الصفحات

إشكالية تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية النهائية

 إشكالية تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية النهائية



لا يخفى أن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء، إذ لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له، كما أن عدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم له، ويؤثر بالتالي على مصداقية الأحكام وعلى ثقة المواطنين في الجهاز القضائي.

نظرا لأهمية موضوع تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية باعتبارها أسمى تعبير من كل الأطراف المعنية عن تمجيد القضاء وتكريم السلطة القضائية، وفي الوقت ذاته اعترافا بحقوق المواطنين واحتراما وتكريسا لحقوق الإنسان، ما فتئت الحكومة تدعو إلى ضرورة الالتزام بقرارات القضاء ومراعاة الأحكام القضائية النهائية التي اكتسبت قوة الشيء المقضي به، وذلك بالعمل على تنفيذها سواء صدرت ضد الدولة أو ضد أحد الأجهزة أو المؤسسات التي تتولى الوصاية عليها طبقا لما أكده صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خلال ترؤس افتتاح أشغال دورة المجلس الأعلى للقضاء حيث أكد حفظه الله أنه: «من البديهي أنه لن يحقق القضاء هذا المبتغى، إلا إذا ضمنا لهيئته الحرمة اللازمة والفعالية الضرورية بجعل أحكامه الصادرة باسمنا تستهدف الإنصاف وفورية البت والتنفيذ، وجريان مفعولها على من يعنيهم الأمر».
وللوقوف عند حقيقة إشكالية تنفيذ الأحكام سنقوم بعرض الوضعية العامة لعملية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء المدني، ثم عرض الوضعية الخاصة لعملية تنفيذ الأحكام الصادرة ضد أشخاص القانون العام وكذا شركات التأمين.

1- الوضعية العامة لعملية تنفيذ الأحكام القضائية

إن الغاية المستهدفة من استصدار حكم قضائي هو التوصل إلى نفاذ منطوقه تبعا للصيغة التنفيذية المذيلة به، وعدم تحقيق هذه النتيجة يفقد الأحكام القضائية قدسيتها وينحدر بها إلى مصاف القرارات منعدمة المفعول، ما من شأنه أن ينعكس سلبا على ضبط العلاقات القانونية بين الأفراد، ويسهم في تعطيل استفادة المتقاضين من الحقوق المقررة لفائدتهم بواسطة القانون، والتي تعمل الأحكام القضائية على حمايتها. ومن تم فإن تفعيل الأثر القانوني والواقعي المقرر بموجب حكم قضائي يقتضي توظيف كل الوسائل القانونية الممكنة لتنفيذه، ومن جملتها تسخير القوة العمومية، ما لم يتعلق الأمر باعتبارات استثنائية من شأنها أن تبرر عدم التقيد بحجية الشيء المقضي به، والتي تعد قرينة قانونية قاطعة على أن الحكم هو عنوان الحقيقة.

وفي هذا الإطار اتخذت وزارة العدل مجموعة من التدابير لتفعيل عملية التنفيذ، خاصة:

. إنشاء خلية مركزية لمتابعة تنفيذ الأحكام القضائية والتي وفرت منذ إنشائها سنة 2003 تشخيصا مرقما لوضع تنفيذ الأحكام القضائية.
. تنظيم تعبئة سنوية لتصفية المخلف من ملفات التنفيذ، والتي بفضلها تم رفع درجة الوعي بأهمية تنفيذ الأحكام القضائية داخل أجل معقول، وتجنيد كل الطاقات لذلك.
. تكليف قاض في كل محكمة للإشراف على عمليات التنفيذ وتتبع إجراءاته .
. تعميم دوريات ومناشير على مختلف المتدخلين في عملية التنفيذ وهمت بالتحديد إعمال الصرامة اللازمة للحد من التهرب من تنفيذ الأحكام القضائية عن طريق اللجوء إلى المساطر الخاصة بصعوبات التنفيذ. 
. إقرار العمل بسياسة الاجتماعات الثنائية الدورية مع القطاعات الحكومية المختلفة، ما أفضى إلى تصفية كثير من الملفات العالقة ، وتشخيص ملفات كانت مفقودة ، وتحديد جدولة زمنية لتصفية المخلف من ملفات التنفيذ.
. العمل على تصفية الملفات التنفيذية القديمة وإيلائها كامل العناية.
. العمل على دعم وتقوية جهاز التنفيذ وتعزيزه على مستوى المحاكم بالموارد اللازمة.
لكن رغم كل هذه التدابير، مازالت مجموعة من الصعوبات تعيق حسن سير عملية التنفيذ.
2- الصعوبات التي تواجه تنفيذ الأحكام القضائية:
لقد تم رصد مجموعة من الصعوبات التي تعوق تنفيذ الأحكام القضائية والتي يمكن تلخيصها في ما يلي:
أ- الصعوبات القانونية.
ب- الصعوبات البشرية واللوجيستيكية.
ج- الصعوبات الموضوعية.
أ - الصعوبات القانونية، وتتمثل في ما يلي:
-سلوك المساطر الفرعية والكيدية لعرقلة التنفيذ من قبيل استحقاق المنقولات المحجوزة بتواطؤ مع المنفذ عليهم، أو تدخل الأغيار لوقف التنفيذ بدعوى مساس التنفيذ بحقوقهم.
-عدم وضوح منطوق بعض الأحكام باستعمال عبارات عامة كإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه، أو عدم تحديد الحدود في العقارات.
-اللجوء إلى طلب مهل استرحامية الشيء الذي يتحول في أحيان كثيرة إلى مصدر لإفراغ عملية تنفيذ الأحكام من محتواها، بحيث تستغل في ربح الوقت انتظارا للحصول على قرار استئنافي يقضي بإيقاف التنفيذ، أو تأخير عملية التنفيذ حتى يتمكن المنفذ عليه من إخلاء المحل موضوع التنفيذ من شواغله التي يمكن حجزها، وإما خلق صعوبات واقعية كإسكان الغير بالمحل موضوع الإفراغ.
-المشاكل المرتبطة بإجراءات التبليغ.
ب - الصعوبات البشرية واللوجيستيكية : تأخذ مجموعة من الأشكال من أهمها:
- نقص في عدد أعوان التنفيذ والمفوضين القضائيين بكثير من محاكم المملكة، كما أشارت بعض التقارير إلى الانخراط الضعيف لهؤلاء في تصفية ما بأيديهم من ملفات.
- ضعف وسائل العمل إن لم يكن انعدامها في بعض المحاكم خاصة منها التي يمتد نفوذها الترابي للبوادي و المناطق الوعرة جغرافيا.
- عدم توفر كثير من المحاكم على قاعة خاصة بالبيوعات.
- ضعف وسائل الإخبار و عدم فعاليتها في تعميم وإشهار البيوعات.
- اعتماد تدبير ملفات التنفيذ لسائر المحاكم على الوسائل اليدوية وعدم توظيف المعلوميات على هذا المستوى.
- صعوبة تدبير الإنابات القضائية وتأخرها.
ج - الصعوبات الموضوعية، تتركز في مايلي:
- عدم فعالية السلطات المحلية في استعمال القوة العمومية.
- عجز المتقاضين في المناطق البدوية والفقيرة عن أداء مصاريف التنفيذ.
- سلبية كثير من الأطراف كالبنوك والخزينة العامة، والمحاسبين العموميين إذ يستنكفون عن تقديم المساعدة وتسهيل عمليات التنفيذ في ما هو مودع لديهم خصوصا في مسطرة الحجز التنفيذي لدى الغير.
- صعوبة بيع المحجوز الذي يترك بيد المنفذ عليه الذي قد لا يسمح بمعاينته قبل يوم البيع، أو يقوم بتبديده.
- إهمال طالب التنفيذ أو محاميهم متابعة ملفاتهم، وما تتطلبه أحيانا من إيداع بعض المصاريف المرتبطة بعملية التنفيذ.
صعوبة العثور على المنفذ عليه أو موتهم، وما يتبع ذلك من صعوبة تبليغ الورثة. ورغم هذه الصعوبات فقد عرفت نسبة تنفيذ الأحكام القضائية المدنية تحسنا ملحوظا خلال سنة 2010 والنصف الأول من سنة2011.
3 - وضعية عملية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد أشخاص القانون العام:
إن الحياد عن تحقيق غاية ضمان تنفيذ الأحكام القضائية المكتسبة لقوة الشيء المقضي به من شأنه أن ينأى بالوظيفة القضائية إلى سبيل آخر ينزع عنها فعاليتها الحمائية لحقوق المتقاضين. فالإدارة ملزمة قانونا بسلوك نهج «الرجل الشريف»، بالخضوع إداريا وتلقائيا للقاعدة القانونية بمفهومها الواسع مادام تفعيل مفهوم العدالة الإدارية يستند إلى إجبارية خضوع الإدارة تلقائيا وبحسن نية لمبدأ الشرعية القانونية، ليس فقط سلبا، بالاستنكاف عن مخالفة ما قرره القضاء، بل كذلك إيجابا بالعمل على اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لتنفيذ ما قرره القضاء.
وفي هذا الإطار، دأب القضاء على اعتبار أن تجاهل السلطات الإدارية للأحكام نافذة المفعول والمذيلة بالصيغة التنفيذية يشكل، ماعدا في الظروف الاستثنائية، شططا في استعمال السلطة لما يترتب عن ذلك من خرق للقواعد الأساسية للتنظيم القضائي والإجراءات القضائية التي باحترامها يحترم النظام العام، كما اعتبر أن الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية ، من غير مسوغ قانوني ولفترة تتجاوز الأجل المعقول يؤثر سلبا على السير المنتظم لمرفق القضاء ويسهم في تعطيل استفادة المعنيين بالأمر من الحقوق المقررة لهم بواسطة هذه الأحكام، وهو ما من شأنه أن يشكل خطأ مرفقيا في حق الجهة المخاطبة بالتنفيذ، علما أن الامتناع الذي ينهض سببا لإثارة مسؤولية الدولة عن عدم التنفيذ، هو الامتناع الصريح أو الذي يمكن أن يستشف من وقائع ثابتة تفيد تعنت الإدارة وإحجامها عن الخضوع لقوة الشيء المقضي به. وفي هذا الصدد، عملت مديرية الشؤون المدنية بوزارة العدل والحريات على تشخيص الوضعية الحالية لعملية تنفيذ الأحكام الصادرة ضد أشخاص القانون العام، كما عملت على وضع تصور شامل يمكن من اتخاذ تدابير تصحيحية من خلال بناء استراتيجية تتعلق بتدبير شامل وفعال لملف التنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام.
أولا: وضعية عملية تنفيذ الأحكام القضائية ضد أشخاص القانون العام
لئن كان كل مجهود أو استثمار في مجال العدل لا يمكن معاينته إلا من خلال تحقيق غاية مسطرة التقاضي المتمثلة في إرجاع الحق إلى صاحبه داخل أجل معقول ، فإن تفعيل وتيرة الإصلاح وتفعيل مبادرة التغيير لن يكون لها وقع على نفسية المتقاضين، إذا لم يعمل الجهاز القضائي على الدفع بعملية التنفيذ للأمام والعمل على تجاوز الصعاب والمعيقات التي تحول دون الوصول إلى الغاية من التقاضي.
ولأن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية النهائية يشكل مظهرا من مظاهر دولة الحق والقانون، فقد تم اتخاذ مجموعة من التدابير لتفعيل عملية التنفيذ من خلال:
- إنشاء خلية مركزية لمتابعة عملية تنفيذ الأحكام القضائية والتي وفرت منذ إنشائها، سنة 2003، تشخيصا مرقما لوضع تنفيذ الأحكام القضائية.
- تنظيم تعبئة سنوية لتصفية المخلف من ملفات التنفيذ، والتي بفضلها تم رفع درجة الوعي بأهمية تنفيذ الأحكام القضائية داخل أجل معقول، وتجنيد كل الطاقات لذلك.
- تكليف قاض في كل محكمة للإشراف على عمليات التنفيذ وتتبع إجراءاته.
- تعميم دوريات ومناشير على مختلف المتدخلين في عملية التنفيذ، همت بالتحديد إعمال الصرامة اللازمة للحد من التهرب من تنفيذ الأحكام القضائية عن طريق تحريك المساطر الخاصة بصعوبات التنفيذ، مجاراة للعمل القضائي الذي يعتبر أن صعوبات التنفيذ هي المنازعات التي تعترض تنفيذ الأحكام الحائزة لقوة الشيء المقضي به وتشكل صعوبات مادية أو قانونية تحدث بعد صدور الحكم، وهي إما وقتية تهدف إلى تأجيل التنفيذ مؤقتا لغاية تصحيح إجراء من إجراءاته أو موضوعية تهدف إلى إيقاف التنفيذ نهائيا لغاية صدور حكم حاسم حول النزاع موضوع التنفيذ، ومن تم لا تجدي الصعوبة إذا كان مبناها وقائع سابقة على صدور الحكم الذي يتم التنفيذ بمقتضاه باعتبارها منازعة استنفدت موضوعها بصدور الحكم القابل للتنفيذ الذي يفترض أنه أجاب عنها بصورة صريحة أو ضمنية.
- إقرار العمل بسياسة الاجتماعات الثنائية الدورية مع القطاعات الحكومية المختلفة، مما أفضى إلى تصفية كثير من الملفات العالقة، وتشخيص ملفات كانت مفقودة، وتحديد جدولة زمنية لتصفية المخلف من ملفات التنفيذ.
- العمل على تصفية الملفات التنفيذية القديمة وإيلائها كامل العناية.
- العمل على دعم وتقوية جهاز التنفيذ وتعزيزه على مستوى المحاكم بالموارد اللازمة.
ثانيا:صعوبات التنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام 
لا يخفى أن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء، إذ لا ينفع التكلم بحق لا نفاذ له، كما أن عدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم له، ويؤثر بالتالي على مصداقية الأحكام وعلى ثقة المواطنين في الجهاز القضائي. إن تفعيل هذه التدابير لا يعني تدليل كل الصعوبات المتعلقة بتنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري والتي يمكن رصدها في ما يلي:
1- الإشكالات المرتبطة بالجانب المالي: 
لقد تم إحداث قضاء إداري متخصص قصد تأكيد إيمان بلدنا بسمو القانون ووجوب احترام مبدأ الشرعية المتمثل في خضوع الدولة لحكم القانون، إلا أنه لوحظ وجود حالات كثيرة من الامتناع والتماطل في تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة أشخاص القانون العام، بعلة عدم وجود اعتمادات مالية لتنفيذ الأحكام الإدارية، كما يتم التذرع بالتعقيدات المتعلقة بقانون المالية لأجل برمجة المبالغ المالية المحكوم بها على الشخص الخاضع للقانون العام، وبعدم وجود مناصب مالية شاغرة لتفادي تنفيذ الأحكام المتعلقة بإلغاء قرارات عزل الموظفين.
2- الإشكالات المرتبطة بالجانب القانوني والمؤسساتي:
تكمن هذه الإشكالات خاصة في تعدد المتدخلين وتداخل الاختصاصات وتعقد الإجراءات الإدارية المتعلقة بالتنفيذ، وتعارض بعض النصوص الخاصة المنظمة لمسؤولية بعض المخاطبين بعملية التنفيذ، خاصة مسؤولية مراقب الالتزام بنفقات الدولة والمحافظ على الأملاك العقارية، مع إلزامية التقيد بحجية الشيء المقضي به، وامتناع الخزينة العامة، عمدا في بعض الحالات، عن الإدلاء بالتصريح الإيجابي في حالة طلب المصادقة على الحجز، هذا فضلا عن عدم جدوى تنفيذ الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة باعتبار أن هذه الغرامة تنقلب إلى تعويض وتصطدم بامتناع جديد للإدارة عن التنفيذ، وكذا عدم جواز الحجز على الأموال العمومية في ضوء قاعدة ضرورة سير المرفق بانتظام وعدم تعطيل وظيفته، علما أنه إذا كان لا يجوز الحجز على الأموال العامة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة باعتبار أن الحجز والتنفيذ عليه من شأنه أن يعرقل ويعطل وظيفة النفع العام الملقاة على عاتقها، فإنه استثناء من ذلك يجوز الحجز على الأموال الخاصة لأشخاص القانون العام متى كان الحجز، بحسب تقدير السلطة القضائية المقررة للحجز، ليس من شأنه عرقلة سير المرفق العمومي أو تعطيل خدمات جمهور الناس به أو متى تم رصد الأموال للتنفيذ ولسداد التعويضات المعنية بالأحكام.
ورغم هذه الإشكالات فقد قامت الوزارة باتخاذ مجموعة من التدابير التي أثمرت رفع نسبة تنفيذ الأحكام الصادرة ضد الإدارات والمؤسسات العمومية.
ثالثا: استراتيجية الوزارة المتعلقة بتدبير ملف التنفيذ في مواجهة الإدارات والمؤسسات العمومية: 
عملت وزارة العدل على وضع تصور شامل لتدبير ملف التنفييذ على مستويين:
- مستوى التدبير الإداري .
مستوى تحديد المرجعية القانونية .
أ- على مستوى التدبير الإداري:
عملت وزارة العدل على خلق بنك للمعطيات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية، وكذا متابعة العمل بالتدابير التالية:
تخصيص خلية مركزية لمتابعة تنفيذ الأحكام القضائية.
تنظيم التعبئة السنوية لتصفية المخلف من ملفات التنفيذ.
- مواصلة العمل بسياسة الاجتماعات الثنائية الدورية مع القطاعات الحكومية المختلفة على المستويين الجهوي والمركزي.
- تحديد القاضي المكلف بمتابعة التنفيذ على مستوى مختلف المحاكم الذي سيصبح ملزما بإعداد تقرير مفصل كل ثلاثة أشهر حول وضعيات ملفات التنفيذ.
ب- وضع منظومة قانونية متكاملة لمعالجة إشكالية عدم تنفيذ أحكام القضاء الإداري:
يتعلق الأمر بوضع مقتضيات قانونية خاصة بتنفيذ الأحكام والقرارات النهائية الصادرة في المادة الإدارية، في إطار مشروع قانون المسطرة المدنية الجديد الذي تتم صياغته من طرف لجنة مراجعة ومواكبة التشريع، وذلك من خلال اقتراح تبني آلية قانونية لضمان تنفيذ الأحكام وفق مايلي:
الحالة التي يكتسب فيها الحكم القاضي بأداء مبالغ مالية قوة الشيء المقضي به، يتم إصدار أمر بالدفع داخل أجل محدد قانونا.
إذا كانت الاعتمادات غير كافية، يتم إصدار أمر بالدفع في حدود المبالغ المتوفرة على أن يتم إصدار أمر بدفع تكميلي في أجل أقصاه السنة المالية الموالية.
في حالة عدم إصدار أمر بالدفع وفقا للكيفية المحددة أعلاه، يتم تسديد المبالغ المحكوم بها فورا من طرف المحاسب العمومي المكلف بمجرد تقديم نسخة الحكم باعتبارها سندا تنفيذيا.
في حالة إحجام المحاسب عن التنفيذ، يمكن اللجوء إلى:
- آلية الغرامة التهديدية .
- آلية الحجز التنفيذي.
إقرار المسؤولية الشخصية والتأديبية للممتنع عن التنفيذ.
وقد تم إعداد هذا التصور بناء على دراسة سوسيو قانونية لإشكالية تنفيذ الأحكام الصادرة ضد أشخاص القانون العام تجدونها رفقة هذه المذكرة.
رابعا: وضعية تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد شركات التأمين:
لقد أفضت الاجتماعات التنسيقية التي عقدتها وزارة العدل مع شركات التأمين المنضوية تحت لواء الجامعة المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين، في إطار مواكبة وتتبع عملية تنفيذ الأحكام في هذا المجال خلال النصف الأول من سنة 2008، إلى دراسة المشاكل التي تواجهها عملية تنفيذ الأحكام الصادرة بالتعويض في مواجهة هذه الشركات سواء عن حوادث السير أو حوادث الشغل، وقد مكنت هذه الاجتماعات من تجاوز الكثير من الصعوبات وأثمرت نتائج هامة بالنسبة إلى العديد من الملفات التي كانت متعثرة في التنفيذ، بحيث أمكن القضاء بشكل تام على المخلف من الملفات غير المنفذة بالنسبة إلى سنوات معينة، وأصيح حجم المخلف من الملفات غير المنفذة يسجل كل سنة انخفاضا ملحوظا ، كما أصبحت نسبة الأحكام المنفذة تعرف ارتفعا هاما كل سنة، إذ بلغ مجموع الأحكام المطلوبة في التنفيذ خلال سنة 2010 ما مجموعه 100000 ملف نفذ منها 82882 ملفا، أي ما نسبته 68,8 في المائة، مع العلم أنه تمت تصفية جل الملفات التي ترجع إلى ما قبل سنة 2009.
ولم يكن من الممكن تحقيق هذه النتائج لولا اتخاذ مجموعة من التدابير لتفعيل عملية التنفيذ خاصة:
-عقد لقاءات شهرية مع شركات التأمين المنضوية تحت لواء الجامعة المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين.
-عقد لقاءات ثنائية مع شركات التأمين التي كان لها أكبر مخلف قصد حثها على تصفيته.
غير أن هذا لا يعني عدم وجود صعوبات وإشكاليات حقيقية تعترض التنفيذ في مواجهة شركات التأمين.
أولا- إشكاليات التنفيذ في مواجهة شركات التأمين: تتلخص هذه الإشكالات في ما يلي:
- عدم تخصيص هذه الشركات لجهة مختصة لمتابعة عملية التنفيذ.
- عدم إقدام بعض الشركات على بيع رصيدها العقاري لتوفير السيولة المالية رغم حصولها على الموافقة على ذلك.
-عدم فعالية الحجز لدى الغير في مواجهة شركات التأمين لابتداعها طريقة الحساب الجاري التي تجعل رصيدها مدينا باستمرار، واختيارها لنظام التسهيلات البنكية. 
-تنفيذ الأحكام من طرف شركات التأمين يتوقف عمليا خلال العطلة الصيفية وفي آخر شهر من السنة.
-جعل عمليات تنفيذ الأحكام من طرف شركات التأمين محصور في عدد معين وغلاف مالي محدد مسبقا (الكوطا).
- بعض شركات التأمين لا تنفذ الأحكام الصادرة في حوادث الشغل القاضية بالرأسمال رغم النفاذ المعجل معللة ذلك باستئنافها لهذه الأحكام.
ثانيا- استراتيجية وزارة العدل لتدبير ملف التنفيذ في مواجهة شركات التأمين: تتشكل هذه الاستراتيجية من خلال اتخاذ التدابير التالية:
- تحريك مساطر التنفيذ الجبري وهو ما من شأنه أن يعمل على نقل شركات التأمين من حالة الاطمئنان إلى حالة اليقظة، ويدفع بها إلى إيلاء عملية التنفيذ الاهتمام اللازم.
تتبع أقسام التنفيذ بكافة المحاكم للوقوف على مكامن الخلل وكل ما من شأنه أن يعرقل إجراءات التنفيذ.
- حث وزارة المالية على إجراء تفتيش لشركات التأمين للوقوف على إخلالات التسيير.
متابعة سياسة الاجتماعات الثنائية مع شركات التأمين. 
- موافاة الوزارة باسم القاضي المكلف بمتابعة التنفيذ في مختلف المحاكم والذي يكون ملزما بإعداد تقرير كمفصل كل ثلاثة أشهر حول وضعية ملفات التنفيذ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق