الصفحات

الطاقات المتجددة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة

الطاقات المتجددة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة

ان الاستخدام المكثف والمبالغ للطاقة التقليدية والتي تعتمد على (الوقود الاحفوي) ، البتول ومشتقاته تتسبب في اضرار بالغة على الانسان والبيئة وجميع الكائنات الحية ، وادى الى تلوث بيئي لم يشهد له مثيل ، والى الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة الارض والامطار الحمضية الى العديد من الكوارث البيئية .

فالبيئة اصبحت محددا عالميا يفرض نفسه و يؤثر على التعاملات الاقتصادية و التجارية و العلاقات الدولية المعاصرة و أصبح الاهتمام بها من أهم التدابير لتقييم حضارة الدول و تقدمها ،و يواجه العالم تحديا في خلق توازن بين التنمية المستدامة و بين الحفاظ على البيئة و ما دام الاعتماد على الطاقات التقليدية تحتل الجانب الأكبر لاستعمالات الطاقة و كما لها من تداعيات سواء من جراء استنزافها أو ما ينتج عنها من ملوثات على صحة الإنسان و على البيئة فإن العالم يتجه إلى البحث عن طاقات بديلة متجددة[1] و نظيفة تتسم بالاستمرار و تخدم معطيات البيئة فما هو مفهوم الطاقات المتجددة مبرزين اهم خصائصها و مصادرها، مع اشارة الى ما جاء في التوجيه الاوروبي لسنة 2009(المطلب الأول)،بالاضافة الى دور هذه الطاقات في تحقيق التنمية المستدامة (المطلب الثاني)
المطلب الأول:ماهية الطاقات المتجددة
نتطرق في هذا المطلب إلى مفهوم الطاقات المتجددة و أهم خصائصها و مصادرها (الفقرة الأولى)ثم بعد ذلك سنتطرق الى التوجيه الاوروبي لسنة 2009 (الفقرة الثانية)
الفقرة الأولى:مفهوم الطاقات المتجددة واهم مصادرها .
سنتطرق في هذه الفقرة الى تعريف للطاقة المتجددة وخصائصها (اولا ) ، ثم اهم مصادرها (ثانيا) .
اولا : تعريف الطاقة المتجددة وخصائصها .
تعتبر الطاقة المتجددة من المجالات و التخصصات العالمية الحديثة حيث يعود تاريخ الاهتمام بها كمصدر للطاقة إلى بداية الثلاثينات اذ كان التركيز في تلك الفترة على إيجاد مواد و أجهزة قادرة على تحويل طاقة الشمس إلى طاقة كهربائية ، و أخذ الاهتمام بالطاقة المتجددة يتطور مع بداية الخمسينات إلى يومنا هذا.[2]
وامام حداثة هذه الطاقات فان الامر يستوجب التطرق الى تعريفها ( أ) ، وتبيان خصائصها (ب)
أ – تعريف الطاقات المتجددة .
رغم اصدار المشرع المغربي للقانون رقم 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة[3] ، فانه لم يتضمن تعريفا لها ، فقد اكتفى المشرع من خلال هذا القانون لتعريف مصادر هذه الطاقات ، وبدورها المنظمات الدولية المهتمة لم تجمع على تعريف محدد لها .
وفي غياب تعريف قانوني فان الفقه قد بادر الى سد هذا الفراغ بالرغم من عدم اجماعه على تعريف واحد ، حيث نجد جانبا من الفقه عرفها بكونها " الطاقة المستمدة من الموارد الطبيعية والتي تتجدد والتي لا يمكن ان تنفد - الطاقة المستدامة – والتي لا ينشأ عنها مخلفات كثاني اكسيد الكربون وغازات ضارة تعمل على زيادة الاحتباس الحراري كما يحدث عند احتراق الوقود الاحفوري والمخلفات الذرية الضارة الناتحة عن مفاعلات القوى النووية . [4]
في حين نجد جانبا اخر عرفها بانها " الطاقة المستمدة من الموارد النووية التي تتجدد اي التي لا تنفد و التي لا تنشأ عنها عادة مخلفات ضارة بالبيئة ، كثنائي اكسيد الكربون او غازات ضارة او تعمل على زيادة الاحتباس الحراري [5]
وهكذا يلاحظ انه لا يوجد تعريف موحد ، فغياب تعريف موحد يجعل العديد من الاشكاليات تثار عند تصنيف بعض الطاقات ، هل هي من صنف الطاقات المتجددة ام هي من صنف الطاقات التقليدية ؟
وكمثال يبرر طرحنا الطاقة النووية التي اختلف المهتمون بشأن تصنيفها وان كنا نرى انها لا تنتمي الى صنف الطاقات المتجددة نظرا لما تسببه من اضرار على المدى البعيد بالبيئة والبشرية من اضرار.
ومنه ، بدورنا يمكننا تعريف الطاقة المتجددة بكونها طاقات طبيعية دائمة و غير ناضبة و متوفرة في الطبيعة سواءً كانت محدودة أو غير محدودة و لكنها متجددة باستمرار و هي نظيفة و تحتاج فقط إلى تحويلها من طاقة طبيعية إلى أخرى يسهل استخدامها بواسطة تقنيات العصر، ولا ينتج عن استعمالها اي غازات او نتائج ضارة بالبيئة .
وبالتالي ففي ظل غياب تعريف للطاقات المتجددة ان على المستوى القانوني وان على مستوى تعدد التعريفات الفقهية – فكل يعرفها من وجهة نظره او من زاوية اشتغاله – فان الضرورة تقتضي تدخلا تشريعيا بوضع تعريف جامع مانع بهدف الحد من التضاربات والاشكاليات المثارة خاصة على مستوى تصنيف بعضها .
ب – خصائص الطاقات المتجددة .
ان الانتقال الى عصر الطاقة المتجددة في اي دولة يحتاج الى تظافر الجهود بين شتى فئات المجتمع ولن يتاتى هذا التظافر الا عن اقتناع تام لدى الفئات كلها بضرورى استعمال مصادر الطاقة المتجددة بدلا من مصادر الطاقة التقليدية .
وتتميز الطاقة المتجددة بعدة مميزات مباشرة أو غير مباشرة فالطاقة المتجددة هي طاقة لا تنضب كما انها تعطي طاقة نظيفة خالية من النفايات بكافة أنواعها و تهدف إلى حماية صحة الإنسان إضافة إلى المحافظة على البيئة الطبيعية ،
كما انها تحسن من مستوى معيشة الإنسان و تحد من الفقر و ذلك عن طريق تأمين فرص جديدة للشغل ،و تحد من الإنبعات الغازي و الحراري الضار، كما أنها لا تشكل أمطار حمضية التي تلحق الضرر بكافة المحاصيل الزراعية و أشكال الحياة، و تحد من تشكل و تراكم النفايات الضارة بكافة أشكالها الغازية و السائلة و الصلبة.
وتعمل على حماية كافة الكائنات الحية و خاصة المهددة منها بالإنقراض ،كما انها تساهم في حماية المياه الجوفية و الأنهار و البحار و الثروة السمكية من الثلوت ، وتساهم في تأمين الأمن الغذائي بالإضافة إلى زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية نتيجة تخلصها من الملوثات الكميائية و الغازية.[6]
وامام هذه الاهمية فان هذه الطاقات لم تعد حكرا على الدول المتقدمة صاحبة التقدم التكنولوجي والعلمي ،بل أصبح بمقدور الدول النامية اللحاق بهذا الركب واستخدام الطاقة المتجددة، بل هناك دول نامية لديها فرصا للاستفادة من بدائل الطاقة المتجددة أفضل من دول أخرى متقدمة ، كما أن مصادر الطاقة المتجددة فتحت آفاق جديدة للدول الفقيرة في مصادر الطاقة التقليدية فأوجدت فرصا لتأمين الطاقة المتجددة عبر بدائل أقل ثمنا وأكثر صداقة للبيئة وأكثر استدامة.
وبالتالي فالانتقال إلى عصر الطاقات المتجددة يحتاج لإقناع المجتمع ،وحهود استثنائية في مجال التوعية في هذا الشأن باعتبارها وسيلة لنشر المزيد من العدالة الطاقية بين دول العالم الغنية من جهة ، والفقيرة من جهة اخرى ، خاصة وانها ليست حصرا على الذين يعيشون اليوم ، فاستعمالها لن يقلل من فص الاجيال القادمة ، اذ انها ستجعل من مستقبل اولادنا واحفادها اكثر امانا .
ثانيا:مصادر الطاقة البديلة
تعرف مصادر الطاقة المتجددة بانها مصدر لا ينضب وقابل للتجدد بسرعة ، ويتم الحصول على هذه الطاقة باستغلال الظواهر الطبيعية العادية .
وبرجوعنا إلى المادة 1 من القانون رقم 09.13 المتعلق بالطاقات المتجددة [7]نجد أن المشرع قد عرف مصادر الطاقات المتجددة بكونها كل مصادر الطاقة التي تتجدد بشكل طبيعي أو بفعل بشري باستثناء الطاقات المائية التي تفوق قدرتها المنشئة 12 مغا وات خاصة الطاقات الشمسية و الربحية و الحرارية و الجوفية و الطاقة المتأتية من حركة الأمواج و الطاقة المتأتية من المد و الجزر و تلك الناجمة عن الكتلة الحية و من غازات المطارح و في محطات تصفية المياه العادمة و تختلف أنواع الطاقة البديلة أو المتجددة بحسب اختلاف مصادرها فهي إما أن تنتج من الرياح و المياه كما يمكن ان تنتج عن حركة الأمواج و المد و الجزر أو من طاقة حرارة الأرض و كذلك من بعض المحاصيل الزراعية و الأشجار المنتجة لزيوت .[8]
و سنحاول من خلال هذه الفقرة تبيان مختلف مصادر الطاقة المتجددة:
أ: الطاقة الشمسية:
تعتبر الشمس منذ القدم مصدرا أساسيا للطاقة على سطح الأرض و قد تطور استعمالها عبر العصور بتطور العلوم و التكنولوجيا فبعد أن استخدمها الإنسان للتدفئة و التجفيف أستغلها لتسخين الماء اعتماد على مبدأ التحويل الإشعاعي الحراري باستعمال اللاقط الشمسي.[9]
و هكذا تعتبر الشمس مصدر الطاقة اللازم للحياة على الأرض و هي المصدر الرئيسي للطاقة بمختلف أنواعها سواء كانت أحفورية أو جديدة أو متجددة و هي أهم مصدر من مصادر الطاقة الجديدة حيث تبدل الدول جهودا كثيرة عن طريق البحوث العلمية لتطوير الطرق الخاصة باستغلالها كطاقة البديلة للنفط و الغاز.[10]
و لقد كان استخدام الطاقة الحرارية للشمس معروفا منذ ألاف السنين في المناطق الحارة إ استخدمت طاقة الشمس في تسخين المياه و في تجفيف بعض بعض المحاصيل لحفظها من التلف...إلا أن مجالات استعمال الطاقة الشمسية حديثا تشعبه فمنى إنتاج كهرباء ة تدفئة المنازل و تكييف الهواء إلى تصميم البيوت الشمسية إلى الطهي إلى صهر المعادن و تطبيقات صناعية أخرى إلخ....
و إذا كان هذا الاستغلال يتم عن طريق تحويل مباشر للطاقة الشمسية فإلى جانب ذلك هناك وسيلتين لاستخدام هذه الطاقة.
_ التسخين: وهو استخدام أقرب إلى التطبيق العملي وسواء بالتركيز للحصول على درجة حرارة شديدة الارتفاع أو مع عدم التركيز في استخدامات مختلفة مثل تدفئة المياه أو التبخر سواء للماء المالح لإزالة ملوحته أو لاستخراج مواد بالتبخر.
_ القوى المحركة: توليد الطاقة بهذه الطريقة بكون عن طريق تركيز أشعة الشمس في مولدات بخار يمكن توليد قوى محركة عن طريقها ثم الحصول على كهرباء.[11]
و تحظى الطاقة الشمسية باهتمام أوسع مقارنة مع باقي المصادر البديلة الأخرى و ذلك بسبب توفرها في مختلف مناحي العالم و سبب ضخامة كمية الطاقة التي ترسلها للأرض.
و التطبيقات الاوسع استعمالا للطاقة الشمسية هي في مجال تسخين الماء ، ويتزايد توليد الكهرباء بواسطة النظم الفوتوفولطية والتكنولوجيات الحرارية الشمسية حيث ترتكز على تحويل اشعة الشمس الى كهرباء باستعمال لوحات شمسية ، وتكمن فوائد الخلايا الضوئية الفولتية في قدرتها على تحويل الطاقة الشمسية مباشرة الى كهرباء ، وفي سهولة استعمالها ما يجعلها قابلة للاستعمال خصوصا في البلدان النامية ،حيث تنعدم المولدات الكهربائية الضخمة ، ويجدر التنبيه ان مردود هذه الخلايا يظل محدودا حيث تعتمد الكمية المتحصل عليها على الموقع الجغرافي ، وترتبط بالظروف المناخية ، كما ان مدة استعمالها لا يتجاوز 20 سنة .
وقد اشار تقرير الوكالة الدولية للطاقة المتجددة الذي انعقد في ابو ظبي سنة 2010 ، الى ان كل كيلومتر مربع من اراضي منطقة الشرق الاوسط و شمال افريقيا يتلقى قدرا من الطاقة الشمسية سنويا يعادل 5.1 مليون برميل النفط الخام ، ورغم وفرة هذه الطاقة ابدت الدول العربية تباطؤا في تبني تقنيات توليد الطاقة الشمسية ، الامر الذي يرجع الى اسباب منها احتياطات الوقود الاحفوري التي تتوفر عليه تلك الدول .
بيد ان التطلعات بدات في التغيير ، اذ يتطلع الاردن الى انتاج %7 من احتياجاته من الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية بحلول 2015 ، بينما تهدف ابو ظبي بانتاج نفس النسبة بحلول 2020، فيما تغب الكويت في انتاج % 5 بحلول سنة 2030 ، واعلنت مصر انها تسعى الى توليد %20 من الكهرباء من مصاد الطاقة المتجددة بحلول سنة 2020 ، بينها اقل من %2 من الطاقة الشمسية المركزة .
وقد اوشكت الجزائر على استكمال اول محطة للطاقة الهجينة بقدرة 150 ميغا وات بمنطقة "حاسي رمل" ، كما استكملت كل من مصر والمغرب مشروعاتهما الخاصة بالطاقة الهجينة بحلول سنة 2011 .[12]
إلا أن الحاجة لاستغلال الكميات الهائلة من طاقة الشمس تضع أمامنا مشكلة كبيرة و هي الحاجة إلى مساحات كبيرة من المواد الممتصة و المجمعة للحرارات بالإضافة إلى أن طاقة تتاح في فترات محددة من اليوم كما أن وجود السحب أو الضباب يحد من وصول هذه الطاقة و فعلا كانت و لا زالت هذه المحددات هي المحاور الرئيسية التي تدور حولها أبحاث الطاقة الشمسية حاليا للاستفادة أكثر من الطاقة الشمسية و بتكلفة أقل.[13]
إضافة إلى التكلفة الباهظة أكبر عقبة تواجه إنشاء محطات الطاقة الشمسية خاصة بالدول النامية التي لا تتوفر على إمكانيات مادية للاستفادة من هذه الطاقة الشمسية .
ب) :طاقة الرياح
تعتبر طاقة الرياح من أقدم صور الطاقة إستخذاما فقد استغلت في السفن الشراعية و في الطواحين الهوائية و نظرا لأنه لا يمكن الاعتماد عليها من ناحية الاستمرار و الثبات فقد تأخر انتشارها كوسيلة رئيسية من وسائل توليد الطاقة و يكمن تصور عدم الثبات في القدرة المنتجة عنها إذا علمنا أن القدرة الناتجة تتناسب مع سرعة الريح.[14]
و تأتي ا لطاقة الهوائية في المرتبة الثانية ذلك أن هذا المصدر من الطاقة قد حظي باهتمام كبير في أواخر القرن الماضي و بداية القرن الحالي إضافة إلى أن الطاقة الهوائية تتوفر على مستوى العديد من دول العالم و تتشكل طاقة الرياح نتيجة لتحرك كثل هوائية ضخمة بسبب التفاوت في معدلات تسخين الشمس لطبقات الجو.[15]
وتعد هذه الطاقة من اكثر الطاقة المتجددة ديناميكية وافضل حل واعد بديل للوقود الاحفوري في توليد الكهرباء ، كما تعتبر من اهم مصادر الطاقة المتجددة ، حيث زادت قدرة توربينات الرياح على توليد الطاقة من 100 كيلو وات في عام 1981 الى 5000 كيلو وات في 2006 ، كما باتت تكاليف طاقة الرياح تنافس الطاقات التقليدية، حيث بلغت تكلفة انتاج الكيلو وات من طاقة الرياح 1000 دولار في حين وصلت تكلفة انتاج الكيلو وات من الكاقة التقليدية الى 800 دولار ، وتولد طاقة الرياح حاليا اكثر من %1 من الاستهلاك العالمي للكهرباء .[16]
ومن مميزاتها أنها طاقة محلية متجددة لا تنتج عنها غازات أو ملوثات و بالتالي فإن تأثيرها الضار بالبيئة طفيف إلا أن ما يعاب عليها أنها تصدر ضوضاء أثناء دوران التوربينان التي قد تزعج الأشخاص القاطنين بجوار حقول الرياح لذا يفضل نشاء حقول الرياح في مناطق بعيدة عن المناطق السكنية و قد تتسبب كذلك هذه التوربينان العملاقة في قتل بعض الطيور خاصة أثناء فترات هجرتها، ومن مساوئها كذلك تدبدب حركة الياح مما يؤدي الى عدم انتظام حصولنا على الطاقة الكهربائية ، وقد تم معالجة هذا الامر بعدة طرق ، منها استخدام الطاقة الناتجة في ساعات ذروة هبوب الرياح وتخزينها في بطاربات او تحويلها الى خلايا تحليل مائية للحصول على الهدروجين الدي سيستخدم لاحقا عند يسكن الهواء
ج – الغاز الصخري
الغاز الصخري (Shale Gas) هو غاز طبيعي يتولد داخل الصخور التي تحتوي على النفط بفعل الحرارة والضغط، ويحتاج هذا الغاز إلى المزيد من المعالجة قبل تدفقه، ولهذا السبب يصنفه المختصون بأنه غاز غير تقليدي. وكما هي حال الغاز الطبيعي "التقليدي"؛ يكون الغاز الصخري إما جافًا أو غنيًا بالسوائل، ومنها الإيثان المفضل في صناعة البتروكيماويات.
ولتحرير الغاز الصخري لابد من القيام بعملية الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي على نطاق واسع وباستخدام الماء والرمل وذلك لتحقيق الحد الأمثل من اتصال السطح بمكامن الغاز من أجل المحافظة على زيادة المسامية.
وفي الوقت الراهن، فإن هذه التقنية المتطورة إلى حد كبير تتوافر في الولايات المتحدة الأميركية بشكل رئيس، وبمستويات أقل في كثير من دول العالم الأخرى لاسيما في أوربا.
وما يجب أخذه بعين الاعتبار في هذا الصدد، أن هذه التقنية تتطلب حقن كميات كبيرة من المياه المعالجة بمواد كيماوية، وبالتالي فلابد من التصرف بالمياه الناتجة والتي تُدفع إلى السطح، وهذا الأمر يثير القلق من احتمال تلويث المواد الكيماوية المستخدمة في استخراج الغاز الصخري مصادر المياه الجوفية، ما قد يشكّل عائقًا رئيسًا أمام تطوير هذه الصناعة مستقبلاً.
وتتسم معدلات إنتاج الغاز الصخري بتراجعها بنسب كبيرة خلال السنوات الأولى لبدء الإنتاج، حيث يكون أعلى معدل تراجع بعد السنة الأولى من الإنتاج ويصل إلى نحو 60% من أعلى مستوى للإنتاج، ثم يستمر في التراجع إلى أدنى مستوى له بعد سبع إلى تسع سنوات من بداية الإنتاج.
ومن شأن هذه الخصائص الطبيعية والإنتاجية للغاز الصخري أن ترفع من تكلفة إنتاجه؛ ما يؤدي إلى تخفيض ربحية الآبار المكتشفة منه
وفي الوقت الراهن ، فان هذه التقنية المتطورة تتوفر في الولايات المتحدة الامريكية بشكل رئيسي ،
و بالرغم من التوقعات الكبيرة بأن يُحدث الغاز الصخري "ثورة" في مجال الطاقة في حال إمكانية استنساخه في دول أخرى من العالم، فإن هذه التوقعات ربما تجد لها سقفًا محدودًا بالنظر إلى عوامل عديدة، أهمها: 
ارتفاع تكلفة استخراج الغاز الصخري (غير التقليدي) مقارنة بنظيره الطبيعي التقليدي
التوجه العام نحو إنشاء إطار تنظيمي أكثر صرامة لعملية التكسير الهيدروليكي المستخدمة في إنتاج الغاز الصخري نظرًا لما يرافق هذه العملية من أضرار بيئية خطيرة
ازدياد الطلب الآسيوي على منتجات الطاقة التقليدية (النفط والغاز) بسبب النمو الاقتصادي المتسارع في العديد من دول هذه القارة[17]
د:طاقة الكتلة الحيوية :
وهي كل أنواع المواد المشتقة من النبات التي يمكن استخدامها لإنتاج الطاقة مثل الخشب والنباتات العشبية والمحاصيل الزراعية ومخلفات الغابات ومصادر هذه الطاقة يتم إنتاجها من خلال عملية الثمتيل الضوئي وهي قيام خلايا النباتات بإنتاج كربوهيدرات باستخدام الماء وثاني أكسيد الكربون وضوء الشمس وهذه الكربوهيدرات هي مصادر الطاقة.[18]
إحدى مميزات وقود الكتلة الحيوية هو أنه غالبًا ما يكون منتجًا ثانويًا أو بقايا أو منتج من نفايات عمليات أخرى، مثل الزراعة أو تربية الماشية أو العمل في الغابات. وذلك يعني نظريًا أنه لا يوجد تنافس بين إنتاج الغذاء وإنتاج الوقود، ولكن هذا ليس الحال دائمًا
ومن الممكن تحويل الكتلة الحيوية إلى أشكال أخرى من أشكال الطاقة القابلة للاستخدام مثل غاز الميثان أو وقود النقل مثل الإيثانول أو الديزل الحيوي. كما أن القمامة المتعفنة والنفايات الزراعية والبشرية جميعها تطلق غاز الميثان، والذي يطلق عليه أيضًا "غاز مدافن القمامة" أو "الغاز الحيوي". ويمكن تخمير المحاصيل مثل الذرة وقصب السكر لإنتاج وقود النقل الإيثانول. ويمكن إنتاج الديزل الحيوي، وهو أحد غازات النقل الأخرى، من بقايا المنتجات الغذائية مثل الزيوت النباتية والدهون الحيوانية
هـ : الطاقة المائية
يعود تاريخ استخدام الإنسان ل الطاقة المصادر المائية إلى القرن الميلادي الأول حيث استعملت مياه الأنهار في تشغيل بعض النواعير المستخدمة لتشغيل مطاحين الدقيق وكانت النواعير الأولى أفقية بمعنى أن حركة دورانها تحصل في مستوى أفقي ومع القرن الرابع ميلادي كانت الناعورة العمودية قد تطورت وفي عصر الثورة الصناعية انتشر استعمال النواعير في أوروبا بشكل مكثف وانتقلت منها للولايات المتحدة الأمريكية وتوسعت أيضا استعمالات النواعير لتشمل ضخ المياه وتشغيل الآلات نشر الأخشاب و آلات النسيج.
ويرتبط مفهوم مصادر الطاقة المائية في الوقت الحاضر بمحطات توليد الطاقة الكهربائية التي تقاوم على مساقط الأنهار ويترافق مع إقامة هذه المحطات بناء السدود وتكوين البحيرات الاصطناعية لحجز مياه الأنهار وضمان توفر كميات كبيرو من الماء تكفل تشغيل محطات الطاقة بشكل دائم.
ومن الطبيعي توفر مصادر الطاقة المائية في تلك المناطق التي تتوفر فيها الخصائص الطبوغرافية الملائمة لإقامة السدود وتكوين البحيرات مع توفر ارتفاع ملائم لسقوط المياه [19]ولا توجد تحديدات معينة على الارتفاع الأمثل لسقوط الماء ذلك أن هناك أنواع مختلفة من التوربينان التي تتلاءم مختلف ارتفاعات مساقط المياه.[20]
و : طاقة المد والجزر
المد والجزر من مصادر الطاقة الميكانيكية في الطبيعة وتستخدم طاقة المد في توليد الكهرباء عن طريق بناء سد عند مدخل الخليج الذي يتمتع بفرق كبير في مستوى الماء بين المد والجزر فتوضع توربينان توليد الكهرباء عند بوابة هذا السد .[21]
وقد أنشأت بعض الدول محطات كهربائية تعمل بطاقة المد والجزر مثل فرنسا و و.م.أ محطة قرب شاطئ بريتاني .
ز:طاقة حرارة الأرض
هي مصدر طاقة بديل نظيف جديد و متجدد و هي طاقة حرارية مرتفع ذات منشأ طبيعي مخزنة في الصهارة في باطن الأرض حيث يقدر أن أكتر من 99 في المائة من كتلة الكرة الأرضية هي عبارة عن صخور تتجاوز حرارتها 1000 درجة مئوية و ترتفع درجة الحرارة هاته في جوف الأرض كلما ازداد التعمق فيه أي أنها تصل إلى معدل 27 درجة مئوية على بعد 1 كلم و يستفاد من هذه الطاقة الحرارية بشكل أساسي في توليد الكهرباء.
هذه الطاقة المتجددة نظريا يكمن أن تكفي لتخطية حاجة العالم من الطاقة لمدة 100.000 سنة قادمة لكن تحويلها لطاقة هي عملية باهظة التكاليف بسبب عملية الحفر إلى أعماق سحيقة و الحاجة لأنابيب كثيرة لاستخراج الماء الساخن بكميات وفيرة و ذلك بالرغم من أن هذه الطاقة الأساسية مجانية و متوفرة بكثرة لكن يصعب الحصول عليها.[22]
الفقرة الثاني: الطاقات المتجددة من خلال التوجيه الاروبي لسنة 2009
لا يمكن لاي بلد ان يتمتع بنمو اقتصادي مستدام او يمكن استدامته على طاقة موثوق بها ، اذ لا يمكن ان تكةن لديه زراعة مستدامة ولا يمكن ان يةفر لشعبه رعاية صحية عالية الجودة ، او نظام تعليم مناسب .. ، وبمنتهى الاختصار فان عدم وجود الطاقة يعني انعدام التنمية ، ويدرك هذه الحقيقة جيدا 1.2 مليار شخص في العالم الذين لا يحصلون على الكهرباء .
ولهذا السبب جعل الاتحاد الاوروبي من مكافحة فقر الطاقة جانبا مركزيا من جوانب سياسة التنمية التي يتنهجها لسنوات عديدة حتى الان ، وطرح برنامجا تزيد قيمته 600 مليون اورو لتعميم الحصول على خدمات الطاقة المستدامة وتوفير حلول الطاقة المتجددة ، وهو ما يوجب على الحكومات ان تدخل في صلب استراتيجياتها الطاقة المتجددة لعدة اسباب ، اقتصادية منها واجتماعية ومناخية .
وقد كانت بدايات اهتمام الاتحاد الاوروبي مع بداية التسعينبات ، من خلال تبنيه لسياسة تعزيز انتاج الطاقة انطلاقا من المصادر المتجددة ، مع حصه على الرفع من استهلاكها بشكل موازي للرهانات البيئية والاقتصادية والاجتماعية .
وفي سنة 2000 من خلال الرهان المتعلق بالامن الطاقي عملت المؤسسات الاوروبية على تقوية سياسة تعزيز هذه الطاقة الخضراء ، وكانت هذه السياسات مركزة بشكل كبير على القطاع الكهربائي ، وقد صدرت اول توجيهية عن الاتحاد الاوروبي المتعلقة بالطاقات المتجددة سنة 2001 وهي التوجيهية 2001/77/CE التي تم نسخها بالتوجيهية 2009/28/CE . هذه الاخيرة استقرت على هدف طموح بالنسبة لجميع دول الاتحاد الاوروبي المتمثل في انقاص استهلاك الاتحاد للغاز بنسبة%20 من الاستهلاك الطاقي ،و من جانب اخر توجب دمج %20 من الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة في استهلاكها الاجمالي ، اضافة الى ادماج %10 منها في قطاع النقل .
ومنه فهذا التوجيه يــــفرض على الدول الأعضاء احترام هذه الأهداف ، وكمثال على ذلك فان فرنسا أرست هدفها في انتاج %23 في حلول سنة 2020 ، ولأجل تحقيق هذه الأهداف فان التوجيه الأوروبي يوجب على الدول الاعضاء ان تضع مخططات وطنية توضح فيها الكيفية التي ستتبعها للوصول الى الهدف المنشود .
كما ان هذا التوجيه حدد التدابير غير المالية التي تسمح للمشغلين للولوج ونشر الطاقات المتجددة ، ومن بين هذه التدابير دعم الاستراتيجي المتعلقة بالبحث العلمي والتنمية والابتكار، وتدابير اخرى متعلقة بتيسير الشراكة في مجال الطاقات المتجددة من خلال تسهيل المساطر الادارية المتعلقة بتثبيت البنيات التحتية .
أما التدابير المالية فقد قسمت إلى ثلاثة أنواع : المساعدة في الاستثمار ، الإعفاءات الضريبية ، ونظام المساعدة المباشرة للثمن .[23] 
المطلب الثاني: دور الطاقات المتجددة في تحقيق التنمية المستدامة
تلعب الطاقات المتجددة دورا هاما في تحقيق التنمية المستدامة،[24] حيث ينعكس استخدام هذا النوع من الطاقات على الركائز الثلاث المكونة للتنمية المستدامة بشكل إيجابي ومن خلال هذا المطلب سنبين مدى انعكاس استخدام الطاقات المتجددة على تحقيق هذه التنمية –فقرة أولى- ثم سنتطرق إلى بعض التجارب الدولية بخصوص استخدام الطاقات المتجددة –فقرة ثانية-.
الفقرة الأولى:انعكاس استخدام الطاقات المتجددة على تحقيق التنمية المستدامة
يعد الانعكاس السلبي للطاقات التقليدية عن البيئة خاصة و التنمية المستدامة عموما.أهم الأسباب التي دفعت بدول المعمور للبحث عن طاقات بديلة كفيلة بإصلاح ما أفسدته الطاقات التقليدية و على الأقل التخفيف من حدته إلى جانب تحقيق تنمية مستدامة.
و هكذا فإن استخدام الطاقة المتجددة يخفض غازات الاحتباس الحراري في العالم بحسب نصيب الفرد ذلك أن العالم اليوم يواجه أكتر التحديات صعوبة على مر التاريخ و المتمثلة في الارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة نتيجة الثلوت الذي أحدثه الإنسان بفعالياته المختلفة.و على عكس ذلك فإن لاستخدام الطاقة المتجددة أثر معروف في حماية البيئة نتيجة لما تحققه من خفض انبعاث تلك الغازات و منه الثلوت البيئي حيث من المتوقع أن تبلغ الإنبعاثات الناتجة عن الوقود التقليدي 190 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنة 2017 إضافة إلى الغازات الأخرى.
و في تقرير أصدرته شبكة سياسة الطاقة المتجددة للقرن 21 يقول بأنه يجب أن تلعب الطاقة المتجددة دورا رئيسيا في إمدادات الطاقة العالمية و ذلك من أجل مواجهة التهديدات البيئية و الاقتصادية للتغير المناخي التي تتزايد خطرا و بالتالي يمكن القول بأن الطاقات المتجددة لها أهمية بالغة في حماية البيئة باعتبارها طاقة غير ناضبة و توفر عامل الأمان البيئي.[25]
كما يمكن كذلك لاستخدام الطاقات المتجددة أن يساهم في التنوع الاقتصادي من خلال تأسيس قطاع الطاقة المتجددة و الاهتمام بتطوير التقنيات النظيفة مما سيساهم بشكل فعال في عملية التنويع الاقتصادي للدول و ذلك من خلال العمل على تطوير هذه التقنيات محليا و خلق فرص تصدير واسعة من شأنها المساهمة في تطوير اقتصاد مستدام قائم على المعرفة كما ستساهم عملية الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بتنويع الاقتصاد و تنميته و تطوير الرأسمال البشري اللازم لبناء اقتصاد مستدام.و الطاقة المتجددة تلعب دورا أساسيا في تحقيق النمو الاقتصادي و تحريك عجلة التنمية و هو ما جعلها تحتل أولوية تنموية في مختلف خطط و استراتيجيات بعض الدول.
كما أنها وسيلة لنشر المزيد من العدالة في العالم بين دول العالم الغني و دول العالم الفقير بالإضافة إلى أنها ليست حكرا على اللذين يعيشون اليوم فالحد الأقصى من استعمال الشمس و الرياح اليوم لن يقلل من فرص الأجيال القادمة بل على العكس فعندما نعتمد على الطاقة المتجددة سنجعل مستقبل أولادنا و أحفادنا أكثر أمانا ف الطاقة المتجددة بأنواعها من طاقة شمسية و طاقة رياح و طاقة عضوية و غيرها من الطاقات الطبيعية تعتبر بالفعل الأمل في توفير الطاقة في المستقبل من ناحية لأنها طاقة لا تنضب ومن ناحية أخرى لأنها غير ملوثة للبيئة بالإضافة إلى ذلك فإن تطبيق التقنيات الحديثة لتوليد هذه الأنواع من الطاقة سيوفر فرص عمل متعددة للشباب.[26]
و من المسلمات أنه لا يمكن النظر لتنمية الاقتصادية و تحقيق التوازن الاقتصادي دون تحقيق التوازن البيئي بأكبر قدر ممكن و هو ما تساعد على تحقيقه الطاقات المتجددة ذلك أن الدولة ملزمة عند استخدام أي نوع من الطاقة أن تأخذ بعين الاعتبار أن هناك تأثير متبادل بين كل من الطاقة و البيئة و التنمية.
و هكذا و بالنظر للدور الكبير الذي تلعبه الطاقات المتجددة في تحقيق التنمية المستدامة فما هي المجهودات المبذولة من طرف بعض الدول في هذا المجال؟
الفقرة الثانية:التجربة الألمانية و المغربية في مجال استعمال الطاقات المتجددة
لقد أذى الارتباط الوثيق بين البيئة و التنمية إلى ظهور مفهوم التنمية المستدامة و تشكل الطاقة المتجددة احد وسائل حماية البيئة لذلك نجد دولا عديدة تهتم بتطوير هذا المصدر من الطاقة و تضعه هدفا تسعى إلى تحقيقه. و من هذه الدول نجد ألمنيا التي تعد رائدة في هذا المحال (أولا) و يبقى الغرب من أبرز الدول المرشحة من قبل خبراء الطاقة نظرا لامتلاكه إمكانيات مهمة في هذا المجال(ثانيا)
أولا:التجربة الألمانية في مجال الطاقة المتجددة
يعيش الاقتصاد الألماني "معجزته الخضراء" حيث تمثل ألمانيا مركز الزيادة من حيث الاتجار في الطاقات المتجددة إذ تعتبر الشركات الألمانية على المستوى العالمي في هذا المجال حيث تنتج أكبر طاقة إنتاجية في العالم لتجمعات تعمل بطاقة الرياح وتمتلك أحدث التقنيات في محطات توليد الكهرباء
وبعد عقد من التحولات الكبيرة شكلت حادثة فوكوشيما باليابان 2011 حافزا للحكومة الألمانية التي قررت التخلي نهائيا عن صناعتها النووية ومباشرة تحول طاقوي مبني على تطوير الطاقات المتجددة وذلك بالحفاظ على تنافسية المؤسسات الألمانية وضمان الإمداد بالكهرباء والوفاء بالالتزامات البيئية.
واتخذت في سبيل ذلك جملة واعية من التدابير التي تهدف إلى تفعيل هذا التحول الطاقوي في أفق 2050 وهو التاريخ الذي يجب أن تختفي عنده الطاقات الحفرية لصالح الطاقات المتجددة كما ينتظر من هذا البرنامج الطموح تخفيضا كبيرا لاستهلاك الطاقة وانبعاتات الغازات الدفيئة.
وتعد حادثة فوكوشيما باليابان النقطة التي غيرت المشهد السياسي الطاقوي الألماني حيث كانت الحكومة الفدرالية الألمانية قد قررت في خريف 2010 تمديد استغلال المحطات النووية إلى ما بعد 2030 قرر البرلمان في 26 يونيو 2012 التخلي عنها قبل حلول 2020 و تعمل هذه الحكومة على إحداث تحول طاقوي جدري تحت مسمى « energie wende » بغية تحقيق مجموعة من الأهداف بحلول 2050 حيث تخطط لإنتاج طاقة كهربائية للتخلي الشبه التام عن المصادر التقليدية المثمتلة في الغاز البترول و الفحم و تعويضها بطاقات متجددة بنسبة 80 في المائة.[27]
كما تعرف ألمانيا بالتزاماتها البيئية المعلنة ووعيها في هذا المجال الذي يظهر من خلال ترحيب السكان بهذا المشروع وما تترتب عنه زيادات في أسعار الكهرباء و يحكم بعض المتتبعين أن ألمانيا تملك العوامل الضرورية للنجاح في تحولها الطاقوي.
و لا شك أن ازدهار الطاقة المتجددة في ألمانيا لم يأت من فراغ بل من توفر العديد من العوامل أهمها قانون مصادر الطاقة المتجددة في ألمانيا الذي دخل حيز التطبيق في أبريل 2000 إذ يهدف هذا القانون الرفع من نسبة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة إلى 12.5 في المائة كحد أدنى و 20 في المائة في عام 2020
و لكن الملاحظ أن استخدام مصادر الطاقة المتجددة في ألمانيا قد حقق نموا أكبر من المتوقع في مجال توليد الكهرباء وصلت مساهمتها في عام 2006 إلى 11.8 و تمكن في عام 2007 من تجاوز الهدف الموضوع في 2010 كما يعطي القانون حوافز نقدية لمن يقدم مصادر للطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك فإن ألمانيا تولي الاهتمام بالبحث العلمي في مجال الطاقة المتجددة أهمية كبيرة ذلك انه على سبيل المثال تحتوي مؤسسات التعليم العالي على 144 تخصص حول طاقة الرياح و الطاقة الشمسية...[28]
ومن خلال تبني هذه السياسة التزمت الحكومة بتخفيض معدل غازات ثاني أكسيد الكربون و الفحم حتى نسبة 25 في المائة الأمر الذي وافق عليه القطاعي الاقتصادي كما التزم القطاع الصناعي الألماني بخفيض غازات ثاني أكسيد الفحم بنسبة 20 في المائة في حين التزمت الصناعات الكيميائية و الورقية بنسبة تصل إلى 23 تقريبا.[29]
ثانيا:التجربة المغربية في مجال الطاقة المتجددة.
من المعلوم أن المغرب لا يتوفر على موارد طاقية كافية حيث يقوم باستيراد 96 في المائة من احتياجاته من الطاقة ولرفع هذه التحديات وضعت وزارة الطاقة والمعادن إستراتيجية وطنية في مجال الطاقة لتأمين التزويد بالطاقة مع نهج مقاربة قوامها التنمية المستدامة وفي إطار هذه الإستراتيجية تم اعتماد عدة مبادئ:
_إنشاء مزيج كهربائي أمثل خول خيارات تكنولوجية موثوقة وتنافسية
_تعبئة الموارد المحلية من خلال تطوير استخدام الطاقة المتجددة.
_...
وتم إحدات العديد من المؤسسات لتنفيذ الإستراتيجيات الوطنية في مجال الطاقة كالوكالة الوطنية لتنمية الطاقات المتجددة والنجاعات الطاقية ADEREEوشركة الإستتمارات في مجال الطاقة SIE ومعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة.
فتم وضع قطاع تشريعي كقانون 13.09 المتعلق بالطاقات المتجددة الذي منح فرص استثمارية للقطاع الخاص يمكنه من إنتاج طاقة متجددة وتزويد السوق المحلية أو الدولية أو هما معا.[30]
ويهدف هذا القطاع التشريعي إلى النهوض بإنتاج الطاقة من مصادر متجددة وبتسويقها وتصديرها بواسطة وحدات عامة أو خاصة.
_إخضاع منشآت إنتاج الطاقة انطلاقا من مصادر متجددة لنظام الترخيص والتصريح
_تخويل المستغل حق إنتاج الكهربائي انطلاقا من مصادر الطاقات المتجددة لحساب مستهلك واحد ومجموعة من المستهلكين المستفيدين من الربط بالشبكة الكهربائية الوطنية.
يعتبر المغرب من أهم الدول العربية استخداما لمصادر الطاقة المتجددة وأول دولة على مستوى دول المغرب العربي خاصة في مجال الطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح... وفي المقابل تعتبر من الدول الفقيرة لمصادر الوقود الأحفوري
ولهذا سعت جاهدة لاستغلا كل إمكانياتها في مجال استغلال الطاقة المتجددة وتتمثل مصادر الطاقة المتجددة في المغرب في :
_طاقة الكتلة الحيوية: (الخشب و الفاضلات الحيوانية والنباتية) تمثل النسبة الأكبر في مجال الطاقة المتجددة في المغرب وتنتشر بشكل أكبر في الريف المغربي حيث يتم استهلاكها بنسبة 89 في المائة في الأرياف مقابل 11 في المائة في المناطق الحضرية.
_الطاقة الكهربائية: يمتلك المغرب إمكانيات كبيرة في مجال استغلال المصادر المائية لتوليد الطاقة تصل إلى حوالي 5000 جيغا واط سنويا يتم منها استغلال 40 في المائة من الماء فقط.
_ طاقة الرياح :بحكم الموقع الجغرافي للمغرب فإنه يتوفر على إمكانيات كبيرة في توليد الطاقة بفعل الرياح تصل إلى حوالي 6000 ميغا واط وتتركز المناطق الربحية في المغرب في أقصى الشمال وكذلك في منطقة المحيط الأطلسي ويقوم المغرب بتنفيذ العديد من مشاريع الطاقة الريحية مثل طاقة الرياح في الصويرة وطنجة وتازة وطرفاية إلخ ....
_الطاقة الشمسية: بفضل موقعها الجغرافي فإن مدة إشراق الشمس على كامل التراب المغربي تتراوح بين 2700 ساعة سنويا بالشمال وأكثر من 3500 ساعة سنويا في الجنوب.[31]
أما فيما يخص الآفاق المستقبلية فإن المغرب قد حدد هدفا له أن يرفع إلى 40 في المائة خاصة الطاقة المتجددة إجمال الطاقة الكهربائية المثبتة في أفق 2020.
حيث تم إطلاق برنامجين مندمجين ومهيكلين لتطوير قطاعي الطاقة الشمسية والربحية وهما مجمع الطاقة الشمسية بورزازات بسعة 160 ميغا واط وحقلي الرياح بحوامة والعيون وطرفاية وموازاة مع ذلك تم الشروع في برنامج واسع لتعزيز قدرة الإنتاج ويشمل هذا الأخير بناء مجمع الطاقة الكهرومائية ميدز المنزل وإنجاز محطة عبد المومن لتحويل الطاقة عن طريق الضخ ....
وبخصوص إقتداء المغرب ببعض الدول الأوربية السابقة في هذا المجال نجد انه قد اكد في العديد من المناسبات و اللقاءات على ان التجربة الألمانية في مجال الطاقات المتجددة تعد نموذجا يحتدا به المغرب ففي آخر لقاء جمع بين وزير الطاقة و المعادن المغربي "عبد القادر أعمرة" و الوزير المكلف بالبيئة الألماني "يوهن فلاسبارت" بتاريخ 16 ابريل 2014 أوضح السيد عبد القادر أن ألمانيا قد لعبت دورا هاما في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة الكبرى بالمغرب معربا عن ارتياحه للمستوى المتميز للعلاقات المغربية الألمانية و للدعم الذي تقدمة ألمانيا للمغرب في مجال الطاقة المتجددة و البيئة و من جانبه أكد الوزير الألماني على تهنئة المغرب على المبادرات الكبرى التي انخرط فيها من اجل الحد من اعتماده التعبئي على الوقود الأحفوري مؤكدا أن المغرب يعد نموذجا بالنسبة للمنطقة الأورومتوسطية و إفريقيا في هذا المجال.[32]
كما اظهر المغرب اهتماما بالغا اتجاه تجربة سويسرا في مجال الطاقات المتجددة حيث استمر زيارة وزيرة البيئة السويسرية "دوريس لوتارد" بتاريخ شتنبر 2014 لكل من الرباط و الدار البيضاء لعرض المنجزات و الخطط الطاقية الوطنية التي ترمي الحصول على نجاعة طاقية و تنميتها عبر تخفيض الاستهلاك الطاقي و إنتاجه اعتمادا على الطاقات المتجددة و قد دعا الوزير المغربي عبد القادر اعمارة في هذا المجال لتوطيد تجربة البلد الأوربي في مجال الطاقة المتجددة خاصة في جوانبها التقنية و تدريب الرأسمال البشري و تكتيف الأبحاث.
و قد خلصت المباحثات المجرات بين الدولتين إلى الاتفاق على تطوير جوانب تعاون بين البلدين خاصة في الثلوت و تدبير النفايات و المواد الكيميائية و تطوير الآليات الاقتصادية و المالية فيما أجدى الطرف السويسري دعمه لترشيح المغرب كبلد مستضيف للدورة رقم 22 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية عام 2016.
و قد شكل الاستثناء المغربي في حالة الاستقرار يعيشها المغرب من أهم الحوافز التي تساهم في استقطاب مستثمرين من سويسرا
و يأتي هذا اللقاء أياما بعد مشاركة المغرب في مؤتمر دولي حول الطاقة المائية نظم بمالطا في إطار برنامج "البنك الدولي" بمساعدة بلدان الشرق الأوسط و شمال إفريقيا حيث يرى البنك الدولي هذه الدول بما فيها المغرب تواجه مشاكل في إدارة إمدادات المياه.[33]
و في الأخير نشير إلى أن المغرب وضع خطة طاقية وطنية بغرض الحصول على نجاعة طاقية و تنمية للطاقات المتجددة عبر تخفيض 12 في المائة في أفق 2020 و 15 في المائة من الاستهلاك الطاقة في أفق 2030 فضلا عن إنتاج 6000 ميغاواط من الطاقة اعتمادا فقط على الطاقة المتجددة وذلك على مستوى خمس محطات تتعلق بورزازت و عين بني مطهر و فم الواد و بجذور و سبخة تاه،حيث سيتم خلال المرحلة الأولى إنتاج 14 في المائة من الكهرباء خلال برنامج الطاقة الشمسية بحلول عام 2015 و بالتالي منع انبعاث 3.7 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويا و قد تم إعداد برنامج لتكوين الموارد البشرية من خلال إقامة دورات تكوينية متخصصة في مجال الطاقة داخل المدارس الهندسية الكبيرة و الجامعات و تدريب فنيين في معاهد التكوين المهني في مجال الطاقة المتجددة و توقيع اتفاقيات مع المدارس الكبرى الجامعات و المعاهد المتخصصة في البحوث و التنمية .[34]
و قد أصبح المغرب يتموقع في طليعة بلدان الجنوب الرائدة في تطوير الطاقات المتجددة كما أن قربه من الأسواق الاستهلاكية لجميع أنواع الطاقة يجعل منه وجهة مفضلة للاستثمارات في مجال الطاقة المتجددة الشيء الذي قد يوفر أزيد من 250.000 منصب للشغل.[35]
إعداد:ذ/إدريس لمين
تحميل الموضوع ملف PDF

هناك تعليقان (2):