الصفحات

بطلان العقود في قانون الإلتزامات والعقود

بطلان العقود في قانون الإلتزامات والعقود


البطلان هو الجزاء الذي يقرره المشرع نتيجة تخلف احد أركان العقد وقد يتقرر البطلان حتى بتوفر الأركان العامة للعقد وذلك بغياب الأركان الخاصة كالتسليم في العقود العينية و الشكلية في العقود الشكلية أو تنصيص القانون على ذلك لاعتبارات تتعلق بالنظام العام , وبالرجوع إلى بنود قانون الالتزامات والعقود نجد المشرع خص هذه النظرية ب 5 فصلا[1]

هذا ما يدفعنا إلى التساؤل حول حالات بطلان العقود؟ وما هي مظاهر هذا البطلان ؟

وما هي الآثار المترتبة عنه؟

سنحاول الإجابة عن هذه التساؤلات وفق 3محاور

· المحور الأول :حالات بطلان العقود

· المحور الثاني: مظاهر البطلان

· المحور الثالث : آثار بطلان العقود

المحور الأول :حالات بطـــلان العـــقود

تتعدد حالات البطلان التي تلحق العقود ويمكن تقسيمها إلى ثلاث حالات

1. حالة تخلف أو انعدام ركن من الأركان العامة للعقد المتمثلة في الرضي و المحل والسبب بالإضافة إلى الأهلية رغم أنها من شروط صحة التراضي إلا أن المشرع اعتبرها احد أركان قيام العقد, وهنا وجب التمييز بين غياب هذه الأركان وبين نقصانها كعيوب الرضي أو نقصان الأهلية فهذا لا يؤدي إلى بطلان هذه العقود وإنما إلى القابلية للإبطال"البطلان النسبي" إذن فإن أي عقد نشأ بدون تراضي طرفيه أو تم التعاقد فيه على شيء وهمي أو بناء على سبب غير مشروع فإن مصيره البطلان

2. هناك حالة ينشأ فيها العقد مستوفيا لجميع الأركان التي تطرقنا إليها في الفقرة الأولى ألا أن المشرع أضاف أركانا خاصة به وذلك لخصوصية العقد مثل شكلية العقد في العقود الشكلية حيث تصبح الشكلية في هكذا عقود ركنا خاصا يؤدي إلى البطلان في حال غيابه والشكلية غالبا ما تتمثل في الكتابة أو الإشهاد .

وهناك ركن التسليم وهذا الركن منحصر في العقود العينية حيث أن هذه العقود لا تقوم صحيحة مستوفية لكافة الآثار إلا بعد تسليم المحل إلى الطرف الثاني في العقد فعقد الرهن الحيازي "عقد عيني" لا ينعقد إلا بوضع الشيء المرهون فعليا تحت سلطة الدائن أو سلطة الغير يتفق الطرفين عليه. وغياب التسليم في العقود العينية يبطلها بطلانا مطلقا

3. حالة بطلان العقد بمقتضى نص قانوني وهذا يتم لاعتبارات تتعلق بالنظام العام لان النص القانوني قد يحول دون قيام العقد صحيح رغم استيفائه لجميع الأركان العامة والخاصة ويبطل بواسطة نص قانوني مثال فصل 870 ق.ل.ع الذي يبطل جميع العقود التي تشترط الفائدة بين المسلمين و الفصل728 الذي يبطل العقود التي تنصب على تقديم المدين خدماته لفائدة الدائن طول حياته ...

بعد حصر حالات البطلان التي تلحق بالعقد ما يدفعنا إلى البحث عن مظاهر هذا البطلان

المحور الثاني : مظاهر البطلان

يرتب البطلان كجزاء على عدم انعقاد العقد عدة مظاهر أو خصائص كالأتي :

1. بطلان جزء من العقد يبطل العقد كله مالم يكن العقد قابل للبقاء بدون الجزء الباطل كما جاء في الفصل 1114 ق.ل.ع أن الصلح إذا شكلت أجزاؤه وحدة متماسكة, وأعترى البطلان جزء منها فبطلان هذا الجزء يؤول إلى بطلان الصلح كله أما إذا كانت أجزاء الصلح مستقلة ومتميزة بعضها عن بعض, فبطلان جزء منها لا يؤثر على صحة بقية الأجزاء التي تبقى صحيحة وملزمة للطرفين

2. أن بطلان الالتزامات الأصلية يبطل الالتزامات التابعة لها في حين أن بطلان الالتزام التبعي لا يكون له أثر على صحة البطلان الأصلي

3. أن العقد الباطل لا تصححه الإجازة أو التصديق[2] والإجازة هي موافقة المتعاقد على تثبيت العقد الباطل وجعله عقدا ينتج أثار العقد الصحيح أما التصديق و الإقرار هو موافقة شخص أجنبي عن العقد وبه يضيف هذا الأجنبي أثر هذا العقد إلى نفسه

4. التقادم لا يصحح العقد الباطل لأن الباطل معدوم ,والمعدوم لا يصبح موجودا بمضي عامل الزمن ومهما مر الزمان فالدفع بالبطلان لا يسقط بالتقادم ولكل ذي مصلحة في البطلان إن يرفع دعوى يطلب فيها تقرير البطلان . لكن وفقا للمبادئ العامة ورغم انتفاء النص على تقادم دعوى البطلان فإن هذه الدعوى تتقادم بمرور 15 سنة[3] وذلك حفاظا على استقرار المعاملات

5. أن العقد الباطل باطل بقوة القانون لا يحتاج إلى إبطال وهو غير منعقد بين عاقديه وحكم بطلانه هو حكم كاشف لوضع سابق وليس منشئ لوضع جديد

المحور الثالث : آثار البطـــلان

والأصل والعام أن العقد الباطل لا يرتب أي أثر لأنه قانونيا هو غير موجود ولم ينشأ أبدا بين عاقديه وإذا كان العقد الباطل لم ينفذ بعد فلا يمكن لأحد طرفيه أن يلزم الأخر بتنفيذ العقد أما في حالة التنفيذ فمقتضيات البطلان تقضي بنقض التنفيذ الحاصل وإعادة الحالة إلا ما كانت عليه قبل الالتزام عملا بقاعدة ما بني على باطل فهو باطل لكن لكل قاعدة استثناء حيث هنالك بعض الحالات يمكن فيها للعقد الباطل ترتيب بعض آثار العقد الصحيح.

فالقانون رتب حالات استثنائية يكون فيها للعقد الباطل بعض الآثار كما في :

1. حالة عقد الزواج الباطل حيث ينتج عليه بعض آثار الزواج الصحيح حماية لخصوصية الأسرة , فيعتبر دخول الزوج على الزوجة في الزواج الفاسد دخولا شرعيا تستحق به الزوجة الصداق وثبوت النسب وتعين الاستبراء

2. في بطلان تصرف لسبب من أسباب البطلان وكان هذا التصرف يتضمن عناصر طافية لقيام تصرف أخر في ايطار ما يسمى تحول التصرف أو العقد كحالة بيع شخص لآخر بيت دون التنصيص في عقد البيع على الثمن في هذه الحالة يبطل عقد البيع لغياب محل التزام المشتري ولكن يمكن لهذا العقد التحول إلى عقد هبة إذا كانت نية العاقدين تنصرف إليها لو علما أن البيع لاينعقد بدون ثمن حقيقي

3. من القواعد التي تؤثر في هذا المجال "أن حيازة المنقول سند بملكيته" فإذا حاز زيد منقولا بواسطة عقد بيع باطل ورتب عن هذا المنقول حقوقا للغير كرهنه لدى لعمرو وكان هذا الأخير حسن النية , فبطلان عقد البيع الذي انتقلت به الملكية إلى زيد لا يؤثر على حقوق عمرو في الرهن بل يبقى الوضع بالنسبة له كما لو كان العقد صحيحا[4]

كما أن الغير الذي اكتسب حقا عينيا على عقار محفظ فإن حقه لا يزول ببطلان العقد كما جاء في الفصل 66 من ظ.ت.ع

خــــاتمة

بعد دراستنا لمؤسسة البطلان لاعتبارها إحدى النظريات التي تحكم العقد وأسالت مداد أقلام العديد من الفقهاء القانونيين في محاولة لتقريبه ببساطة للقارئ وتمييزه عن الأنظمة القانونية التي تختلط معانيها بنظام البطلان وخاصة الإبطال "البطلان النسبي" والفسخ على إن ف أتناول في القادم من المقالات هذه الأنظمة المتداولة في ميدان الاتفاقات التعاقدية.

[1] الفصول من 306الى310 ق.ل.ع

[2] الفصل 310 ق.ل.ع إجازة الالتزام الباطل بقوة القانون أو التصديق عليه لا يكون لها أدنى أثر

[3] الفصل 387 ق.ل.ع

[4] الفصل1187 ق.ل.ع

إعداد ذ/ عبد الرحمان جيضار


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق