالتالي يلحقه النسب وتترتب كافة آثاره الشرعية و القانونية حقيقة وحكما لا ينازع منازع. وإن كان للزوجة الأولى سلك مسطرة الشقاق في حالة عدم قبول التعدد لأنه تبقى حقوقها القانونية قاصرة في هذه الحالة على و لا دعوى لنفي النسب تتأكد معه القاعدة الشرعية " الأصل في الشرع ثبوت النسب". 
المطلب الثاني: أن تأتي الزوجة بالولد لأقل من ستة أشهر 
يستمد ق.م.أ شرعيته من فقه الشرعة من حيث الجوهر بوجه عام، لذا يلاحظ اتفاق النوازل وقانون م.أ والاجتهاد القضائي في اعتبار ستة أشهر هو الحد الأدنى للحمل حتى ينتسب الولد لأبيه ما لم يلاعن فيه، فإذا لاعن انتفى نسب الولد لأبيه كما سيأتي. وهكذا فمن أتت بولد لأقل من ستة أشهر لم يلحق نسبه بالأب دونما حاجة اللعان لتخلف شرط أمد الحمل و هو ستة أشهر ما لم تكن شبهة. 
فقد ورد في ق.م.أ المغربي أن أقل مدة الحمل هي ستة أشهر، فإذا ولد الولد بعد مضي هذه المدة من تاريخ العقد فهو للفراش متى توفرت شروطه الباقية، كما نصت المادة 154 مما يستشف معه أن المادة 154 تنص على المدة المعتبرة شرعا في ثبوت النسب، والتي تحتسب من تاريخ إبرام العقد و ليس من تاريخ الدخول، وعليه فمتى ولدت الزوجة قبل مرور ستة أشهر من تاريخ العقد فإن النسب لا يلحق الزوج كقاعدة عامة بل وإن نفي الولد لا يحتاج إلى اللعان، كما جاء في قرار للمجلس الأعلى:"الوضع لأقل من ستة أشهر...ينفي النسب يفسخ النكاح" . 
فإذا كانت لازمة الوضع يجب أن تأتي من تاريخ العقد داخل ستة أشهر المعتمدة فقها وقانونا وليس كما هو الشأن لحالة من كانت حاملة بولد حالة العقد عليها لأنه لا يعتد بواقعة الحمل المثبتة للنسب والتي تعطي الحق في نفيه أيضا إذا جاءت به قبل تاريخ العقد عليها أو حتى من تاريخ العقد عليها قبل ستة أشهر المقررة لأن حملها سيكون خرق القاعدة المأخوذ بها شرعا والمنصوص عليها قانونا. 
وما يجب الإشارة إليه في هذا الصدد أن الحكم بفسخ النكاح إلى جانب الحكم بنفي النسب في حالة الوضع أقل من ستة أشهر يكون من تاريخ العقد أما فسخ النكاح لعقده فيترتب عنه لحوق نسب الأبناء إذا مضى على العقد أكثر من ستة أشهر. وهو ما نصت عليه قاعدة المجلس الأعلى التي جاء فيها: 
" - فسخ النكاح الفاسد لعقده يترتب عنه لحوق نسب الأبناء، إذا مضى على العقد أكثر من ستة أشهر. 
- جاء في المدونة الكبرى للإمام مالك في كتاب النكاح الرابع وفي النوازل الكبرى للوزاني ج 2 ص 453 أن من زنى بامرأة ثم تزوجها في فترة الاستبراء فإن النكاح يفسخ بدون طلاق ويلحق به الولد إذا أتت به لستة أشهر من العقد، وقال مثله ابن رشد و غيره" . 
إلا أنه يمكن تقويم هذا التصور بملاحظة بسيطة خلاصتها أن شرط أقل مدة الحمل لم يعد بالصرامة التي كان بها، ما دام أن الحمل يلحق بالخاطب في إطار المادة 156، ذلك أن الزوجة التي قد تضع دون احترام أقل مدة الحمل يمكنها أن تتمسك بأن الاتصال بها من طرف الزوج كان في فترة الخطبة وليس بعد إبرام العقد، وهذه مسألة و جدت لها صدى في قرار المجلس الأعلى جاء فيه: 
"...بمقتضى المادة 154 من مدونة الأسرة، فإن الولد يثبت بفراش الزوجية إذا ولدت لستة أشهر من تاريخ العقد كان الاتصال ممكنا، سواء أكان العقد صحيحا أو فاسدا. ولما كان الولد المطعون في نسبه للطالب ولد بعد شهرين من تاريخ العقد، فأنه ولادته قد وقعت خارج الأجل المحدد في المادة المذكورة، كما أن المطلوبة لم تثبت ما يفيد وجود خطبة فيما بينها وبين الطالب، فضلا عن أن الحمل الذي ظهر بها خلال الفترة السابقة للعقد،على فرض أنها فترة خطوبة، فإنه لا يلحق بالطالب إلا بإقراره طبقا للمادة 156 من نفس القانون..." . 
يستخلص معه أن حتى هذه الحالة تطلب شرط إقرار الزوج بواقعة الحمل طبقا للمادة 156 م.أ مما يفيد أن المشرع وإن ترك باب الإثبات مفتوحا في واقعتي الحمل و الولادة لأنه متشوف للحوق النسب، فإن هذا الباب يجد نصوصا تقف له بشروط متطلبة قانونا حتى يصح لحوق النسب وإثبات الحمل أو نفيه بحكم قضائي يكون رهينا بإثبات مسبق. 
أما شرط أقصى مدة الحمل فتؤطره المادة 154 م.س التي لن يسعنا إستخلاصها هنا إلا خلال المطلب الثالث المتعلق بها. 
المطلب الثالث: أن تأتي الزوجية بالولد بعد أكثر من سنة من تاريخ انتهاء الزواج. 
إن منطلق الإشكالية التي سنبني عليها هذا المطلب ستتأسس بناء على الفصلين 135 و 154 م.أ، فما نصت عليه المادة 135 التي حددت أقصى أمد الحمل في سنة من تاريخ الطلاق أو الوفاة، جعلت الحالات المتعلقة بمدة الحمل على سبيل الحصر . أما ما نصت عليه المادة 154 بخصوص أقصى مدة الحمل في سنة من تاريخ الفراق يتوافق مع أقصى أحد الحمل كشرط محدد لمدة الحمل في السنة. 
غير أن الملاحظ بخصوص هاتين المادتين سواء ما يتعلق بالفراق الذي حددته المادة 135 في الطلاق أو الوفاة على سبيل الحصر لا يتوافق مع ما نصت عليه المادة التي نصت على الفراق وجعلته مفتوحا. يستشف منه أن المادتين لا يتعارضان بخصوص مدة الحمل ويتوافقان بخصوص إحالتهما على الرابطة الزوجية التي قد تجمع بين رجل وامرأة يفيد في ذلك إمكانية حدوث الإفتراق نتيجة الطلاق أو الوفاة، فإن ما نصت عليه المادة 137 يدخل أيضا في هذا السياق، حيث جاء فيها:"إذا توفي زوج المطلقة طلاقا رجعيا وهي في العدة، انتقلت من عدة الطلاق إلى عدة الوفاة". وما نص عليه قرار المجلس الأعلى: 
"لما اعتبرت المحكمة أن الزوجية قد انفصمت عراها بالطلاق ورفضت اعتبار الحجة التي أذلت بها المدعية لإثبات أن الزوج قد ارتجعها فلا يحق لها مع ذلك أن تلحق بالمطلق نسب الولد الذي وضع بعد سنة من تاريخ الطلاق..." . 
و من هنا نتساءل هل المرأة المطلقة رجعيا من خلال احتساب مدة الحمل هل سيتم من تاريخ إبرام العقد ويعتد بقاعدة بعد الستة أشهر من تاريخ العقد؟ أم تحتسب الفترة من تاريخ العقد السابق لأن الطلاق رجعيا، و بالتالي لم يرتب أي أثر ويبقى احتساب المدة من التاريخ الأصلي للعقد؟ هذا قانون وهو ما يهمنا أم شرعا و إن كان لا يختلف مع ما هو مقرر في المدونة فهو لا يختلف أيضا بخصوص المدة المقرونة بالحمل والطلاق، غير أن التوافق في أن المدة يجب أن لا تتعدى سنة. 
ما يخص التساؤل الأول فإن النسب سيلحق الأب بقوة القانون لأن ما نصت عليه قاعدة بعد ستة أشهر المتفق عليها فقها وقانونا والمشروطة أن تكون داخل السنة دون زيادة تؤكد على حماية النسب قانونا، لأنه إذا فاقت المدة سنة فهل سيلحق النسب في هذه الحالة؟ الحل في هذه الحالة هو اللجوء إلى الخبرة لتحديد هل الحمل طبيعي أم مجرد علة . 
أما ما يهم التساؤل الثاني:"الأصل أن الطلاق يوقعه الزوج. وإن كانت المادة 78 م.أ تخالف هذا المقتضى حيث نصت:"الطلاق حل ميثاق الزوجية، يمارسه الزوج والزوجة كل بحسب شروطه تحت إشراف القضاء وطبقا لأحكام هذه المدونة". فإن كانت المدونة وافقت بين حق الرجل و المرأة في إيقاع التطليق بتوافر شروطه فإن الإشكال الذي صغنا أعلاه يلقي جوابه حسب منصوص المادة 79 م.أ التي جاء فيها: 
"يجب على من يريد الطلاق أن يطلب الإذن من المحكمة بالإشهاد به لدى عدلين منتصبين لذلك، بدائرة نفوذ المحكمة التي يوجد بها بيت الزوجية أو موطن الزوجة، أو محل إقامتها أو أبرم فيها عقد الزواج حسب الترتيب" يفيد معه أن الطلاق الرجعي لا يقع أصلا، أي لا يعتد به قانونا إلا بالإشهاد عليه من عدلين منصبين لذلك بإذن من المحكمة يظهر جليا أن الحمل سيحسب من تاريخ العقد والنسب يلحق الزوج و لكن بشرط أن تأتي الزوجة بالولد بعد ستة أشهر دون أن تتجاوز سنة وإلا تعتبر دعواها باطلة أي سيتم نفي النسب. 
ومما تجدر الإشارة إليه أن قواعد المطلقة رجعيا تنطبق على المعتدة وفاة لأن تاريخ العقد كشرط يحدد نطاق مدة الحمل دون تجاوز أقصى أمد الحمل التي وهو السنة. فالإتيان بالولد خارج السنة لا يرتب أي أثر ولا مجال للحديث عن دعوى إثبات النسب التي ستعدوا باطلة فبالأحرى دعوى نفي النسب. مما يستنتج معه أن توافر شرط السنة دون الزيادة يتوافق مع مقتضيات مدونة الأسرة والاجتهاد القضائي المغربي من خلال القرار أعلاه. 
ولنرجع إلى الفقرة الأخيرة من المادة 154 التي جعلت الفراق غير وارد على سبيل المثال أو الحصر ولم تقتصر حالاته على الطلاق أو الوفاة كما هو الشأن للمادة 135 م.أ. و لنقف هنا على المادة 53 م.أ التي جاء فيها ما يلي: 
"إذا قام أحد الزوجين بإخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من أجل إرجاع المطرود إلى البيت الزوجية حالا، مع اتخاذ الإجراءات الكفيلة بأمنه و حمايته". 
فالمادة تدخل في سياق ما نصت علي المادة 3 م.أ التي اعتبرت النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق المدونة، فلنفترض هنا حالة من الحالات الممكنة نتيجة الافتراق غير الوارد على سبيل الحصر ولا المثال في الفقرة الأخيرة من المادة 154 وهي حالة المتزوجة التي ترفض المكوث ببيت الزوجية نتيجة خلاف مستحم مع الزوج قررت معه الخروج من بيت الزوجية أو مطلقة أو معتدة لم تحبذ فكرة المكوث ببيت الزوجية فما محل النسب في هذه الحالة؟ و هل يحق للزوج الدفع بنفي النسب؟ وهل سيقتصر دور النيابة العامة كفاعل أصلي على إرجاع الزوجة بقوة القانون أم سيطال الزوج المطرود كذلك؟ وهل يصح أن تتدخل النيابة العامة في قضايا النسب؟ وكيف سيتم احتساب مدة الحمل الناتج عن هذه الفترة. وما علاقتهما بالنسب؟ 
فأما ما يهم المكوث ببيت الزوجية فهو حق ثابت للمرأة بقوة القانون وخرقه من طرفها يعطي الحق للزوج في نفي النسب و المحكمة ستعتد بوسيلة لأن التنصيص على المكوث ببيت الزوجية إلى حين البت في الطلب من المحكمة يحمي المرأة خصوصا لأنها فترة تعتبر دليل براءة من الشبهات التي قد تلحقها واتهامات الزوج بالخيانة، فهي تستبرئ الرحم يثبت معها حق الولد في النسب، فقد نصت قاعدة حكم قضائي على ما يلي: 
"- إقرار الزوجة بتواجدها خارج بيت الزوجية يجعل شروط قاعدة الولد للفراش غير متوفرة. 
- نفي نسب البنت لعدم إمكانية الاتصال بين الزوجين – نعم. 
- الزوجة تتعاطى الدعارة، وصرحت بأن البنت ليست إبنة زوجها" . 
وأما ما يهم النيابة العامة فهي فاعل أصلي بنص صريح في كل ما يتعلق بقضايا الأسرة. فما تخوله المادة 3 من سلطة للنيابة العامة تجعل تدخلها لإرجاع "المطرود" يفيد معه سواء الزوجة أو الزوج. 
فلنفترض أن المطرود هو الزوج فهذا سيعتبر قرينة قاطعة تدفع به إلى نفي النسب و التشكيك في الحمل الذي قد يظهر بالزوجة، و بالتالي تكون وسيلته لها أساس قانوني لأننا بنينا استنتاجنا هذا على القاعدة أعلاه بمفهوم المطابقة. 
أما ما يتعلق باحتساب مدة الحمل في كلتا الحالتين فإننا نعمد إلى القول بتاريخ العقد كما هو مقرر قانونا حسب منطوق المادة 154 م.أ وإن كان للمتضرر الدفع بدعوى نفي النسب بتوفر شروطها حتى تعتبر صحيحة ولا تقضي المحكمة برفض الطلب. 
تبقى الإشارة إلى حالة السجين والمفقود كخالتين نرى بأنهما يدخلان ضمن ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 154 من تاريخ الإفتراق. 
فالإفتراق قد يكون لغيبة إرادية عن محض طواعية و اختيار أو غيبة قسرية عن طريق الجبر والإكراه كما هو الشأن لحالة السجين والمفقود. 
أما ما يهم الغائب: المادة 104 م.أ نصت:"إذا غاب الزوج عن زوجته مدة تزيد عن سنة أمكن للزوجة طلب التطليق". 
فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا، ما محل النسب في هذه الحالة؟ وهل يحق للزوج الغائب العائد بعد سنة أن يطعن في النسب أي رفع دعوى نفي النسب؟ 
طلب الزوجة التطليق لا يقع إلا بعد استنفاذ المحكمة كل الوسائل للتأكد من هذه الغيبة و مدتها، فنجد حالتين: 
أ-الحالة الأولى: الزوج المعروف العنوان تبلغه المحكمة مقال الدعوى للجواب عنه مع إشعاره بأنه في حالة ثبوت الغيبة، بالتطليق، ستحكم بالتطليق إذا لم يحضر للإقامة مع زوجته أو لم ينقلها إليه. 
ب- الحالة الثانية: ما نصت عليه المادة 105 م.أ بخصوص الغائب المجهول العنوان. فالمحكمة تتخذ سائر ما تراه مناسبا بمساعدة النيابة العامة من إجراءات تساعد على تبليغ دعوى الزوجية إليه بما في ذلك تعيين قيم عنه، فإن لم يحضر طلقتها عنه. 
لنفترض أنه بعد مرور سنة عاد الزوج الغائب سواء المعروف العنوان أو المجهول العنوان لينازع في النسب؟ بما أن الزواج كان ثابتا بوثيقة زوجية مخاطب عليها من طرف قاضي الأسرة فالقول سيكون من تاريخ العقد. أي الزوجة الحامل التي أتت بولدها داخل المدة المعتبرة شرعا أي في ستة أشهر دون نقصان و لو بيوم واحد و دون مرور أقصى أمد الحمل الذي هو سنة كما نصت على ذلك المادة 154 م.أ وما أكدته فقرتها الأولى :"يثبت النسب بفراش الزوجية". 
1- إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد و أمكن الاتصال، سواء كان العقد صحيحا أو فاسدا". 
يجعل النسب لاحق بالزواج الغائب بقوة القانون ولا دعوى لنفي النسب في هذه الحالة فقد جاء في أحد الأحكام القضائية ما يلي: 
"حيث إنه من شروط إثبات النسب بالفراش أن يولد لستة أشهر من تاريخ العقد وأقصاه سنة من تاريخ الفراق سواء كان الزواج صحيحا أو فاسدا و إمكانية الاتصال. 
وحيث إن الثابت من شهادة الولادة المؤرخة في 31/12/2003 الصادرة من مندوبية الصحة بأكادير أن الزوجة المدعى عليها رزقت بولد ذلك في 05/10/2001. 
وحيث إن الثابت من سجل الاعتقال المستدل به أن الزوج المدعي حكم عليه بستة سنوات حبسا نافذا من طرف استئنافية تطوان وأدرج بسجل الاعتقال في 10/04/1997 تحت عدد 55093، وأفرج عنه في 22/2/2002 بعد أن قضى ستة أشهر من الإكراه البدني، وتاريخ بداية اعتقاله هو 12/8/96 حسب بطاقة الإفراج. 
وحيث إن الزوجة و عند الاستماع إليها من طرف المحكمة، صرحت بأنها تتصل بزوجها اتصال الزوج مع زوجته من 5/12/96 إلى 22/02/2002 وكانت تزوره وراء القضبان وأن الإبن ليس من صلبه وهو من غيره. 
وحيث إن الطفل لم يكن ناتجا عن فراش الزوجية ولم يكن هناك أي اتصال بين الزوجين لوجود الزوج في حالة إعتقال و إقرار الزوجة بالزنا، لأجله فإن شرط الإتصال غير متوفر، وبذلك فإن النسب غير لاحق ويتعين التصريح بذلك" . 
يجعل شرط الاتصال قائما بثبوته، و هو ما يوافق حكم ابتدائية الرشيدية الذي نص على مل يلي: 
"حيث يهدف المدعي إلى التصريح بنفي النسب ابن المدعى عليها عنه، و احتياطيا الأمر بإجراء خبرة قضائية. 
وحيث أجابت المدعى عليها بما هو مفصل أعلاه. 
وحيث إن العلاقة الزوجين بين الطرفين ثابتة بمقتضى الأحكام القضائية المدلى بها والمشار إلى مراجعها صدر الوقائع، والتي تشير إلى وجود عقد زواج بينهما كما تمت الإشارة إلى مراجعه. 
وحيث إنه بمقتضى المادة 153 من مدونة الأسرة فإن الفراش بشروطه يعتبر حجة قاطعة على ثبوت النسب لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان أو بواسطة خبرة تفيد القطع بشرطين، إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على إدعائه و صدور أمر قضائي بهذه الخبرة. 
وحيث إنه تبعا لذلك لا يمكن للمحكمة أن تأمر بإجراء خبرة طبية إلا إذا عزز الزوج إدعائه بقرائن قوية ترجح صدقه فيه، هو ما ينعدم في نازلة الحال على اعتبار أن هذا الأخير لم يثبت أنه كان مسافرا أو غائبا عن زوجته منذ تاريخ اقترانه بها، فضلا عن انه في حال ثبوت ذلك فإن السفر داخل المغرب لا يمنع اتصال الزوج بزوجته و لا يفيد استحالة ذلك. 
وحيث إن المادة 161 من نفس...تتعلق بالإقرار و الإستلحاق... 
وحيث طلما أن الابن ازداد بتاريخ 23 مارس 2004 بعد أكثر من ستة أشهر من تاريخ العقد فإنه ينسب لأبيه بفراش الزوجية طبقا للمادة 154 م.أ..." 
يجعل النسب لاحق بالزوج الغائب و لا دعوى لنفي النسب في هذه الحالة. 
أما ما يخص السجين. فقد أومأنا له أعلاه بالحكم السابق، ولكن ذلك لن يمنعنا من التساؤل التالي: هل يلحق السجين بالغائب في مجال النسب؟ 
لقد جاءت المادة 106 م.أ صريحة بصدده، بحيث: 
"إذا حكم على الزوج المسجون بأكثر من ثلاث سنوات سجن أو حبس، جاز للزوجة أن تطلب التطليق بعد مرور سنة من إعتقاله، وفي جميع الأحوال يمكنها أن تطلب التطليق بعد سنتين من إعتقاله" . 
فما محل النسب في هذه الحالة؟ 
الإشكال قد يطرح بعد مرور سنة على الاعتقال، فالحمل الذي قد يظهر بالزوجة يجعلنا أمام إحتمالين: 
الإحتمال 1: الحمل ظهر بالزوجة بعد مرور سنة على اعتقال الزوج وادعت أنه حمل مستمر، في هذه الحالة تعرض على أهل الخبرة لتحديد هل الحمل حمل فعلا أو علة. 
الإحتمال 2: ادعاء الزوجة بأنها حامل من زوجها بتوفر إمكانية الاتصال معه، أي أثناء الزيارة السجنية، في إطار الخلوة الشرعية. فإنه بتوفر شرط الاتصال فإنه لا دعوى لنفي النسب في هذه الحالة (أنظر القرار السابق). 
يتضح معه أنه أقصى أمد الحمل في سنة يستقيم مع ما قررته الاجتهادات القضائية والنصوص المتعلقة بحالة الغيبة والسجن، لأن الأخذ بالقول في النسب تحكمه أقل مدة الحمل وهي ستة أشهر وأقصى أمد الحمل وهو سنة، مع ضرورة توافر رابطة الزوجية (الفراش) التي لا ينازعها شيء تجعل منها وسيلة و قرينة على ثبوت النسب في هذا الإطار. 
أما ما نصت عليه المادة 154 المتعلقة بالخطبة فحتى اعتبار هذه الثغرة لاعتماد المادة 16 م.أ من أجل توثيق الزواج يكون مشروطا بأن يقع الحمل من يوم اشتهار الخطبة لا قبله كي يعتد به قانونا وهو ما نص عليه الحكم القضائي التالي: 
"وحيث إن المدعية ترمي من وراء دعواها الحكم بلحوق الابن إلى والده المدعى عليه، والذي ارتبطت به وحملت منه بعد أن قام بخطبتها من والديها ومكنته من نفسها بعد أن وعدها بإتمام إجراءات عقد الزواج بعد الحصول على الموافقة من زوجته الأولى. 
وحيث إن المحكمة أجرت بحث...بأنه قام بخطبتها بمقر سكناها لوحده بمحضر والدتها و أخيها وابنة عنها، وبعدها أصبحت تتردد عليه بمحل الخياطة وحملت منه و وضعت مولودا ذكرا بتاريخ 14/06/2004 وأضافت على أنه قام بخطبتها لمدة أربعة أشهر وقد وعدها بالزواج و لم يف بوعده. 
وحيث إن المدعى عليه صرح بجلسة البحث بأن جميع إدعاءات المدعية غير صحيحة. وأنه لم يتصل بها وتعرف عليها منذ ست سنوات بحكم ترددها على محله المعد للخياطة ولم يقم بخطبتها ونفى نسبه المولود إليه جملة وتفصيلا. 
وحيث أن الفصل 156 م.أ ينص على أنه إذا تمت الخطوبة وحصل الإيجاب والقبول وحالت ظروف قاهرة دون توثيق العقد وظهر حمل بالمخطوبة ينسب للخاطب للشبهة إذا توفرت الشروط الآتية: 
- إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما. 
- إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة. 
- إذا أقر الخطيبان أن الحمل منها. 
وحيث إن المدعى عليه نفى قيامه بخطبة المدعية و نسب الابن إليه... 
وحيث...إن طلب المدعية و الحالة هذه غير مؤسس قانونا ويتعين الحكم برده" . 
يستنتج معه أن تاريخ الافتراق الراجع إلى الطلاق، الوفاة أو ما عداهما لا يمكنه أن يخرج عن قاعدة أقل أمد الحمل وأقصى أمد الحمل بتوافر إمكانية الاتصال بين الزوج و الزوجة ليعتبر قانونا، ويلحق به النسب لأنه في جميع الأحوال إذا ما تم خرق القاعدة فإنه ينفي النسب بشرط عدم سكوت الزوج أثناء الطلاق بعد علمه بالحمل لأن إدعاءه نفي النسب لا يسمع منه حتى ولو أدلى بشهادة العقم كما نصت على ذلك قاعدة القرار التي جاء فيها: 
"- لما صرحت الزوجة أثناء الطلاق بأنها حامل و سكت الزوج إلى أن ازداد الولد بعد خمسة أشهر من وقوع الطلاق فإن ادعاءه نفي نسب الولد و أنه عقيم لا يسمع منه" . 
العبرة ستكون بالفراش والقول من تاريخ العقد أي احتساب أقل أمد الحمل وأقصاه ولا لعان فيه لأنه لم تتوفر شروطه (الفورية ، مجرد رؤية الزنا لأن الزوج أصلا غائب أو مسجون). و بالتالي فمنازعته في حالة خروجه من السجن يكون رهينا بإمكانية الاتصال أما بعد عودته من الغيبة بالنسبة للزوج معروف العنوان أو مجهول العنوان فقد حددته مسبقا إجراءات التبليغ التي أشرنا إليها وبالتالي النسب يظل ثابتا و قارا للابن و لا دعوى لنفي النسب. 
ولننتقل إلى حالة أخرى تدخل في هذا النطاق هي حالة الخاطب المفقود أو الغائب الذي ترك المخطوبة حاملا. فما هو محل التسجيل في الحالة المدنية في هذه الحالة؟ 
التسجيل في الحالة المدنية غير متصور أصلا في هذه الحالة لأن التسجيل يتطلب الإدلاء بوثائق إدارية يكون من ضمنها عقد النكاح بين الزوجين، كناش التلقيح...و بالتالي يبقى الحل هو محاولة استصدار حكم يقضي بثبوت النسب للمنسوب إليه أولا ثم التسجيل ثانيا. 
غير أنه نود أن نشير أن تصريح المرأة المتزوجة لا يكون إلا بعد عدم الحضور الشخصي للزوج بصفة شخصية للتصريح بأنه المزداد. فحتى في حالة غياب الزوج من بيت الزوجية أو وقوع طلاق فإن الإجراء المعتمد هو استدعاء الزوج لحضور دعوى تقييد الابن في كناش الحالة المدنية . 
ونود أن نضيف إشكالية تهم الطلاق فحتى تصريح المطلقة أثناء الطلاق بأنها غير حامل لا يلزمها إذ العبرة بشروط الفراش لا بذلك التصريح كما نصت على ذلك قاعدة الحكم الإبتدائي رقم 302 الصادر عن المحكمة الإبتدائية بمراكش بتاريخ 24 أكتوبر 2005 ملف عدد 622/8/2005 التي نصت: 
1- تصريح المطلقة أثناء الطلاق بأنها غير حامل لا يلزمها إذ العبرة بشروط الفراش لا بذلك التصريح. 
2- بداية الحمل قد لا تعلم به الزوجة. 
3- يصح استخلاص العلم بالحمل والإقرار بنسبه من الرسالة الإلكترونية التي بعث بها الزوج إلى زوجته بعد الوضع" . 
نعيب على هذا الحكم فقرته الأخيرة أنه إذا كانت المحاكم قد تخلت عن إشعار التبليغ بالرسالة المضمونة لما يمكن أن يقع فيها من تحايل (كالزوجة التي قد تبعث رسالة مضمونة وتحتفظ بالإشعار كقرينة على صدق إدعائها فهل فعلا تم إرسال رسالة تتضمن ذلك أم مجرد رسالة فارغة وغير مكتوبة...)والعكس صحيح، فكيف يمكن اعتماد الرسالة الإلكترونية التي يتسع معها مجال التحايل في ظل عصرنا هذا. فاستخلاص رسالة الزوج للزوجة بعد الوضع عن طريقها لا دليل يفيد أنه فعلا هو المرسل، بل قد تكون الزوجة أو من له مصلحة مشروعة في ذلك. 
بقي لنا في هذا المطلب أن نومئ إلى حالة المرأة التي تصرح بالولادة لدى ضابط الحالة المدنية لمحل وقوعها كما نصت على ذلك المادة 16 من قانون الحالة المدنية فهل حالة التسجيل المقترن بغيبة أو سجن الزوج يعتبر قرينة على ثبوت النسب؟ 
هي إشكالية تلقى جوابها بشكل ضمني طبقا لما نص عليه قرار المجلس الأعلى الذي جاء فيه: 
"حيث ينعى الطاعن القرار في السببين المضمومين لتداخلهما بخرق القانون الفصول 89 و 90 مدون الأحوال الشخصية و 50 من ق.م.م ذلك أن النسب كما يثبت بفراش الزوجية و الإقرار يثبت كذلك بالبينة و أن الطاعن أدلى بموجب نسب تحت عدد 155 إلا أن المحكمة لم تعرض له في حكمها رغم أنه يؤكد كذلك العلاقة الزوجية بين الهالك و والدة الطاعن...، و أن اعتماد المحكمة على الإشهاد بالتبرئة لا موجب له، لأن نفي النسب لا يكون إلا بحكم قضائي، كما أن التسجيل بالحالة المدنية أو عدمه لا يثبت النسب أو ينفيه، و أن تعليل المحكمة بأن الملف خلو من لأي حجة تثبت مطالبة والدة الطاعن بواجب نفقته خلال حياة الهالك لا يستقيم، و إن أفاد الطاعن بجلسة البحث بأن والده كان يرعاه... 
وبذلك فإن القرار المطعون فيه على أساس و معلل تعليلا سليما، فكان ما بالأسباب مجتمعة بدون جدوى مما يتعين معه رفض الطلب" . 
وفي قرار آخر: 
"لكن ردا على ما ورد في أسباب النقض فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما ثبت لها أن الطاعن لم يقم باسبراء مطلقته، و لا بفورية إجراء مسطرة اللعان، و اعتبرت أن العلاقة الزوجية قائمة بين الزوجين...منذ 14/03/2001، و أن المدة ما بين الدخول إلى السجن و الزواج هي خمسة أشهر فأكثر، و أن الطاعن كان يعاشر زوجته معاشرة الأزواج خلال هذه الفترة التي لم ينكرها، و تضمنت تبعا لذلك برفض دعوى اللعان، تكون قد طبقت على نازلة الحال أحكام الفقه و أقامت قضاء ما على أساس سليم، وردت على دفوع الطاعن، فجاء بذلك قرار ما معللا تعليلا كافيا و ما ورد بالأسباب غير قائم على أساس" . 
يستنتج معه أنه يثبت لها هذا الحق لأن الزوج غائب و تم استنفاذ مسطرة التبليغ دون جدوى أو مسجون وتوفرت إمكانية الاتصال بينه وبين الزوجة، فما لم ينازع الزوج في النسب بقرينة تعطيه الحق القانوني في نفي النسب فإن التسجيل في الحالة المدنية سيعتبر حائزا لقوة الشيء المقضي به ولا نفي في الحالة. 
ونود أن نشير إلى الحالة أخرى وهي حالة الكفالة، التنزيل، التبني، الإقرار فما محل النسب في حالة تسجيل إحدى الحالات الأنفة في الكناش الحالة المدنية؟ 
هو تساؤل يلقى جوابه بشكل صريح لدى قرار المجلس الأعلى الذي جاء فيه: 
"لكن ردا على ما أثير في الوسائل، فإن المحكمة لما بنت قرارها على أن سجلات الحالة المدنية لا تعتبر و ثيقة محتكرة لدى الطرف الأخير و حاسمة في النزاع، لأن التسجيل بالحالة المدنية لا يثبت النسب و لا ينفيه عدم التسجيل، بإعتبار أن سجلات الحالة المدنية موجودة بإدارة عمومية و بإمكان كل من له مصلحة أن يطلع عليها متى شاء، و في لأي وقت شاء، و أن...الذي يدعي الطالبون أنه أب للمطلوبة حضر أمام المحكمة، وشهد بعد أداء اليمين أن المطلوبة ليست بنتا له، و أنها جاءت إلى بيته بعد أن تزوج بأمها و هي بنت سنتين، و لم تسجل في إراثة هذا الأخير بعد وفا ته ضمن الورثة على أنها بنته، فإنها تكون قد بنت قضاءها على أساس و عللته تعليلا كافيا و ما بالوسائل يبقى على غير أساس" . 
المبحث الثاني : نفي النسب بواسطة اللعان 
المطلب الأول: مفهوم اللعان وصوره و سنده الشرعي 
الفقرة الأولى: مفهوم اللعان 
اللعان لغة هو الطرد و الإبعاد، وهو مصدر لاعن، ويقال لعنه الله أي أبعده عنه فهو لعين و ملعون. 
اللعان شرعا: قذف الزوج زوجته بالفجور أي اتهمها بالزنا. واللعان هو شهادة أربع مقرونة من جانب الزوج باللعن، ومن جانب الزوجة بالغضب، وحسب الفقيه المالكي ابن عرفة هو:"حلف الزوج على زنا زوجته أو نفي حملها اللازم له، وحلفها على تكذيبه إن أوجب نكولها حدها بحكم خاص" وحسب الفقيه المالكي إبن فرحون :"حقيقة اللعان يمين الزوج على زوجته بالزنى أو نفي حملها أو ولدها و يمين الزوجة على تكذيبه". 
الفقرة الثانية: صور اللعان 
اللعان يجب ألا يتم إلا بحكم يصدر عن سلطة القضاء، وبناءا على طلب الزوج في حالتين: 
أ- أن يدعي أن زوجته تزني . 
ب- أن ينفي حملها عنه. 
و لهاتين الصورتين يشير إبن عاصم الغرناطي: 
وإنما للزوجين أن يلتعنا **** لنفي حمل أو لرؤية الزنا 
وإلى هاتين الصورتين يشير العلامة ابن رشد القرطبي في بداية المجتهد ونهاية المقتصد: 
"وأما صور الدعوى التي يجب بها اللعان، فهي أولا صورتان: إحداهما دعوى الزنا و الثانية دعوى نفي الحمل. و دعوى الزنا لا يخلو أن تكون مشاهدة، يعني أن يدعي أنه شاهدها تزني كما يشهد الشاهد على الزنا، وأن دعوى مطلقة. و إذا نفى الحمل فلا يخلو أن ينفيه نفيا مطلقا، وأن يزعم أنه لم يقر به بعد استبرائها..." 
ومعناه أن دعوى اللعان لا تكون بدون سبب تؤسس عليه . 
الفقرة الثالثة: السند الشرعي للعان 
واقعة اللعان تحكمها الآيات 6 و 7 و 8 و 9 المتضمنة في سورة النور، كما رواها العلامة ابن رشد القرطبي- الحفيد-، وحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقلا عن الإمام مالك، أنه:"...جاء إلى عاصم بن عدي العجلاني رجل من قومه فقال له: يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه؟ أم كيف يفعل؟ سل يا عاصم في ذلك رسول الله صلى عليه وسلم، فسأل عاصم عن ذلك رسول الله، فلما رجع عاصم إلى أهله جاء عويمر فقال: يا عاصم، ماذا قال رسول الله (ص)؟ فقال: لم تأتني بخير، قد كره رسول الله (ص) المسألة التي سألته عنها. فقال: والله لأنتهي حتى أسأله عنها. فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله (ص) وسط الناس فقال: يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله: قد نزل فيك وفي صاحبتك قرآن فاذهب فآت بها. قال: سهيل:فتلاعنا،وأنا معا الناس عند رسول الله (ص)، فلما فرغ من تلاعنهما، قال عويمر كذبت عليها رسول الله إن أمسكتها فطلقها بثلاث قبل أن يأمره بذلك رسول الله..." . 
والراجح في الفقه المالكي أن تطبيق مسطرة اللعان يقتضي أن تكون الزوجة في طهر. 
المطلب الثاني: شروط اللعان و مسطرته الشرعية 
الفقرة الأولى: شروط اللعان 
أولا: ما يختص بالزوج: أن لا يقيم البينة على صدقه في قذفه، فلو أقامها، بأربعة شهود لا يثبت اللعان، ويصح أن يكون الزوج واحدا من هؤلاء الأربعة. 
ثانيا: ما يشترط في الزوجة: أن تكون منكرة للزنا الذي اتهمت فيه، فلو أقرت به لا يجب اللعان و يلزمها الحد. 
وأيضا يشترط أن تكون عفيفة عن الزنا و الشبهة، فلو لم تكن كذلك وقذفها الزوج كانت بعدم عفتها مصدقة للزوج فيما قذفها به. 
ثالثا: ما يشترط فيهما معا: أن يكونا حرين عاقلين، بالغين، مسلمين، ناطقين، غير محدودين في قذف. 
يستنتج معه أن هذه الشروط هي المتطلبة قانونا غير أن اللعان لا يتم عادة إلا بواسطة حكم يصدره القضاء بناءا على دعوى يقيمها الزوج، وفقا للقواعد الإجرائية العامة المضمنة بقانون المسطرة المدنية، ما لم توجد نصوص خاصة في م.أ . فالمحكمة لا تقضي باللعان إلا بعد تيقنها من شروطه وهي: 
1- في حالة اللعان بسبب الزنا يشترط أن تكون الزوجة في العصمة إما حقيقة أو حكما، أي في العدة من طلاق رجعي أما في حالة نفي الحمل فيشترط فقط أن يكون هذا الحمل لاحقا بالملاعن، كما هو الحال في الاتصال في حالة الشبهة و الزواج الفاسد . 
2- أن لا يتصل الزوج بزوجته بعد استقراره على ملاعنتها، وأن يقوم باستبرائها بحيضة واحدة في قول للإمام مالك أو بثلاث حيضات في قول آخر له. فإذا اتصل بها بعد اتهامه لها بطلت دعوى اللعان من أساسها فقد جاء في قرار المجلس الأعلى ما يلي: 
"حيث صح ما عابه السبب، ذلك أن الفراش يكون حجة قاطعة على ثبوت النسب، شرط تحقق الإمكانين العادي و الشرعي ، و الثابت من أوراق الملف أن الطاعن نازع في نسب الإبن، و ادعى أنه لم يتصل بالمطلوبة منذ ازدياد الإبن الأول، أي أنه استبرأها بعد هذا الوضع و أدى يمين اللعان على ذلك، في حين رفضت المطلوبة أداءها رغم توصلها، كما رفضت الحضور أثناء أدائه اليمين، و رفضت كذلك الخبرة، و التمس إجراء خبرة قضائية لإثبات عدم نسبة المولود إليه و التمسك بها، و المحكمة لما عللت قرارها بأن الخبرة ليست من وسائل نفي النسب شرعا في حين أن المادة 153 من م.أ النافذة المفعول بتاريخ القرار المطعون فيه، و الواجبة التطبيق و التي تنص على أن الخبرة القضائية من وسائل الطعن في النسب إثباتا أو نفيا، تكون قد أقامت قضاءها على غير أساس، و لم تعلله تعليلا سليما مما يعرضه للنقض" . 
3- يجب ألا يكون الولد غير لاحق شرعا بالزوج، كما لو أتت به الزوجة لأقل مدة من أدنى أمد الحمل بعد العقد عليها، وهو ستة أشهر، أو لأكثر مدة من أقصى أمد الحمل، وهو سنة بعد الفراق. 
فقد جاء في أحد القرارات ما يلي: 
"لكن حيث أن المادة 154 من م.أ تنص على أنه يثبت نسب الولد لفراش الزوجية إذا ولد لستة أشهر من تاريخ العقد و الثابت من أوراق الملف أن الولد...ازداد على فراش الزوجية بتاريخ 03/02/2001 أي بعد ستة أشهر من تاريخ العقد الذي أبرم بتاريخ 28/07/2000 و المحكمة لما ردت دفوع الطاعن بعلة أن الفراش يعتبر حجة قاطعة على النسب بصريح المادة 153 من م.أ، و أن الطاعن لم يدل بأي دليل قوي على إدعائه و أن الشهادة الطبية المدلى بها ليس هناك ما يفيد أنها تتعلق بالمطلوبة، و قضت على النحو المذكور، تكون قد بنت قضاء على أساس، و عللت قرارها تعليلا سليما، و فيما يتعلق بطلب إجراء خبرة فإن إثارته لأول مرة أمام المجلس الأعلى دون سبق طلبه أمام محكمة الموضوع غير مقبول لذلك يتعين رفض الطلب . 
و في قرار آخر: 
"إذا كانت الولادة خارج الأمد المقرر شرعا و قانونا،فلا يلحق معها النسب، و لا تكون المحكمة في حاجة إلى الإستجابة لطلب إجراء خبرة طبية ما دام قد تم إبرام عقد الزواج. 
لكن حيث إنه لما كنت مقتضيات المادة 154 م.أ تنص على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر من تاريخ العقد و كان البين من أوراق الملف أن الطالبة وضعت حملها بتاريخ 16/12/2000، و الأقل من ستة أشهر إبرام المبرم بتاريخ 20/10/2000، فإن المحكمة لما اعتبرت أن الولد...غير لاحق بنسب المطلوب في النقض الذي ينفيه عنه تكون قد طبقت المادة المحتج بها تطبيقا صحيحا، و لم تكن في حاجة إلى إجراء خبرة طبية في هذا الشأن، ما دام قد تم إبرام عقد الزواج، الأمر الذي يجعل تطبيق مقتضيات المادة 155 م.أ مستبعدا، مما كانت معه الوسيلة بدون أساس." . 
الفقرة الثانية: مسطرة اللعان 
يكون اللعان أما القاضي بعد أن ترفع الزوجة أمرها إليه، فيسأل القاضي الزوج عن القذف، فإن أقر به، و أنكره وأقامت الزوجة البينة عليه، أجرى القاضي اللعان بينهما، فيقول للزوج قل:"أشهد بالله أني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان من الزنا، ثم يكررها أربع مرات، ثم يقول له في الخامسة: قل علي لعنة الله إن كنت من الكاذبين فيما رميت به فلانة بنت فلان من الزنا. فإن أبى حبسه حتى يلاعن أو يكذب نفسه فيثبت عليه الحد.أما إن قالها، طلب القاضي من الزوجة أن تقول:"أشهد بالله أن زوجي فلان بن فلان لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا، أربع مرات، ويقول لها في الخامسة قولي: وعلي غضب الله إن كان من الصادقين. فإن أبت حبسها القاضي حتى تلاعن وتصدق الزوج في اتهامه. فإن صدقته، سقط اللعان عنها و ليس عليها حد، لأن حد الزنا في حالة الإقرار لا يثبت إلا إذا اعترفت اعترافا صريحا على مرات أربع، و هي لم تعترف صراحة بذلك. 
ونشير أن المحكمة التي رفعت دعوى اللعان أمامها تستدعي الطرفين - أي الزوج و الزوجة - وفقا للقواعد المضمنة في قانون م.م، و تطبق بصددها الأحكام المضمنة في آية الملاعنة المنصوص عليها في سورة النور . 
وصورة اللعان كما نظمها جانب هام من الفقه المالكي، تكون على الكيفية الأتية: 
يقول القاضي للملاعن :"قل أشهد بالله لرؤيتها تزني ورأيت فرج الزاني في فرجها كالمرود في المكحلة، و ما وطئتها بعد رؤيتي"، أو يقول الملاعن: "لقد زنت وما وطئتها بعد زناها" هذا إذا كان الزوج راميا لزوجته بالزنا، أما إذا كان يريد نفي الولد الذي في بطنها أو الحمل فيقول:"أشهد بالله لقد إستبرأتها ما وطئتها بعد، وما هذا الحمل مني، مشيرا إليه، فيحلف بذلك أربع مرات و يقول في كل يمين منها: وإني لمن الصادقين في قولي هذا عليها، ثم يقول في الخامسة: علي لعنة الله إن كنت من الكاذبين أو إن كنت كاذبا فيما ذكرت عنها"، فإذا قال ذلك سقط عنه الحد - حد القذف - و انتفى عنه الولد. 
وبعد أن ينتهي الزوج من لعانه المذكور أعلاه تقوم المرأة بعد ذلك فتحلف بالله أربع أيمان تقول فيها:"أشهد بالله انه كاذب أو أنه لمن الكاذبين فيما إدعاه وذكره عني" و إن كانت حاملا قالت:"وإن حملي هذا منه" ثم تقول في الخامسة:"وعلي غضب الله إن كان صادقا أو إن كان من الصادقين في قول ذلك". 
المطلب الثالث: حكم النكول عن اللعان 
متى رفض الزوج المتهم لزوجته بالزنا أو الذي ينفي أن تكون حاملا منه تأدية القسم الخاص باللعان كلا أو بعضا بحيث لم يحلف مثلا الأيمان الخمسة المفروضة جميعها، فإن جمهور الفقهاء يرون حبسه حتى يلاعن زوجته بكيفية صحيحة، فإن امتنع وأصر على إمتناعه فيجب أن يحد بسبب القذف، وتبقى الزوجة في عصمته على الشهور، ويلحق به الحمل أو الولد. 
وإذا نكلت الزوجة عند أداء أيمان اللعان كلا أو بعضا فإنها تحد للزنا و ينفى الولد عن الزوج الملاعن، كما أن الزوجة تبقى في عصمته لأن اللعان لم يتم. 
وفي الفقه المالكي دائما، و حسب الإمام ابن القاسم أن إذا لاعن و حدث أن توفيت الزوجة قبل أن تلتعن فإنه يرثها ما دامت في عصمته لأن اللعان لم يتم كاملا، و يرى الإمام مالك أن الزوج متى إلتعن ثم مات فإنه يجب على الزوجة أن تلتعن لتدرأ عنها العذاب، أي حد الزنا، فإن نكلت فإنها ترث زوجها لأنها بقيت في عصمته، ما دام إن اللعان لم يتم و إذا كانت تعرض نفسها لحد الزنا بسبب نكولها. 
المطلب الرابع: آثار اللعان 
إذا تمت و انتهت إجراءات اللعان بتأدية أيمانها كاملة ومن الطرفين داخل المحكمة، فرق القضاة بين الزوج وزوجته و اثبتوا ذلك في حكمهم، كما أثبتوا نفي النسب عن الزوج أن كان اللعان يرمي إلى تلك الغاية. واللعان متى تحققت شروطه القانونية يسقط الحد بإجماع جميع المذاهب الفقهية، وفي يقول ابن رشد القرطبي:"اللعان إنما شرع لدرء الحد". 
والظاهر أن الحد إنما يسقط بالشك الذي يلابس واقعة اللعان عادة، حيث لا ندري أي المتلاعنين على صدق و أيهما على كذب، وقد جاء في الحديث الشريف:"ادرءوا الحدود عن المسلمين بالشبهات ما استطعتم فنحن نحكم على الظاهر والله يتولى السرائر" . 
وأهم ما يترتب على اللعان بالإضافة إلى ما سبق بيانه، سقوط النسب عن الزوج من جهة أولى، وعدم إعتبار الحمل أو الولد أنه تخلف عن واقعة زنا من جهة ثانية، ودليل ذلك من الناحية الشرعية أن النبي (ص) قد لا عن بين هلال بن أمية وزوجته وفرق بينهما و قضى بألا يدعي ولدها لأب ولا يرمى و من رماها أو رمى ولدها يطبق عليه حد القذف كما حددها القرآن الكريم في سورة النور. 
نشير في الأخير، أن المذهب المالكي يرى أن الزوج الملاعن إذا ما كذب نفسه طبق عليه حد القذف ولحق به الولد، أما في المذهب الحنفي، وخلافا للمذهب المالكي، فإنه يستطيع دائما أن يرتبط بزوجته من جديد بعد أن يطبق عليه الحد، ذلك أن اللعان في المذهب الحنفي يعبتر سببا للتحريم المؤقت فقط. 
المطلب الخامس: إشكاليات اللعان 
نظرا لأهمية اللعان وما يطرحه من إشكاليات فإن أهمية الموضوع و ما ترتبط به من منازعات تقتصر على الفراش كشرط يوجبه شرعا ويتطلبه قانونا حتى تصبح دعوى اللعان أو الملاعنة لنفي الحمل أو النسب، فإننا سنحاول قدر المستطاع ونظرا لضيق الوقت وتزاحم البحث مع فترة الإمتحانات أن نعرض بإختصار شديد لكل ما يرتبط بتنازع اللعان سواء فيما يخص الوسائل التقليدية المحددة لإثبات النسب ونفيه أو الوسائل الحديثة المستجدة في هذا الإطار دون أن ننسى الإشارة إلى كل ما عداهما و له صلة بموضوع اللعان. 
الفقرة الأولى:التنازع بين اللعان و الوسائل التقليدية في مجال النسب 
لما نصت المادة 152 م.أ على أن أسباب لحوق النسب هي:الفراش، الإقرار، الشبهة. فإنه نستشف منها أن الوسائل التقليدية لثبوت النسب، وبناء عليه فإن منطلق الإشكالية التي سنبني عليها دراسة تنازع اللعان كوسيلة لنفي النسب مع سبل النسب المحددة وفق ما نصت عليه المادة 152 سيكون تبعا كما يلي: 
أ- التنازع بين الفراش واللعان: هل يحتمل أن يكون التنازع بين اللعان كوسيلة لنفي النسب وبين الفراش كقرينة لثبوت النسب؟ 
إن افتراض إشكالية التنازع بين الفراش واللعان لن تغيب إلا في حالة واحدة هي عدم وجود فراش كحجة قاطعة على ثبوت النسب وبالتالي يتعذر نفيه شرعا بواسطة اللعان أو الخبرة الطبية إن توفرت شروطهما، فازدياد الولد على فراش الزوجية وأثناء قيام العلاقة الزوجية يكون قرينة على ثبوت النسب ما لم يسلك الزوج الوسائل المقررة شرعا لنفيه، وبالتالي لا دعوى لنفي النسب عن طريق اللعان لأن من شروط اللعان ضرورة توفر عقد زواج مثبت لقيام علاقة شرعية.وكقاعدة مستنتجة فإنه لا دعوى لنفي النسب بواسطة اللعان إلا بتوافر عقد الزواج. 
هل يصح منازعة الزوج في فراش الزوجية بتوافر عقد زواج ثابت شرعا وقانونا بأي حجة من الحجج و لأي سبب كفيما كان؟ 
أشرنا سابقا أنه ليعتد بدعوى اللعان فإنه يجب توافر فراش الزوجية، و لكن رغم توافر هذا الأخير فإنه يعتبر قاصرا خصوصا عند إدلاء الزوج بحجج قاطعة تمكنه من المنازعة في وبالتالي نفي النسب. فلنفترض مثلا أنه نازع بحجة عدم توفر شرط الإمكانية العادي والشرعي، أي أنه لم يتصل بزوجته منذ ازدياد الابن الأول، بمعنى أنه استبرأها فإن يمين اللعان ستنازع توفر شرط الفراش الصحيح القائم بين الزوجين وبالتالي نفي النسب وهو ما أومأنا إليه ضمن قرارات المجلس الأعلى السابقة لدى عرضنا لإشكالية نفي النسب. 
ب- التنازع بين الإقرار و اللعان: لما كان الإقرار يثبت به النسب من غير حاجة إلى بيان السبب من زواج أو اتصال بشبهة شرط أن لا يصرح المقِر بأن الولد المقِّر بنسبه من الزنا كما هو مقرر و أيضا شرط انتفاء قرائن قوية (كالزوج أو الخاطب الذي يرافق الزوجة أو المخطوبة أثناء حملها لدى الأطباء و يلتزم باتخاذ كافة الإجراءات الإدارية لتسوية وضعية المولود بتسجيله بالدفتر العائلي، الاعتراف بالمنسوب إليه بالنسب أثناء المواجهة أمام المحكمة...)، تدل على عدم صدق الزوج في إقراره و هي شروط تتطلب شرط أن يكون الولد المقر به مجهول النسب أي لا يعلم له والد، فإن الإقرار لا يسوغ نفي النسب فيه إلا بتوافر أدلة كافية غير أن هذا النفي يجعلنا نطرح التساؤل التالي: هل نفي الإقرار وسيلة سائغة أصلا؟ وكيف يمكن أن يتم نفي الإقرار؟ 
الأصل أن إثبات النسب يكون بالإقرار ، ولا يسوغ التراجع عن الإقرار بالنسب و بالتالي لا وجود لنفي الإقرار يستنتج معه أنه لا لعان في مواجهة الإقرار، لأن هذا الأخير يكون حجة لا ينازعها وسيلة من وسائل نفي النسب ولا مجال للحديث عن قاعدة أمد الحمل وأقصاه لأن الإقرار يعتبر سيد الأدلة وحجة مسبقة لا تلحقها لاحقة، فحتى لو أتت الزوجة بولد لثلاث أشهر من تاريخ النكاح، أي أن الزوج إذا أقر بنسب الولد إليه ولو جاءت به لأقل من ستة أشهر فإنه يلحق به باعتبار أن الرضى بالزواج كان متوفرا قبل كتابة العقد ولا وجود لدعوى نفي النسب. 
وهو ما تدعمه قاعدة: لا يمكن الطعن في النسب إذا صدر حكم بات بإثباته بناء على إقرار الطاعن، ولا يعتد بإدعائه الولادة دون أقل مدة الحمل بعد العقد . 
ج- التنازع بين الشبهة و اللعان: إذا كانت المادة 152 م.أ اعتبرت الشبهة سببا من أسباب لحوق النسب، وإذا كانت المادة 155 اشترطت الاتصال بشبهة التي ينتج عنها حمل الذي يكون رهينا بقاعدة أقل مدة الحمل وأقصاها، مما يترتب عنه ثبوت النسب للولد، فإنه يستنتج معه أنها تتطلب أيضا شرط الفراش المشوب بشبهة (العقد، الفعل ، المحل). 
فإذا كانت الشبهة تستقي حكمها ضمنيا من قاعدة الولد للفراش، فهل يسوغ للذي يثبت أنه أتصل بشبهة أن يثبت انتفاءها أو عدم تحقق شروطها؟ وبالأخص نقصد هنا هل يحق له أن ينازع بواسطة اللعان عدم تحقق الشبهة؟ 
لنفترض أنه تم إستغراق لحوق النسب بشبهة أي أن المتصل ثبت نسب الولد منه وسكت زوجها عن دعوى اللعان، ولكن بعد فترة معينة أراد أن ينفي الحمل، بمعنى أن ينازع في الحمل أو في الولادة عن طريق أداء يمين اللعان. 
لا يحق له ذلك لأنه لا لعان في مواجهة الشبهة في هذه الحالة، لأن من شروط اللعان الفورية بمجرد رؤية الزنى أو الشك في حمل الزوجة، وبالتالي فإنه ليس هناك مجال للمنازعة بين الشبهة واللعان في مجال النسب في هذه الحالة، لأنه غير قائم أصلا وغير مفترض وجودا و إذا كانت الشبهة تثبت بجميع الوسائل المقررة شرعا، فإنه بمفهوم المخالفة، فإنه يحق أيضا نفيها بالوسائل المقررة شرعا غير أنه فيما يخص اللعان، فإنه يستبعد في هذه الحالة . 
الفقرة الثانية: التنازع بين اللعان والوسائل الحديثة في مجال النسب 
يعتبر اللعان أهم وسيلة شرعية لنفي الحمل أو النسب عن الزوج بالخصوص، لكن ما هو الحل الواجب إتباعه عندما تتعارض هذه الوسيلة مع الخبرة الطبية. 
تكتسي الخبرة الطبية قوتها من المادة 153 والمادة 152 م.أ، مما يعطي الحق للزوج طلب خبرة طبية لتحديد النسب أو نفيه، والخبرة الطبية لا تكون قاصرة على فراش الزوجية، فحتى النيابة العامة يمكنها أن تثير تلقائيا إجراء خبرة طبية لتحديد المنسوب إلى المشتبه به لتحديد هل الحمل يلحقه أم لا؟و هل هو من صلبه أم لا؟ وبالأخص في حالة الفساد أو الاغتصاب (تملك حق نهج الخبرة الطبية لإثبات المنسوب إلى مقترفه ولكنها لا تملك حق إرغامه على إبرام عقد الزواج الذي يضيع معه حق الابن في النسب). 
لكن موضوع هذه الفقرة هو التنازع بين البصمة الوراثية كمستجد بيولوجي تفيد القطع على ثبوت النسب أو نفيه و بين اللعان كلازمة شرعية تنفي النسب، ولكن سنقتصر دراسة موضوع الإشكالية فيما يهم نفي النسب إما بواسطة الخبرة الطبية وإما بواسطة اللعان لأنهما موضوع النزاع . 
إن نفي النسب عن طريق الخبرة يتطلب شرطي المادة 153 م.أ، وعليه فإن نهج الخبرة كوسيلة لنفي النسب تحكمها وقائع يتسع معها موضوع نفي النسب، غير أن هذا النفي بدوره يتطلب شرط فراش صحيح بين الزوجين لتتم المنازعة بينها و بين اللعان، هل يتم تقديم اللعان والاستغناء عن الخبرة أو نهج الخبرة و التخلي عن اللعان؟ أو الأخذ بهما معا وهو ما ذهبت إليه إحدى محاكم الجمهورية المصرية ؟ ولكن أين يتموقع النهج الثنائي للخبرة واللعان في مجال نفي النسب في القضاء المغربي؟ 
بالرجوع إلى المادة 158 من مدونة الأسرة:" يتبث النسب بالفراش أو بإقرار الأب، أو بشهادة عدلين، أو بينة السماع وبكل الوسائل الأخرى المقررة شرعا بما في ذلك الخبرة القضائية". 
نجد أن المشرع أعتمد عبارة "أو" التي تفيد الاختيار فهل يعني ذلك أنه يجب مراعاة الترتيب حسب ما نصت عليه المادة. الترتيب هنا يفيد الحجية في الإثبات فيما يفيد القوة في الوسائل المعتمدة لإثبات النسب وليس الحجية بين أطراف العلاقة في النسب. فتوافر حجج قوية تفضي إلى ثبوت النسب يغنينا عن نفي النسب، ولكن عدم توافر هذه الحجج بمفهوم المخالفة يعطي الحق في نفي النسب، ولكن هل هناك من سبيل لصياغة تراتبية في مجال نفي النسب بين اللعان والخبرة الطبية؟ 
إنما نصت عليه المادة 153 م.أ باعتبار الفراش حجة قاطعة على ثبوت النسب لا يمكن الطعن فيه إلا من طرف الزوج عن طريق اللعان، أو بواسطة خبرة تفيد القطع. 
يفيد معه أن صاحب دعوى نفي النسب له حق الاختيار بين سلك اللعان كوسيلة شرعية لنفي النسب وبين الخبرة الطبية (البصمة الوراثية) كمستجد بيولوجي علمي لهذا النفي، غير أننا نتساءل عن موقف الإجتهاد القضائي المغربي، هل سيقصر دعوى صاحب نفي النسب بحكم قضائي اللعان أم سيتم اعتماد الخبرة؟ أم أن الجمع بينهما بشكل توافقي بين أحكام الشرع والقانون الوضعي؟ 
إن المجلس الأعلى لم يعترض على جمع اللعان و الخبرة الطبية، بل أقر بذلك على ما يتضح من القرار الآتي: 
"حيث صح ما عابه السبب ذلك أن الفراش يكون حجة قاطعة على ثبوت النسب شرط أن الإمكانية المادي و الشرعي و الثابت من أوراق الملف أن الطاعن نازع في نسب الإبن إليه و ادعى أنه لم يتصل بالمطلوبة منذ ازدياد الإبن الأول أي أنه استبرأها بعد هذا الوضع و أدى يمين اللعان على ذلك في حين رفضت المطلوبة أداءه رغم توصلها كما رفضت الحضور أثناء أداء اليمين و رفضت ذلك الخبرة و التمس إجراء خبرة قضائية لإثبات عدم نسب المولود إليه و تمسك بها و المحكمة لما عللت قرارها بأن الخبرة ليست من وسائل نفي النسب شرعا في حين أن المادة 153 م.أ النافذة المفعول بتاريخ القرار المطعون فيه و الواجبة التطبيق و التي تنص على أن الخبرة القضائية من وسائل الطعن في النسب إثباتا أو نفيا تكون قد أقامت قضاءها على غير أساس و لم تعلله تعليلا سليما مما يعرضه للنقض..." . 
يستنتج معه أن اللعان له أولوية في التطبيق لنفي النسب فتوافر العلاقة الزوجية و حفظ النسب بالخصوص وضمان استمرار كيان الأسرة تقتضي اعتماد الوسائل الشرعية أولا ثم الوسائل الحديثة ثانيا هذا في حالة رفض الزوجة أداء يمين اللعان، كما أن نهج الخبرة مباشرة فيه تعطيل لنص قطعي في القرآن الكريم. 
ولنقف على إشكالية تتعلق بالإيلاء والهجر، فما نصت عليه المادة 112:"إذا آلى الزوج من زوجته أو هجرها. فللزوجة أن ترفع أمرها إلى المحكمة التي تؤجله أربعة أشهر، فإن لم يفئ بعد الأجل طلقتها عليه المحكمة". ولنطرح التساؤل التالي: هل يصح الملاعنة في حالة الإيلاء؟ 
باستقراء المادة 112 فإنها نصت على إيلاء الزوج لزوجته أو هجرها، مما يفيد معه قوة في الحجية لصالحه، فالمحكمة تؤجله أربعة أشهر، فإن لم يفئ طلقتها عليه، لنفترض مثلا أن المحكمة طلقتها عليه، بعد أداء يمين الإيلاء بعد مرور أربعة أشهر ثم وقع حمل. هل تصح ملاعنة الزوج في هذه الحالة أم لا؟ 
بما أن الزواج كان مبنيا على عقد صحيح فإن ملاعنة الزوج تصح و ليس هناك مانع يمنع ذلك، ونرى بأن المحكمة ستطبق آية الملاعنة في هذه الحالة، ولا سبيل إلى سلك الخبرة الطبية إلا في حالة عدم حضور الزوجة أو امتناعها عن أداء يمين الملاعنة. 
ولننتقل إلى إشكالية أخرى هي إشكالية الظهار، فهل الزوج المظاهر زوجته يصح له ملاعنة زوجته بعد رجوعه عن الظهار؟ 
بما أن الظهار حرام في الإسلام، فإنه لا يحل للزوج المظاهر أن يتمتع بزوجته حتى يكفر عن الظهار، و قد اتفق الفقهاء على أن المظاهر يحرم عليه الوطء، و اختلفوا فيما دونه من ملامسة و وطئ في غير الفرج و نظر اللذة، فذهب الإمام مالك إلى أنه يحرم الجماع و جميع أنواع الإستمتاع مما دون الجماع، و به قال أبو حنيفة. أما الشافعي فقال: يخرم الظهار الوطئ في الفرج فقط. 
وبالرجوع إلى مدونة الأسرة فإنه لم نجد أي مادة تطرقت إليه، وبالتالي هل ستعتبر المادة مسألة تكييف أم مسألة قياس ؟ 
في نظرنا ستعتبر مسألة تكييف على الإيلاء والهجر، لأنه ليس هناك مانع يمنع من القياس في النصوص المدنية: 
وبالتالي، فإنه سيعتد بوسيلة الزوج لنفي النسب عنه، غير أنه سيكون مشروط بيمين اللعان من كلا الزوجين. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق