الصفحات

أهمية الرسوم الجمركية ضمن المنظومة الضريبية وأثر إلغائها على الميزانية

أهمية الرسوم الجمركية ضمن المنظومة الضريبية وأثر إلغائها على الميزانية


لقد عرفت التعرفة الجمركية تطورا مستمرا عبر مختلف المحطات الاقتصادية الكبرى و ذلك في ظل التأرجح الذي عرفته التجارة الخارجية ما بين نظرية الحماية و التبادل التجاري الحر.

فالنظام الجمركي يعتبر من أهم الأنظمة المسايرة لسياق النظام الاقتصادي العالمي وللتطورات الجديدة. فالسياسة الجمركية أصبحت تحكمها القوانين العالمية المنبثقة من الاتفاقيات العامة للمنظمة العالمية للتجارة ومن الاتفاقيات  التبادل الحر المتعددة الأطراف.هذه القوانين التي أصبحت تلغي شيئا فشيئا القوانين الجمركية الداخلية و تخضع العالم لقوانين السوق الكونية التي فرضتها القوى الاقتصادية الكبرى متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد الأوروبي و اليابان، وكذا الشركات المتعددة الجنسيات التي تحاول السيطرة اقتصاديا على العالم، من أجل إيجاد الأسواق الكافية لتسويق منتجها و خدماتها.
وتعتبر الرسوم الجمركية موردا مهما لمداخيل الدولة كما أنها أداة لجلب الأموال الأجنبية قصد تحسين ميزان المدفوعات، كما تعتبر التعرفة الجمركية أداة لمراقبة دخول وخروج السلع عبر حدودها لتوفير الحماية لسوق الوطنية قصد تحقيق التنمية الاقتصادية الداخلية ولحماية الصناعة الناشئة. كما اتخذها المغرب إبان الاستقلال كفرض لسيادته الوطنية ،حيث أن المشروع الاستعماري لنظام الحماية كان مشروعا اقتصاديا بامتياز، ذلك أن مراجعة التعرفة الجمركية تخضع لمجموعة من العوامل أبرزها ضرورة تحقيق التوازن في الميزانية العامة والميزان التجاري.
وكان أول من وضع الرسوم الجمركية كولبير في أواخر القرن السابع عشر (1638/1619 )،حيث كان يشغل منصب المراقب العام للمالية في عهد لويس الرابع عشر،حاول ترسيخ أفكاره المنبثقة من الفكر الميركانتيلي والتي تنص على أن ثروات  الدول تقاس بمدخراتها النقدية، وبالتالي يجب تصدير أكبر قدر ممكن من المنتوجات ذات القيمة المرتفعة واستيراد أقل ما يمكن.كما يجب على الدولة التدخل من أجل تنمية التجارة والصناعة، وذلك عن طريق مساعدة  الملاحة التجارية وتشجيع وحماية المنتجات الوطنية وإلغاء الجمارك الداخلية. فاستطاع ولأول مرة وضع تعرفة وطنية بالنسبة لفرنسا، وإظهار الدور الاقتصادي للجبايات الجمركية، الشيء الذي صنع منه الأب الفعلي للجمارك العصرية.فقد اتبعت الثورة الفرنسية خطواته، فقامت بإلغاء التعريفات المتنوعة للمقاطعات وأحدثت  تعرفة وحيدة على صعيد فرنسا ككل. وهدفت هذه التعرفة لتحقيق سياسة معينة تتمثل في حماية الصناعات المحلية إلى جانب تحقيق مداخيل جمركية مهمة بالنسبة للخزينة.
 ويرجع أصل ظهورالرسوم الجمركية بالمغرب ،منذ الفتح الإسلامي خلال القرن السابع الميلادي باعتبارها من مكونات النظام الضريبي الذي كان يستمد أصوله وقواعده من أحكام الشريعة الإسلامية.ومن المعاملات المالية والتجارية التي ميزات تلك الحقبة من تاريخ البلاد حيث كانت المكوس تسمى أعشارا بحكم سعرها الذي كان يعادل عشر قيمة البضاعة المستوردة.
لكن بعد الاستقلال اتخذت الدولة عدة إجراءات تهدف إلى تعزيز مظاهر السيادة الوطنية حيث أعيد النظر في النظام الجمركي وهكذا صدر ظهير 24 ماي 1957 المحدث للتعرفة الجمركية عند الاستيراد والتي شكلت أساسا السياسة المالية والجبائية والاقتصادية، لكن خلال الفترة الأخيرة حيث دخول المغرب إلى مجموعة من الاتفاقيات والشراكة كاتفاقية الاتحاد الأروبي و اتفاقية الولايات المتحدة لتبادل الحر وانضمام المغرب إلى اتفاقية منظمة التجارة العالمية، أصبحت هذه الرسوم تعرف انخفاضا مستمرا نتيجة لسياسة التحرير،وتفكيك الحواجز الجمركية. مما ترتب عنه حرمان الميزانية من إحدى منابعها التقليدية. ومن هنا تبرز الإشكالية الرئيسية لسياسة الإنفتاح الإقتصادي.إلى أي حد استطاع المغرب أن ينجح في سياسة الإنفتاح الإفتصادي،والتبادل الحردون تأثير ذلك على سياسته المالية والإقتصادية ؟   ومن خلال هذه الإشكالية  يمكن طرح بعض الأسئلة التالية:                                                     - ماهي السياسة الجمركية للنظام المغربي ؟                                                                       - وماهي الإتفاقيات التي شكلت الإطار العام للإلغاء الجمركي ؟                                                  - وماهي تداعيات الإلغاء الجمركي على السياسة المالية والإقتصادية،والسياسة الجبائية؟

ومن هذا المنطلق سنقسم هذا الموضوع إلى مبحثين الأول لسياسة الجمركية والتشريع الداخلي 
وإتفاقيات الإلغاء الجمركي.أما المبحث الثاي سنتطرق لآثارالإلغاء الجمركي.وفق التصميم التالي:
*    المبحث الأول: السياسة الجمركية و التشريع الجمركي الداخلي
             المطلب الأول :السياسة الجمركية    
            المطلب الثاني: اتفاقيات التبادل الحر كإطار عام لإلغاء الرسوم الجمركية.
*    المبحث الثاني :آثار الإلغاء الجمركي
           المطلب الأول: الأثار المالية والجبائية للإلغاء الجمركي
          المطلب الثاني: اليات الإصلاح لمواجهة إشكاليات الإلغاء الجمركي













*  المبحث الأول : السياسة الجمركية و التشريع الجمركي الداخلي 
عرف المغرب بعد الاستقلال تحديثا جمركيا حيث أنه عمل على تطوير الإدارة الجمركية والاستغناء عن مجموعة من الآليات والمعاهدات المبرمة مع فرنسا وانجلترا في الاستعمار كاتفاقية الجزيرة الخضراء 1906 بالإضافة إلى فرض حماية على الواردات كما اتخذت إجراءات تهدف إلى تعزيز السيادة الوطنية وقد أحدث ظهير 24 ماي 1957 المحدث لتعرفة الجمركية عند الاستيراد. التي شكلت أساس السياسة المالية والجبائية والافتصادية. 
المطلب الأول :السياسة الجمركية
منذ الاستقلال عمل المغرب على وضع قطيعة مع النظام الجمركي الموروث ،والتعجيل بوضع نظام جمركي يخدم الأهداف الاقتصادية للمغرب المستقل المتمثل في تشجيع  الاستثمار و ضمان استيراد آليات التجهيز،و الحفاظ على التزويد  المستمر للسوق الداخلية بالمواد الأساسية والضرورية ،والتحكم في دواليب التجارة الخارجية، مع مراعاة الجانب التمويلي للرسوم الجمركية . مما جعل المغرب يحقق وحدة جمركية حقيقة في إطار جمركي موحد، بوضعه أول تعرفه جمركية تفاضلية تعبر عن السيادة الوطنية ،وتحديد مجوعة من الاهداف السياسية والاقتصادية و المالية .ثم تحديد مجموعة من الآليات و الثقنيات ووضع  نظاما إداريا متكاملا لتحقيق هذه السياسة المتوخاة
   الفقرة الأولى : أهداف السياسة الجمركية 
تنبني السياسة الجمركية على اتخاذ مجموعة من الاجرو تحديد المبادلات الخارجية بحيث يعتبر حل وسط بين  انطواء الدولة على نفسها و اغلاق الحدود  في وجه المنتوجات الاجنبية  وبين حرية المبادلات و فتح الحدود على مصارعيها  و للسياسة الجمركية ثلاثة أهداف 
      أولا :  الهدف السياسي
يتجلى الهدف السياسي في رغبة الدولة في دعم العلاقة السياسية مع بلدان معينة كمنحها تفضيلات جمركية و غيرها من تسهيلات التجارة  الخارجية،أو في حالة الخلافات السياسية تستخدم العقوبات كسلاح لمنع الاستيراد و التصدير مع دول معينة.كما انه هدف يتجلى في الحفاظ على السيادة الوطنية و تحقيق اكبر قدر من الاستقلال السياسي لتلبية الاقتصاد الوطني
نجد المغرب منذ حصوله على الاستقلال عمد الى تحقيق هذا الهدف بالتخلي عن النظام الجمركي القديم الذي كان يقسم المغرب إداريا بموجبه إلى ثلاث مناطق نفوذ و هي منطقة الحماية الفرنسية – المنطقة الاسبانية – والمنطقة الدولية في طنجة – و كانت لكل نقطة شخصيتها القانونية  والاقتصادية المالية
و لتحقيق هذا الهدف السياسي تم توحيد الحدود الجمركية الغربية و إلغاء المعاهدات و الاتفاقيات الجمركية المبرمة في عهد الحماية و هذا دليل على السيادة الوطنية و عن وجود اختيار اقتصادي وطني في مجال السياسة الجمركية .


      ثانيا: الهدف الاقتصادي
يتمثل هذا الهدف في  حماية المنتجات الوطنية و تشجيع الاستثمارات. فقد أصبح النظام الجمركي  يمثل ذلك الجندي القائم على حماية  المنتج الوطني، من المنافسة الأجنبية  عن طريق فرض رسوم جمركية  عالية  بالنسبة للمنتجات التي تصنع، والتي تنافس المنتجات المحلية بالشكل الذي يجعل الواردات الأساسية باهظة الثمن.واستخدم كذلك  في الدول النامية كوسيلة لحماية صناعتها الناشئة
و تؤدي هذه السياسة الى جلب الاستثمار الأجنبي فارتفاع نسبة الرسوم الجمركية على الواردات يدفع في التفكير في خلق فروع للإنتاج  في الدول الحمية وذلك تفاديا للحواجز الجمركية ويسلهم في توفير عملة صعبة و كذا في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات
غير ان هذه الامتيازات  ترافقها مجموعة من السلبيات منها خسارة إيرادات العملة الصعبة المتأتية من عمليات التصدير التي يقوم بها الأجانب نحو البلدان المحمية او نقل التحويلات  بالعملة الصعبة للارباح التي يحققها المستثمرون الأجانب. كما انها تخلق الاختلال في ميزانية العرض والطلب و يترتب عنها تخفيض الإنتاجية لعدم توفر المنافسة بالإضافة الى التهريب من دفع الرسوم العالية.
الى جانب انها سياسة حمائية فهي كذلك سياسة تشجيعية تمس الصادرات و كذا الاستثمارات
·        تشجيع الصادرات 
 بغية الوصول إلى هذا الهدف تقوم الدولة بسن مجموعة من القوانين وتبرم اتفاقيات تحدد فيها كيفية  الاستفادة من نظام الأفضلية بحيث ان تشجيع التصدير يعني بالدرجة الأولى المساهمة في تعجيل التنمية الا ان نجاح التصدير يتطلب النهوض بالصناعة الوطنية للدولة  وإتاحة الفرصة للاندماج في المحيط الجهوي و الدولي للدولة وليس هناك اهم من تشجيع الاستثمار للتحقيق هذه التنمية
·        تشجيع الاستثمار     
تلعب رؤوس الأموال دورا كبيرا في تحريك اقتصاديات الدول فبدون سيولة مالية لا يمكن الحديث عن اقتصاد قوي و لجلب هذه الأموال تعمد الدولة الى تشجيع الاستثمار خاصة في  الميادين التي تراها ضعيفة و بها خصاص، فتقوم بتشجيع الاستثمار بها عن طريق نهج مجموعة  من الأساليب كالإعفاءات الضريبية لخدمة الأهداف الاقتصادية
 ثالثا: الهدف الجبائي
يتجلى الهدف الجبائي هنا إلى تحصيل اكبر قدر من الداخل او الموارد من اجل تمويل الخزينة العامة بحيث هناك نوعين من الموارد
الموارد المتأتية من الرسوم الجمركية و هي 
-  رسم الاستيراد   
-   الاقتطاعات الضريبية  عن الاستيراد
 -  رسم التصدير
- الرسوم المتأتية من الضرائب الغير المباشرة و تضم
-  T.V.A  -  الضريبة على القيمة المضافة
 -  المكس الداخلي على الاستهلاك
الفقرة الثانية : آليات العمل الجمركي
قبل تعريف آليات العمل الجمركي لابد من تعريف التراب الجمركي فهو يتضمن الأراضي والمياه الإقليمية والمحيط الجوي للدولة باستثناء المناطق الحرة وهو الرقعة التي يمكن لأعوان الإدارة ممارسة سلطاتهم العامة أو الخاصة بها. 
كما أن المناطق الحرة بأنها مناطق مكونة من التراب الجمركي لا يسري عليها كل أو بعض القوانين والأنظمة الجمركية فهذه المناطق رغم وجودها داخل التراب الجمركي فإن إدارة الجمارك تتعامل معها بشكل مخالف عن باقي المناطق الموجودة بالتراب الجمركي.
والأنظمة والقوانين الجمركية: مجموع الأحكام التشريعية والتنظيمية التي تهم استيراد وتصدير البضائع والتي تكلف الإدارة بتطبيقها بمقتضى نص صريح.
وأما ادارة الجمارك جزء من المصالح الخارجية لوزارة المالية و تقوم هده الادارة بدراسة و اعداد مشاريع النصوص التشريعية و التنظيمية المتعلقة بالجمارك. و الرسوم الداخلية على الاستهلاك .كما تقوم بتطبيق هده النصوص و بتطبيق القوانين الخاصة بمراقبة التجارة الخارجية و الصرف.
وتعد التعرفة الجمركية أهم آلية تعتمدها الأنظمة الجمركية سواء في المغرب أو في باقي دول العالم حيث أنها تطبق على الصادرات والواردات بحيث هي أساس العمل الجمركي وتعرف التعرفة الجمركية على أنها وثيقة جمركية مكونة من مجموع القوانين الجمركية ومن المدونة العامة للمنتوجات وتعتبر الرسوم الجمركية ضريبة تفرضها الدولة على السلع التي يتم استيرادها أو تصديرها بهدف وضع شكل معين من الرقابة على السلع المستوردة أو المصدرة تبعا للبرنامج العام للاستيراد الذي تحدد فيه البضائع التي تخضع للاستيراد بإذن خاص، والاستيراد هو "دخول بضائع آتية من الخارج أو من المناطق الحرة إلى التراب الخاضع للقوانين والأنظمة الجمركية وقد ترد عن طريق الجو أو البحر أو البر"، والتصدير خروج البضائع من التراب الخاضع ومعلوم أن عملية التصدير تقتضي خروج البضائع من التراب الجمركي بأية وسيلة من وسائل النقل بعد مرورها من مكتب من المكاتب الجمركية المخصصة لخروج البضائع.
أولا: أنواع التعرفة الجمركية: 
تنقسم التعرفة الجمركية حسب التشريع الجمركي المغربي إلى ثلاث أنواع وهي: التعرفة المستقلة والتعرفة التعاقدية والتعرفة المزدوجة.
1.     التعرفة المستقلة: وهي التعرفة التي تضعها الدولة وتطبقها على وارداتها دون الاتفاق مع الدولة المصدرة فللدولة المستقيلة تبقى لديها حرية التحديد.
2.     التعرفة التعاقدية: فهي عكس الأولى فهي تتمخض عن اتفاق بين دولتين أو أكثر وأساس هذه التعرفة يستمد من المعاهدات التجارية.
3.     التعرفة المزوجة: بمقتضى هذه التعرفة يقوم المشرع بوضع تعريفتين او اكثر إما لأسباب تفاضلية أو لأسباب عقابية زجرية فالتعرفة المزدوجة تحدد تعريفتين واحدة مرتفعة وأخرى منخفضة ويتم العمل بأحدهما حسب ما تم التصديق عليه في المعاهدات والاتفاقيات التجارية.
ورغم كل هذا التنوع في التعرفة الجمركية، أحدث مجلس التعاون الجمركي منذ سنة 1988 نظاما متناسق لبيان ترميزالبضائع، ويشتمل على 500 صنف من البضائع، معرفة برمز مكون من ستة أرقام، بالإضافة للقواعد الضرورية الكفيلة بتوفير تبنيد موحد على الصعيد العالمي. وكل هذا استجابة للمستجدات الدولية.
ورغم تنوع وتعدد التعرفات الجمركية إلا أن العناصر المكونة لها واحدة ومشتركة.
ثانيا: عناصر التعرفة الجمركية: 
 تشمل التعرفة الجمركية مجموعة من العناصر المكونة لها كما جاء في مدونة الجمارك المغربية، فنجد أن عنصر الجودة يندرح داخله مجموعة من العناصر الفرعية وكذلك الحال فيما يخص عنصر الكمية.
1- عنصر الجودة: 
يحتوي هذا العنصر المهم من عناصر التعرفة الجمركية على أربع عناصر: الصنف، الأصل، المصدر، المقصد.
- صنف البضائع: يقصد به تحديد وترتيب السلعة المستوردة أو المصدرة حسب مدونة مجلس التعاون الجمركي، من أجل ترتيب البضائع في التعرفة الجمركية، يتم التصنيف عن طريق إطلاق رمز وتسمية وتكوين الصنف التعريفي.
- عنصر الأصل: ويعني هذا العنصر بأصل السلعة المستوردة، ويحدد بطريقتين، الأولى تعتمد على التفسير الوطني أي تعتبر السلعة ذات أصل دولة ما صنعت بصفة كاملة في هذه الدولة بينما تفسر الثانية السلعة ذات مصدر تعاقدي بين المغرب ومختلف الدول وتعتمد مبدأ التحويلات أو مبدأ التقويم.4- عنصر المصدر: يحدد مسألتين أساسيتين الأولى معرفة أصل السلعة وثمن النقل الحقيقي لإضافته للوعاء الضريبي، وبالتالي إعطاء الثمن الحقيقي، والمسألة الثانية تكمن في تسهيل عملية إحصاء السلع وضبط العلاقات الاقتصادية.
- عنصر المقصد: ويعني تحديد الدولة التي تصدر إليها البضائع، وهذا يساعد على تحديد التوزيع الجغرافي للصادرات.


2- عنصر الكمية:
يشمل هذا العنصر مجموعة من المكونات، وتتمثل في القيمة، الوزن، الطول، المساحة، الحجم، ثم العدد.  
       3 - القيمة: وهي الأساس الذي يبني عليه جهاز الثمن، والقيمة هي الأساس المحاسبي لتحديد قدر الرسم الجمركي.وتنقسم القيمة الى عدة أقسام فتضم القيمة التعاقدية والطريقة الاستنثاجية و الطريقة المقارنة و القيمة المحسوبة و منهاج الثمن المرجعي و هناك طرق بديلة .
الفقرة الثانية: الرسوم الجمركية وأنواعها 
قبل الخوض في أنواع الرسوم الجمركية، ويجب تعريف ماهية هذه الرسوم وما المقصود بها، حيث نجد أن المشرع المغربي لم يميز بين تسميات الأنواع الضريبية، إذ لا فرق عنده بين الضريبة والحق والاقتطاع، والمكس، ومن خلال الاطلاع على التشريع الجمركي المغربي يتبين لنا أن الضريبة هي التي تفرض على السلعة عند مرورها من مختلف النقاط الحدودية، سواء كانت برية أو بحرية أو جوية.
وتتكون الضرائب الجمركية من مجموعة من الرسوم والمكوس، منها ما هو أساسي وما هو تكميلي.
أ‌-     رسوم الاستيراد:
عرفت هذه الرسوم عدة تغييرات منذ حصول المغرب على الاستقلال إلى حدود الثمانينات، ثم استقرت بعد ذلك في التشكيلة التالية:
-       الحقوق الجمركية.
-       الضريبة على المنتجات والخدمات.
-       المكس الخاص.
-       لارسم التنبر الجمركي.
وابتداء من سنة 1986 عوّض الضريبة على المنتجات والخدمات، بالضريبة على القيمة المضافة وفي سنة 1988 ثم تعويض المكس الخاص بالاقتطاع الضريبي عند الاستيراد وهكذا أفرزت تركيبة جديدة.
-       الرسوم الجمركية عند الاستيراد.
-       الاقتطاع الضريبي من الاستيراد (pfi).
-       الضريبة على القيمة المضافة (tva).
-       المكس الداخلي للاستهلاك (tic).
وتقسم هذه الضرائب إلى ضرائب أساسية وأخرى تكميلية.
1- الرسوم الأساسية: 
وتعتبر بمثابة العمود الفقري للنشاط الضريبي الجمركي، والمورد الأساسي لها من حيث المردودية، كما يمكن استعمالها لتحديد السياسة الاقتصادية للدولة، وتتكون من الرسوم التالية:
-       العقد الجمركي عند الاستيراد.
-       الاقتطاع الضريبي.
-       الضريبة على القيمة المضافة.
-       الرسم الداخلي على الاستهلاك.
2- الرسوم الإضافية: 
وهي عبارة عن رسوم غير مباشرة تفرض على السلع المستوردة وهي كالتالي: 
*      رسوم التسجيل:
-        سندات الشحن.
-        وصولات نقل البضائع.
-        المخالصات والإيرادات.
-        سندات الاستيراد.
*      رسوم التشريفات:
بموجب هذا الرسم تؤدي البواخر المغربية والأجنبية، التي قامت بتحميل بضائع أو أشخاص في اتجاه المغرب، تؤدي ضريبة تتراوح قيمتها بين 0,20 و0,25 درهما للطن، إذا كانت تحمل العمل الوطني مع تحديد سقف ضريبي قدره 100 درهم في الحالة الأولى و25000 درهم في الحالة الثانية.
*      الرسوم على النقل الخصوصي للسلع:
تفرض هذه الضرائب خصوصا على الشاحنات، فتؤدي بموجبها خمس 5 دراهم للطن أو جزء من الوزن الكلي للشاحنة أو مجموع الشاحنة، وتخضع لهذه المكوس وسائل النقل الخصوصية والمسجلة بالخارج.
*      رسوم الملاحة البحرية ورخص الصيد البحري:
وتتكون من ثلاث مجموعات من المكوس والاقتطاعات:
1-          المجموعة الأولى: وتتكون من مكوس الملاحة، والتي تضم رسم التجهيز وحق الإذن بالإبحار وسجل نوتية المركب أو دفتر أسماء ملاحي المركب.
2-          المجموعة الثانية: وتدرج فيها رخصة الصيد والرسم الإضافي على الاقتطاع جراء رخصة الصيد في البحر، والرسوم الخاصة على السمك، وكذا رسم الخزن والمكوس الشبه ضريبية المطبقة على الخمور والجعة.
هذا كل ما يتعلق بالرسوم الجمركية عند الاستيراد، وسنتعرض فيما بقي من هذه الفقرة للحديث عن الرسوم الجمركية عند التصدير.
ب‌-الرسوم الجمركية عند التصدير: 
يضم هذا النوع من الرسوم الجمركية بموجب الفصل الرابع من مدونة الجمارك والضرائب الغير المباشرة ويشمل مجموعة من الرسوم والمكوس المستحقة من عملية التصدير ويندرج في هذا النوع من الرسوم.
1-          رسم تصدير الموارد المعدنية: 
تخضع هذه الضريبة لرسم قيمي محدد بـ 5 % ويتم تحميل هذا الرسم على منتجات المعادن الخام المخصبة أو المصفاة أو التي تم تحويلها إلى معدن خام أو خليط مركب، وذلك عند تصديرها باستثناء الفوسفاط.
2-          الرسم المطبق على الذرة وقصب السكر:
وهو رسم يعرض على الذرة المصدرة ويحدد مقداره في 0,50 درهما للقنطار الخالص أما بالنسبة لقصب السكر، فتختلف نسبة الرسم باختلاف قيمة قصب السكر ويتم تخصيص هذه الموارد لصالح الصندوق الوطني للقروض الفلاحية.
المطلب الثاني:اتفاقيات التبادل الحر كإطار لإلغاء الرسوم الجمركية
لقد دخل المغرب في سياسة الإنفتاح الاقتصادي  على العالم الخارجي وخاصة الاتحاد الاروبي.مما ترتب عنه التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي يمكن تصنيفها إلى نوعين من الاتفاقيات الأولى شكلت الإطار العام لإلغاء الرسوم الجمركية. وتتمثل في اتفاقية الجات التي انضم إليها المغرب سنة 1987.والاتفاقية المنشئة لمنظمة التجارة العالمية سنة 1994. هذه الاخيرة،عوضت الاتفاقية الأولى وتبنت مجموعة من المبادئ التي كانت تهدف بالأساس الى تحرير التجارة مابين الدول.
 ولتحقيق ذلك دعت الدول الأعضاء إلى عقد مجموعة من الاتفاقيات ،فيما بينهم سواء بشكل ثنائي او متعدد الاطراف .بالإضافة إلى إحداث مناطق حرة للتصدير,شكلت هذه الاتفاقيات إطارا خاصا لإلغاء الرسوم الجمركية.
الفقرة الأولى: اتفاقية الكات و منظمة التجارة العالمية وأهدافهما 
إن العمل الجمركي يستمد شرعيته من النصوص التشريعية الداخلية ذات المصدر الوطني كما يستمد شرعيته من التشريعات ذات المصدر الدولي عن طريق الاتفاقيات التي تتخذ عدة أشكال فقد تكون معاهدات خاصة تبرم ما بين دولتين أو أكثر حول أمر خاص بها مثل الاتفاقيات التجارية، وقد تكون معاهدات عامة تبرم بين عدد غير محدود من الدول في أمور تهم الدول جميعا. ومن أمثلة هذه المعاهدات اتفاقية الكات والمنظمة العالمية للتجارة ويعترف القانون المغربي بقوة الإلزام للمعاهدات الدولية حسب ما تنص ديباجة الدستور وبما أن الكات والمنظمة العالمية للتجارة يعتبران من أهم المعاهدات التجارية والجمركية اللتان وقعهما المغرب التي خلقت  تحولا في العالم بحيث حولته لمجموعة قرى صغيرة يسهل التنقل داخلها بدون قيود أو حواجز ومن هنا نطرح تساؤل عن مكونات وأهداف هذه الاتفاقيات.
إن اتفاقية الكات تم توقيعها من طرف 23 دولة سنة 1947 بحيث أن ظروف ما بعد الحرب الثانية فرضت على الدول المتقدمة تكثيف جهودها من أجل تنظيم العلاقات الاقتصادية فيما بينها لتجنب تكرار خسائر الحرب وبعد التوقيع عن اتفاقية الكات بجنيف أصبحت المؤسسة مسؤولة عن معالجة المشاكل التجارية الدولية وقد نصت اتفاقية الكات على 4 مبادئ أساسية التزمت بتطبيقها سنحللها في النقط التالية:
1- مبدأ عدم التمييز الذي يتحقق من خلال شرطين أساسيين: 
شرط الدولة الأكثر رعاية: على أساسه تلتزم كل الدول الموقعة على اتفاقية الكات والتي تمنح امتيازات تجارية لدولة ما بتعميم هذه الامتيازات على جميع الدول التي أقامت معها علاقات تجارية مع بعض الاستثناءات في حالة إنشاء مناطق حرة أو اتحادات جمركية جهوية.
شرط المعاملة الوطنية للمنتجات ويعني أن تلتزم الدول الموقعة بمعاملة المنتجات الأجنبية بنفس طريقة معاملة المنتجات الوطنية.


2- مبدأ تنظيم سياسة الإغراق وإعانات التصدير:
حضر الإغراق: هذا المبدأ يمنع على الدول المتعاقدة نهج سياسة إغراق الأسواق بجميع أشكالها أي بيع منتجات مصدرة بثمن أقل من الثمن المتعارف عليه داخل السوق المحلية.
إعانات التصدير: منع إعانات التصدير بالنسبة للمنتجات الصناعية كيفما كانت شكل الإعانة وهذا الخطر يكون أقل حدة بالنسبة للدول النامية.
3- مبدأ التخفيض العام والمتوالي للرسوم الجمركية:
حسب هذا المبدأ يتم وضع التعرفة الجمركية لحماية القطاعات المنتجة وطنيا وتخفيض هذه التعرفة يتم عبر 3 مراحل التفاوض فيما يخص كل منتوج على حدى، التخفيض المتوالي، التوفيق بين مختلف القوانين المطبقة في مختلف الدول.
4- مبدأ إزالة القيود الكمية: 
هذا المبدأ يهتم بالإجراءات الحمائية حيث أن كل دولة متعاقدة ملزمة بحذف كل القيود عند الاستيراد أو التصدير ما عدا الرسوم الجمركية.
إن عمل الكات لا ينحصر فقط في السهر على تنفيذ مبادئه الأساسية بل تتولى مهمة أداء أعمال اعتيادية أخرى نلخصها في ما يلي:
أ- تسوية الخلافات التجارية: حيث أن أي دولة عند إحساسها بأن الحقوق التي حصلت عليها من الاتفاقية العامة قد أغلفت أو تم تجاهلها من طرف دولة أخرى فالمنظمة تتولى تسوية الخلاف.
ب- مراقبة السياسات التجارية الوطنية: تقوم بمراقبة مجموع القوانين والتشريعات الجديدة التي تقوم الدولة المتعاقدة بتبنيها.
ج- مساعدة الدول النامية: تهتم الكات بحاجيات الدول النامية لذلك نهجت سياسة خاصة لخدمة هذه الدول تتجلى في:
-         التعاون التقني: تقوم مديرية التعاون التقني لمنظمة الكات بتقديم المساعدة لهذه الدول في جميع المجالات الخاصة بأنشطة الكات.
-         التداريب الخاصة بالسياسة التجارية: حيث تقوم بإقامة دورات تكوينية كل سنة لفائدة إداري البلدان النامية في المجال التجاري والهدف هو مساعدة المشاركين في فهم المسائل التجارية.
د- المركز التجاري الدولي: تم إحداثه من طرف الكات سنة 1964 وبدعوة من طرف الدول النامية ويتم تسيير هذا المركز بتعاون مع الأمم المتحدة دوره يتجلى في تقديم مساعدة لدول النامية التي تطلب ذلك من أجل وضع برامج لتشجيع الصادرات عن طريق تقديم المعلومات حول أسواق التصدير والتقنيات المتبعة في هذا المجال.
إلى جانب كل هذه الأدوار، تقوم الكات بدور أساسي يتجلى في المفاوضات المتعددة الأطراف التي تجمع الدول المتعاقدة، حيث منذ إحداث اتفاقية الكات سنة 1947 وإلى غاية إنشاء المنظمة العالمية للتجارة تم عقد 8 جولات. ولم يتم الإعلان عن اختتام دورات أعمالها إلا خلال مؤتمر مراكش 1994 .التي تم الإعلان فيها عن نتائج الجولة والتي توجت بإنشاء المنظمة العالمية للتجارة التي ستعوض الاتفاقية العامة Gat .
ويمكن تلخيص أهداف المنظمة في 3 نقط كالتالي:
1- أهداف خاصة بالمنتجات التصديرية:
بالنسبة للمنتجات الصناعية بناء على الاتفاقية يتم تخفيض التعريفات بأكثر من الثلث في المتوسط أما بالنسبة للمنتجات الفلاحية تشجيع الدول على منح المنتجات الزراعية توجيها تسويقيا بدعم الصادرات وتخفيض التعريفات بحوالي 36 % في المتوسط والحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي بالنسبة للدول الفقيرة.
2- أهداف خاصة بقطاع الخدمات والملكية الفكرية: 
تسهر المنظمة على أن تنفيذ جميع الدول الأعضاء الالتزامات التي وقعت عليها فيما يخص الخدمات المالية والاتصالات والخدمات المهنية وانتقال العمالة، كما تسهر على تحسين مستويات حماية حقوق أصحاب جميع أنواع الملكية الفكرية كبراءات الاختراع وحقوق النشر...
3- تشجيع التجمعات الإقليمية والاتحادات الجمركية والمناطق الحرة:
حسب اتفاقية مراكش فإن الاتحاد الجمركي يتميز بوجود إقليم جمركي واحد توحيد داخلي يتضمن إزالة الرسوم الجمركية المقيدة للتجارة بين أقاليم الاتحاد وخارجي يقتضي إنشاء تعرفة مشتركة وتنظيم تجاري مشترك تجاه الدول الأخرى.
فالاتحاد الجمركي عبارة عن تكتل بين دولتين أو عدة دول يسمح بداخلها بحرية الحركة للمشروعات ورأس المال والعمالة حيث أنه عبارة عن سوق موسعة تقوم بفرض ضرائب ورسوم موحدة تجاه كافة الدول غير الأعضاء في الاتحاد.
بعد إطلاعنا على أهداف المنظمة ومضامينها يظهر أن لها آثار هامة خاصة على الدول النامية وبما أن المغرب يعتبر دولة من دول الجنوب سنتناوله كنموذج بتوقيعه على اتفاقية التبادل الحر كنموذج المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد الأوربي في إطار مساعدة الاقتصاد والمبادلات التجارية.
القفرة الثانية: اتفاقيات التبادل الحر وخلق المناطق الحرة (ميناء طنجة المتوسط) 
أولا:اتفاقية التبادل الحر:
v   اتفاقية التبادل الحر بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب
وقعت اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا في واشنطن في 15 يونيو 2004. 
·        ومن الأهداف التي تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى تحقيقها عبر هذه الاتفاقية:  
- استهداف منظمة شمال افريقيا.
- استفادة أمريكا من السوق المغربية.
- كسب الأولوية الاقتصادية والسياسية لأمريكا من المنطقة.
·        الأهداف من الجانب المغربي متمثلة في:
-        الانفتاح على الاقتصاد العالمي.
-        إدماج الاقتصاد المغربي في المنظومة الاقتصادية الدولية.
-        تحسين المناخ القانوني للمعاملات الاقتصادية.
-        تأهيل المقاولة المغربية ودعم قدرتها التنافسية.
-        جلب الاستثمارات الأجنبية.
ورغم كل هذه الأهداف يظل أكثر من تساؤل قائم هل المغرب قادر على مواكبة تحديات الاتفاقية؟ ما هي انعكاسات الاتفاقية على القطاع الفلاحي بالمغرب؟ ما هي الآثار المستقبلية الممكنة للتبادل الحر على ساكنة العالم القروي بالمغرب؟.
v   اتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي
 وقعت هذه الاتفاقية في 26فبراير1996 ودخلت حيز التنفيذ في 1مارس 2000 وتنص على إنشاء تدريجي لمنطقة تبادل حر صناعية في حدود 2012 ،وتحرير التبادلات الزراعية تدريجيا أما فيما يخص المنتوجات الصناعية فتنص الاتفاقية على رفع الحواجز تدريجيا وخلال 12عاما على المنتوجات التي منشؤها الاتحاد الأوربي، والمدرجة في ثلاث قوائم مقابل الدخول الحر للمنتجات الصناعية المغربية.وعقدت مفاوضات ثنائية في 16 أبريل 2004،كان الغرض منها تكييف اتفاقية الشراكة بعد توسع الاتحاد الأوروبي ودخول عشر دول جديدة فيه وبناء على بنود هذه الاتفاقية سترفع الحواجز الجمركية على عدد من المنتجات المضمنة في قوائم خاصة و تعتبر السيارات السياحية المستوردة من الخارج أهم منتوج سيهمه قرار تفكيك التعرفة الجمركية حيث سيتم بمقتضى الاتفاقية الإطار للشراكة المبرمة مع الاتحاد الأوروبي إلغاء رسوم استيراد السيارات الجديدة من أوروبا في حين ستخفض هذه الرسوم بالنسبة للسيارات المستوردة من خارج أوروبا لتصل إلى نسبة 17,5 في المائة.
و يأتي هذا الإجراء الذي سيقوي القدرة التنافسية للشركات الوطنية الموردة لهذه السلع. كما سينعكس إيجابا على القدرة الشرائية للمواطن بعد ثلاث سنوات من إقرار قانون المالية لسنة 2009 -2010 لزيادة ملموسة في نسب الرسوم الجمركية المطبقة على السيارات المستوردة و خاصة التي يتعدى عمرها خمس سنوات أملا في تجديد حظيرة السيارات المستعملة فوق طرقات المملكة و السماح بزيادة الطلب على المنتوج المصنع محليا فضلا عن الحد من تفاقم معدلات حوادث السير نتيجة تقادم السيارات المستخدمة.
و تمثل المنتوجات ذات الأصل الأوروبي قرابة 57 في المائة من قيمة الواردات بالمملكة سنويا ,و سيؤدي تفكيك أو رفع الرسوم الجمركية المطبقة عليها إلى الرفع من القدرة الشرائية للمستهلك لكنه سيخلق ثغرات ملموسة في ميزان مداخيل الخزينة من هذه الرسوم في الوقت الذي سيتم فيه الاستمرار في فرض رسوم جبائية على الواردات المشمولة بقرار الإعفاء أو التخفيض من قبيل الضريبة على القيمة المضافة التي قد تصل إلى 20 في المائة من القيمة الفعلية للمنتوج فضلا عن الضريبة على الاستهلاك و الضرائب غير المباشرة الأخرى . ومن أبرز المنتوجات الأوروبية التي سيتم إلغاء رسومها الجمركية عند الاستيراد، السيارات السياحية.،والتجهيزات المنزلية و المواد الاستهلاكية و بعض المواد الأولية الموجهة للصناعة الوطنية كالمواد البلاستيكية والمطاط وعجين الخشب.
وسيعود هذا الإجراء بالنفع على عدد من القطاعات الاقتصادية الوطنية خصوصاً الصناعية والتي تحتاج لمواد أولية من أوروبا، و كذلك سينعكس على القدرة الشرائية بانخفاض أثمان المواد الاستهلاكية كالأحذية و الملابس ومعدات الحلاقة ومنتجات السيراميك وأجهزة الإنارة لالكترونية وأغطية الموائد، والمنتجات الجلدية وحقائب اليد والزرابي وغيرها من المواد التي يشملها القرار،في حين تخضع الحواجز الجمركية المطبقة على المنتجات الفلاحية لمفاوضات ثنائية .
v   اتفاق التبادل الحر المبرم مع تركيا
في إطار مسلسل الاندماج الإقليمي الأورو-متوسطي، وقّع المغرب وتركيا اتفاقاً للتبادل الحر في 7 أبريل 2004 بأنقرة. وينص الاتفاق على إقامة منطقة صناعية للتبادل الحر بصورة تدريجية على مدى 10 سنوات اعتباراً من تاريخ دخول الاتفاق حيز التنفيذ مع معاملة تفضيلية لصالح المغرب.
وبموجب هذا الاتفاق، ستستفيد المنتجات الصناعية ذات المنشأ المغربي من إعفاء كلي فور دخول الاتفاق حيز التنفيذ. أما فيما يخص المنتجات الفلاحية، فقد تبادل الطرفان الأفضليات.
v   منطقة التبادل الحر العربية
دخل برنامج تطبيق الاتفاقية المتعلقة بتسهيل وتطوير المبادلات التجارية العربية حيز التنفيذ في فاتح يناير 1998. ويرمي هذا البرنامج إلى إقامة منطقة للتبادل الحر بصفة تدريجية بين الدول الأعضاء في الجامعة العربية (باستثناء الجزائر وجيبوتي وجزر القمر وموريتانيا).
وينص البرنامج على الإلغاء التدريجي للتعريفات الجمركية على أساس الإعفاء التام بحلول سنة 2005. إلا أن تطبيق البرنامج تواجهه بعض الصعوبات
v   اتفاق التبادل الحر الرباعي -اتفاقية أكادير
وقّع المغرب في 25 فبراير 2004 اتفاقاً رباعياً للتبادل الحر مع كل من مصر وتونس والأردن تطبيقاً لاتفاق أكادير الموقّع في 8 ماي 2001. ويروم هذا الاتفاق إنشاء منطقة رباعية للتبادل الحر، تبقى منفتحة على جميع البلدان العربية المتوسطية.
وينص الاتفاق على إعفاء كلي من الرسوم الجمركية على جميع المنتجات الصناعية والفلاحية اعتباراً من تاريخ دخوله حيز التنفيذ (فاتح يناير 2005) باستثناء بعض المنتجات المستبعدة لأسباب أمنية، صحية أو بيئية..
ثانيا مناطق التجارة الحرة للتصدير:
تختلف مناطق التجارة الحرة عن الاتحاد الجمركي، في كونها لا تتضمن إلا الشق الداخلي من التنظيم القانوني للتكتلات الإقليمية. ولا تتوفر على تعريفة مشتركة خارجية ولا تنظيم تجاري تجاه الدول غير الأعضاء في هذه المنطقة.ومناطق التجارة الحرة من المناطق التي تقع على مساحة من أرض الدولة ،إلا أن السلع التي تنتجها تعامل على أنها سلع أجنبية مستوردة. ورغم خضوعها للسيادة الكاملة للدولة فإنها معزولة عنها ومحددة جغرافيا بأسوار تعزلها عن باقي إقليم الدولة وهي تقع غالبا على أحد منافذها البحرية أو البرية أو الجوية أو بالقرب منها،.كما أن الأنشطة الممارسة بداخلها يتم تحديدها فقد يكون النشاط هو التخزين أو إعادة التصدير أو يكون مقتصرا على الأنشطة الإنتاجية والخدماتية.
تحقق هذه المناطق الحرة العديد من الأهداف لكل من الدولة والمستثمرين يمكن حصرها في الآتي:
تخفيف القيود الجمركية على حركة التجارة وتقليل معوقات انتقال رؤوس الأموال مما يوفر رؤوس الأموال اللازمة لعملية التنمية، إنشاء بعض الصناعات التي تقوم بالتصدير إلى الخارج وتتكامل مع المشروعات الصناعية داخل الدولة، توفير فرص عمل للعمالة المحلية وتخفيف البطالة بالإضافة لزيادة صادرات الدولة إلى الخارج وتخفيف الخلل في الميزان التجاري وميزان المدفوعات[1].
بالتالي فهي تمكن الدول من الاستفادة من مواردها الاقتصادية أو موقعها الاستراتيجي والتي لا تمكنها إمكانياتها المالية والتكنولوجية من الاستفادة منها.
أما بالنسبة للمستثمرين فهم يستفيدون من فوائد كثيرة فيما يخص الإعفاءات الجمركية وإعفاءات الضرائب التي تعمل خارج هذه المنطقة.
ولا تعني هذه المزايا أن المناطق الحرة كلها خير فلها أيضا سلبيات تتفاوت حدتها من دولة لأخرى نلخص أهمها في الآتي:
احتمال تحول بعض المناطق من التصدير إلى خارج الدولة إلى تهريب السلع إلى داخل الدولة مما يضر بالإنتاج المحلي المماثل بالتالي يضيع بعض الموارد الجمركية والضرائب على خزانة الدولة.
تركيز الاستثمارات الأجنبية داخل هذه المناطق بسبب المزايا التي تقدمها مما يحرم الاقتصاد الوطني من بعض هذه الاستثمارات داخله.
إمكانية سيطرة رؤوس الأموال الأجنبية على المشروعات داخلها وممارسة ضغوط على الحكومة الوطنية.
إمكانية استخدام هذه المناطق كمعبر لتهريب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج بسبب وجود حرية تامة لخروج رؤوس الأموال وتحويلات الأرباح إلى الخارج في هذه المناطق.
وكنموذج للمناطق الحرة بالمغرب نأخذ المنطقة الحرة لميناء طنجة.
منطقة طنجة تتكون من منطقة صناعية حرة ومنطقة لوجيستيكية وتوجد بالمنطقة شركة تسيير تعتبر شباكا وحيدا تستقبل المستثمرين وتوجههم وتقوم لفائدتهم بجميع الخدمات اللازمة لإنجاز المشاريع واستغلال المنشآت، ولا تخضع المنطقة الحرة لنظام مراقبة التجارة الخارجية والصرف ولها نظام جمركي خاص بحيث تعفى من كل الرسوم المتعلقة بالاستيراد والنقل والاستهلاك والإنتاج وتصدير البضائع وبها نظام ضريبي مشجع تستفيد منه مقاولات المناطق الحرة، يشمل امتيازات إضافية تخص أساسا:
الإعفاء التام من الضريبة على الشركات والضريبة على الدخل خلال 5 سنوات الأولى وتخفيض الضريبة على الشركات إلى 8,75 % والضريبة على الدخل إلى80 % خلال 10 سنوات التالية:
الإعفاء من الضريبة الحضرية والضريبة المهنية لمدة 15 سنة ومن رسوم التسجيل والتنبر بالنسبة لتكوين أو الرفع من الرأسمال أو اقتناء الأراضي ومن الضريبة على القيمة المضافة مع الحق في الخصم بالنسبة للمنتجات والخدمات الواردة من الإقليم الخاضع للضريبة.
وللإشارة فابتداء من يناير 2006 تم اتخاذ تدابير جديدة لجعل هذه المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات نذكر منها[2]:
- تمكين الشركات المتواجدة بالمنطقة الحرة لطنجة من استعمال الدرهم في تعاملاتها داخل المنطقة لتأدية رواتب العمال واقتناء بعض المعدات وفق شروط محددة ومبسطة من طرف مكتب الصرف.
- تمكين الشركات المستثمرة بالمنطقة الحرة من ربح وترويج منتوجاتها داخل السوق المغربية في حدود محددة من طرف إدارة الجمارك.
وقد بلغ مجموع الاستثمارات العمومية في الميناء والتجهيزات المرتبطة به مليار و500 مليون يورو من بينها 600 مليون يورو خاصة بالميناء 300 مليون يورو خاصة بالمناطق الحرة، فهذا المشروع الواقع في موقع استراتيجي على  أكبر الممرات التجارية سوق تقدر عدد مستهلكيها 600 مليون نسبة تشمل غرب أوروبا وغرب شمال افريقيا، كذا شمال أمريكا والمنطقتين الحرتين المرتبطان بالميناء مختصان باحتضان الصناعات الخفيفة الموجهة للتصدير، معززة بنظام ضريبي يوفر للمستثمرين خدمات، وتسهيلات من مستوى عال كفيلة بتشجيعه على الاستثمار. وللإشارة فقد شملت هذه الامتيازات بعض التغييرات الجذرية خلال القانون المالي لسنة 2008 الذي ركز على ضرورة أن يتم الإنتاج والتوزيع بداخل هذه الأقاليم للاستفادة من تلك الامتيازات كما نص على التدرج السنوي في إلغاء هذه الامتيازات لكي تندرج في إطار القانون العام وذلك في أفق 2015.
*  المبحث الثاني:آثار الإلغاء الجمركي
إذا كانت الرسوم الجمركية أداة لحماية الإقتصاد الوطني من تدفق المنتوجات الأجنبية،وموردا جبائيا مهما لحزينة الدولة.فإن انضمام المغرب إلى مجموعة من الإتفاقيات الدولية،في إطار الانفتاح الإقتصادي وكخطوة لتحريرالمبادلات التجارية، كاتفاقيات التبادل الحر مع الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية، وخلق مناطق حرة،والإتفاقية العالمية لمنظمة التجارة العالمية .والتي تقضي بإزالة الحواجز الجمركية بشكل تدريجي في أفق الإلغاء الكامل للرسوم الجمركية. فإن التحدي الذي فرضتة كل هذه الإتفاقيات على المغرب،من شأنه أن ينعكس على المداخيل الجبائية والجمركية التي تعتبر موردا هاما من موارد الميزانية العامة  للدولة.كما سيؤثر ذلك بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني،  أمام مواجهته للمنافسة القوية للدول المصنعة.مما يفرض على الدولة ضرورة البحث على موارد جبائية وغير جبائية لتعويض النقص الذي سيخلفه التطبيق الكامل لبرنامج الالغاء الجمركي,فما هي أبرز آثارالتفكيك الجمركي على البنية الإقتصادية والإجتماعية وعلى السياسة المالية والإستثمارية للمغرب؟وما هي الوسائل التمويلية لميزانية الدولة أمام تراجع الموارد الجمركية؟وإلى أي حد استطاع المغرب مواجهة المنافسة الشرسة للدول المصنعة؟
المطلب لأول:الآثار الجبائية والمالية للإلغاء الجمركي
إن مسأ لة الضريبة أضحت تحتل مكانة الصدارة في الأنضمة المالية للدول، باعتبارها أداة مهمة لتمويل الميزانية العامة ووسيلة من وسائل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.وأمام إشكالية التنمية،داخل منضومة العولمة واستراتيجية الانفتاح الإقتصادي الناتج عن توقيع المغرب على مجموعة من الاتفاقيات الدولية، للتبادل الحر.فرض على المغرب الإنتقال إلى نظام ضريبي مغايرمن شأنه تعويض النقص الحاصل في الموارد الجبائية الجمركية الناتجة عن التفكيك الجمركي،وذلك بفرض ضرائب داخلية مرتفعة،من أجل التحكم في الموارد المالية والسياسة الضريبية للحفاظ على  توازن الميزانية و ضمان دورها في تطبيق السياسة الإقتصادية والإجتماعية.
فمند بداية تطبيق اتفاقية الشراكة الأورو- مغربية اتخذت الإجراءات الجمركية منحى تناقصيا حيث إن أهمية الانعكاسات الجبائية لاتفاقية التبادل الحر المبرمة مع الاتحاد الأوروبي ظهرت بشكل  سلبي و ذلك للاعتبارات التالية:
ü      كون الاتحاد الأوروبي هو أكبر شريك اقتصادي وتجاري للمغرب بحكم أن ثلثي مبادلاته تتم مع هذه المجموعة الاقتصادية فالإحصائيات المتعلقة بسنة 2002 تؤكد إن الواردات مع الاتحاد الأوروبي وصلت إلى %57  والصادرات الموجهة إليه بلغت %73.
ü     كون الرسوم المفروضة على استيراد المواد القادمة من أوروبا تمثل %60 من مجموع الإيرادات الجمركية.
ü     اعتبار الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية الأوروبية  هو حجر الزاوية في الاتفاقية.
ü     كون الرسوم الجمركية تمثل %10مجموع موارد الخزينة العامة.
أولا : انعكاسات إلغاء الرسوم الجمركية على الموارد الضريبية
فمنذ بداية تطبيق برنامج التفكيك للرسوم الجمركية إلى حدود منتصف سنة 2013 تراجعت الرسوم الجمركية بشكل سلبي، مما أدى إلى حرمان الميزانية من إحدى منابعها الجبائية التي يصعب تعويضها أمام تزايد حجم النفقات.
 فقد عرفت هذه السنة  تراجعا كبيرا  من قيمة هذه الرسوم بنسبة% 2،20 أي خسارة 1 ملياردرهم من الموارد الجمركية،وتراجع الواردات أيضا بنسبة % 8، وفق أخرالإحصائيات الرسمية لوزارة المالية. ويقدر حجم ضياع  هذه المداخيل للفترة الممتدة ما بين 2000 و2012 ب% 9،1 من الناتج الداخلي الاجمالي.كما مقرر أن يرتفع هذا المعدل إلى نسبة % 6،2 في حالة الإلغاء الكلي للرسوم الجمركية والانفتاح التام على العالم. 
وتجدر الاشارة أن الرسوم الجمركية تمثل %10 من مجموع موارد الخزينة العامة،بحيث يمثل الناتج الداخلي الخام % 3،5 من حصة الرسوم الجمركية التي تحتل مكانة هامة. فالانخفاض المتوالي في الرسوم الجمركية يؤذي بالضرورة إلى انخفاض الموارد الجبائية للدولة في ظل التنامي المتزايد للنفقات.مما أدى بالحكومة إلى محاولة إيجاد بدائل لتعويض هذا النقص.فقامت بزيادة الضرائب الداخلية سواء المباشرة أو غير المباشرة  .وتم اللجوء أيضا إلى سياسة الإقتراض،  والخوصصة.
فالضرائب المباشرة بلغت هذه سنة 2014 مايقرب 75مليار درهم،وقد حققت ارتفاعا وتزايدا بنسبة%  6,65 بالمقارنة مع  سنة 2013.حيث كانت في حدود 3،65 مليار درهم.أما في سنة 2001، فقد كانت قيمة مساهمتها في تنمية الموارد الجبائية بما يقارب 30 مليار درهم .
أما الضرائب غير المباشرة،وصلت هذه السنة 77,803 مليار درهم،بالمقارنة مع سنة 2012 كانت بنسبة 9،67 ملياردرهم، أي بزيادة 10 ملايير درهم,بينما كانت لاتتجاوز9،60 مليار درهم سنة 2011.أي بزيادة 7،6 مليار درهم. وأيضا بالمقارنة مع  سنة 2002وصلت إلى32,9مليار درهم.
 أما حصيلة رسوم التمبر فهي بدورها عرفت زيادة ملموسة بحوالي 560 مليون درهم هذه السنة 2014          بالمقارنة مع سنة 2012 ،نتيجة إصدار وزارة الداخلية لمذ كرة أداء هده الرسوم.
و بھذا تحتل الضرائب غير المباشرة المرتبة الأولى في موارد ميزانية الدولة،( %30.62 )، تليھا الضرائب المباشرة ( 29.95 %)، ثم موارد القروض و الھبات( 25.05 )،ثم رسوم التسجيل ( 5.55 %)، ثم عائدات مؤسسات الاحتكار ( 4.11 %)، ثم الرسوم الجمركية %2.92 )).
إن مسلسل التفكيك الجمركي وإبتداءا من سنة 2000 طبقا لإتفاقية الشراكة مع الإتحادالأوربي،وتواصل هذا التفكيك تدريجيا حسب ما تفرضه الاتفاقيات السالفة الذكر،أصبحت الرسوم تفقد أهميتها لميزانية الدولة نظرا للتراجع المستمر لعائدتها أواستقرارها من سنة إلى أخرى كما يتضح من خلال الجدول التالي: 

   
السنوات
عائدات الرسوم الجمركية بملايير الدرهم
2002
13,6
2003
12,7
2004
10,87
2005
11
2008
12,7
2010
12
2013
9,07
2014
7,70

عرفت سنة 2004 صدمة قوية مست ميزانية الدولة،وانخفاض كبير في قيمة الرسوم الجمركية، مقارنة مع سنة 2001.ذلك بعد تطبيق الشطر الثالث من إلغاء التعرفة،.الذي نصت عليه اتفاقية الشراكة الأورو- مغربية.حيث زادت الواردات التي تتمتع بالإلغاءات الجمركية بنسبة %4,4،بينما انخفضت الواردات من باقي العالم بنسبة %3,9 الشيء الذي كلف خزينة الدولة خسارة وصلت إلى 1,5 مليار درهم.
كما أن الزيادة في مداخيل بعض الرسوم الجمركية لسنة 2008و2009 يرجع إلى الزيادة في قيمة الضرائب الداخلية على القيمة المضافة وعلى الضريبة على الإستهلاك التي يؤذيها المواطنون بمختلف الشرائح، خاصة الطبقات المتوسطة التي تعرف استهلاكا كبيرا.
وحسب التقرير السنوي الصادر عن إدارة الجمارك سنة 2010، نجد أن المداخيل الجمركية شهدت ارتفاعا طفيفا،بالرغم من التفكيك التدريجي للرسوم الجمركية أو إلغائها كليا في إطار هذه الاتفاقيات، حيث عرفت الرسوم على الاستيراد نموا بنسبة 3.7 في المائة سنة 2010 مقارنة بسنة 2009.
هذا النمو المطرد للرسوم الجمركية، رغم الإعفاءات الجمركية، يخفي حقيقة صادمة هي أن المغرب تحول إلى بلد مستورد بامتياز لجل احتياجاته من الخارج، متجاهلا صناعات محلية ناشئة تحتضر في صمت.

أما  بالنسبة لسنتي 2014و2013 فقد عرفت انخفاضا كبيرا، منذ بداية2012 وصلت اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوربي سنتها الأخيرة من التفكيك التدريجي للرسوم الجمركية المطبقة على المبادلات التجارية بين الطرفين، خاصة الحقوق الجمركية المطبقة على الواردات الأوربية. بحيث ألغيت بالنسبة إلى بعض الواردات،وأعفيت مجموعات من المنتوجات المستوردة من الاتحاد الأوربي من الحقوق الجمركية التي كانت مفروضة عليها.ونتيجة لذلك فقد سجلت الضريبة الداخلية على الاستهلاك انخفاضا بـ  %2,3 أو295   مليون درهم مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. أما الرسوم الجمركية، فقد سجلت انخفاضا بـ % 20,2   أو 1,1مليار درهم، ويعزى هذا الانخفاض إلى تراجع الواردات بنسبة %8,3، وتأثير الامتيازات الجمركية بموجب اتفاقيات التجارة الحرة خاصة مع الولايات المتحدة وتركيا، وكذا تأثير مواصلة مسلسل التفكيك الجمركي وإصلاح التعرفة الجمركية للمنتجات الزراعية.
إن سلبية المواردالجمركية الذي تسببت فيه الإلغاءات الجمركية، له انعكاسات على ميزانية الدولة،التي أصبحت في أمس الحاجة إلى تمويل المشارع الكبرى المهيكلة والمفتوحة في كل مناطق المغرب، لتحديث الإقتصاد والرفع من التنمية ومواجهة عجز الميزانية. وأي خلل يقع في هذه الموارد يكون له عواقب وخيمة بالنسبة للميزانية.
ثانيا:انعكاسات إلغاء الرسوم الجمركية على الميزانية
رغم كل المحاولات للرفع من الموارد الغيرالضريبية،ظلت ميزانية الدولة تعاني من العجز منذ بداية اتفاقية إلغاء التعرفة الجمركية.فقد وصل العجز هذه السنة 46,9 ملياردرهم، بالمقابل وصل سنة 2010 5،14 مليار درهم أي% 9،4 من الناتج الداخلي الخام هده السنة.
وسيعرف هذا العجز سنة بعد أخرى بسبب تصاعد الإلغاءات الخاصة بالرسوم الجمركية،وكذا تشجيع الاستثمارعن طريق تقديم مجموعة من الإعفاءات الضريبية التي تتحول إلى ضعف في الموارد المالية للدولة.مما يفرض على الدولة تدارك سلبيات هده الإلغاءات على الميزانية.
إن هذا الانخفاض المتوالي في الرسوم الجمركية، الذي يؤذي بالضرورة إلى انخفاض موارد الدولة  الجبائية في ظل التنامي للنفقات، أدى بالحكومة إلى محاولة إيجاد بدائل لتعويض النقص الحاصل في الموارد. فبعد زيادة الضرائب على الاستهلاك،تضطرالدولة لتغطية العجز وتعويض هذا النقص إلى اللجوء إلى الإقتراض والتمويل من المصادر الخارجية.حيث بلغ حجم هذه التمويلات خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2013،إلى 9،12 مليار درهم. موزعة بالشكل التالي.4،6 مليار درهم تمت استدانتها من السوق المالي الدولي و9،5 مليار درهم من الدائنين المتعددي الأطراف و4،5 مليار درهم تم الحصول عليها من البنك الدولي.أما التمويلات الثنائية فقد حصل منها المغرب على 6،0 مليار درهم.
فقد أثبتت جل الدراسات المالية والإقتصادية على السلبيات العديدة لسياسة القروض وتأثترها على الوضع المالي والإقتصادي والإجتماعي.ومن هذه السلبيات، ارتفاع نسبة الفائدة ومضاعفة النفقات بسبب فوائد القروض. فارتفاع نسبة الفائدة يتجاوز في جل الأحيان أصل الدين، وهو من شأنه أن يزيد من مشاكل الدولة،عوض أن يكون حلا فعالا لتغطية عجز الميزانية.فالقرض يبقى حلا غير معقلنا،لأنه كلما حان وقت السداد يلجأ المغرب إلى قروض أخرى لتغطيتها،مما يؤذي إلى سلسلة من الإقتراضات الغيرالمجدية،ممايفقد الدولة جزءا من سيادتها والمزيد من تدخل المؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك العالمي في السياسة المالية والإقتصادية للدولة.
فكلماخصص القرض لترويج نفقات استثمارية ومشاريع تنموية سيساهم في تحقيق   فائض في الميزانية.بعكس إذا ما صرف القرض في الإستهلاك،فإن ذلك سيؤذي إلى أزمات مالية وإقتصادية،ويصبح عبئا على الميزانية.
أما فيما يتعلق بسياسة الخوصصة،فقد ساهمت في خفض عجز الميزانية سنة 2000 من %6،3 من الناتج الداخلي الخام إلى %3.غير أن الخوصصة لم تكن الحل الأنجع لتغطية النقص الذي تواجهه الميزانية بسبب برنامج التفكيك الجمركي، لأن تمويل الميزانية وانتعاشها كان مجرد تمويل فقط لأن هذه الأموال منبعها بيع المؤسسات العمومية.فعندما توقفت عملية الخوصصة عادت الميزانية إلى العجز وضعف التمويل. أضف ألى ذلك أن عدد المؤسسات العمومية يبقى محدودا،أي لايمكن للدولة ان تلجأ إلى بيع مؤسسة عمومية للخواص بغية تمويل مواردها المالية، وإلا سيجد المغرب نفسه في وقت من الأوقات بدون مؤسسات عمومية،وبالتالي بدون اقتصاد وطني.
وبحصوص ما نهجه المغرب من سياسة الإعفاءات الضريبية،من أجل تشجيع الإستثمار،وتحقيق إنعاش إقتصادي،لتجاوز عجز الميزانية. فقد كانت أغلب الإستثمارات غير واضحة ومكلفة،بحيث ضيعت موارد مهمة من خزينة الدولة،باعتبارها نفقات جبائية.وبالتالي لم تحقق هذه الإعفاءات الهدف المتوخى منها،فكانت إعفاءات تخدم مصالح معينة،على حساب المصلحة العامة.
أضف إلى ذلك أن الإستثمارات الأجنبية الخاصة،باستثناء الإستثمارات التي وضعت في الخوصصة،قد تراجعت في السنوات الأحيرة،فانخفضت نسبة تمويلها للمشاريع الكبرى مما زاد من تعميق عجز الميزانية.
ومن كل ما سبق فإن مساهمة الرسوم الجمركية في تنمية الموارد الضريبية أصبحت مساهمة ضعيفة مما انعكس سلبا على مواردالميزانية وعلى الميزان التجاري. كما عرفت تحويلات الجالية المغربية خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة تراجعا ملحوظا. كما تراجعت حصة شركة اتصالات المغرب المحولة لميزانية الدولة وعائدات الخوصصة .نتيجة لذلك أصبحت ميزانية الدولة تعرف عجزا دائما يصعب تعويضه أمام نذرة الموارد وازدياد حجم التحملات.
ثالثا:انعكاسات الإلغاء الجمركي على النمو الإقتصادي
و من العواقب السلبية لإتفاقيات التبادل الحر،تعميق العجز في الحساب الجاري لميزان الأداءات على المدى القصير والمتوسط. فانفتاح السوق الداخلي على منافسة المنتجات الأوروبية سيترجم بزيادة سريعة في الواردات التي سيتم تحفيزها في نفس الوقت الذي يجري فيه التفكيك الجمركي.
ونمو ضعيف للصادرات المغربية  مقارنة بالواردات.
فأثر اتفاقية الشراكة على الصادرات سيبقى ضعيفا حتى في حالة تزايد الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فأغلب هذه الاستثمارات تستهدف في المقام الأول السوق الداخلي بدلا من التصدير. كما أن هذه الاستثمارات تعمل في المدى الطويل على تحويل المزيد من النقد الأجنبي نحو الخارج على شكل أرباح وأصول رؤوس الأموال المستثمرة مما يزيد من عجز ميزان الأداءات.
وحسب تقريرالميثاق الوطني للإقلاع الصناعي فإن المقاولات الصغيرة والمتوسطة تشكل  %95 من المقاولات بالمغرب، إلا أنها تمثل نسيجا ضعيفا، سمته الأساسية ضعف تطور هذه المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والعديد منها في وضعية صعبة، وعدد قليل من هذه المقاولات تحدث سنويا. كما أن مميزات المقاولة المغربية في تراجع، ويتعلق الأمر بضعف القدرة التنافسية والتمويلية، والمساهمة الشبه عامة للمقاولات العائلية، وضعف الانفتاح على السوق الخارجية ، ونسبة التأطير الضعيفة.
إن غياب التنافسية لدى المقاولات المغربية يجعل من الدخول في اتفاقيات مع دول أخرى غير ذي جدوى، مما يزيد الأمور تعقيدا، بسبب ضعف مناخ الاستثمار واقتصاد الريع والظواهر الصعبة التي تهدد القطاع الخاص مثل الرشوة. ومن ثم فإن إعطاء الأولوية لنسيج الاقتصادي الداخلي هو المطلوب في الخطوة الأولى.
وقد أكد التقرير الاقتصادي والمالي لوزارة المالية والاقتصاد لسنة 2010 أن الميزان التجاري للمغرب مع دول اتفاقية أكادير سجل عجزا مزمنا تزايد منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، إذ صدر المغرب عددا محدودا من المنتجات نحو هذه الدول التي لا تشكل سوقا مندمجة، أضف إلى ذلك أن ثلثي الصادرات المغربية تتكون من المواد الأولية، رغم أن المغرب يتوفر على إمكانات مهمة لتصدير المنتجات السمكية والأسمدة والمنتجات الصناعية، خاصة السيارات بعد رفع الحواجز أمام تصدير سيارة لوغان.

 فقد تفاقم عجز الميزان التجاري المغربي مع كل من تونس ومصر بنسبة % 13 ، 19 على التوالي سنة 2008 نتيجة ارتفاع واردات المغرب من كلا البلدين (%13  على التوالي)، بوتيرة أعلى من الصادرات المغربية (%11  و %5 على التوالي). فالملاحظ أن اتفاقية أكادير لم تحقق بعد طموحاتها المتجلية في تسريع الاندماج بين دول الجنوب، فالمغرب يخرج دائما خاوي الوفاض من الاتفاقيات التي يدخلها مع العديد من الدول.وهو ما يبين أن هناك العديد من مكامن الضعف لم تتجاوز بعد.
 فالمغرب على غرار الدول العربية لم يصل إلى تكوين قوة اقتصادية وقطب موحد كما يقتضي ذلك المنطق الاقتصادي العالمي، وغياب هذه التكتلات الاقتصادية هو ما يفقد الدول العربية أي قوة ممكنة، ويجعل انفتاحها على التكتلات الخارجية منفردة بدون نتائج. أضف إلى ذلك حواجز أخرى تعوق تنمية التبادل، كتشابه الهياكل الإنتاجية للبلدان الأعضاء، وانخفاض المحتوى التكنولوجي للصادرات المغربية، وتدني القدرة التنافسية في مجال الطاقة مقارنة مع باقي الشركاء، وضعف شبكات النقل الرابطة بين دول المنطقة.
وقد صنف المجلس الوطني للتجارة الخارجية، في تشخيصه لبنية التجارة الخارجية، اتفاقيات التبادل الحر، التي وقعها المغرب مع شركائه الاقتصاديين كثالث عامل بنيوي للعجز التجاري المغربي. فقد أثتبث العديد من المحللون أن المغرب بدخوله في مبادلات حرة مع العديد من الدول، يتعمق عجز ميزانه التجاري. فقد ارتفع إلى أعلى مستوى له في تاريخ المبادلات التجارية الخارجية. إذ يتوقع أن يزيد على 22 مليار دولار نهاية السنة، وهو ما يعادل تسجيل نسبة عجز تعادل 24 في المائة.

 ومن بين إنعكاسات تطبيق اتفاق التبادل الحر الموقع، نجد من بين أهدافه ضمان تمكين المستهلك المغربي من مواد وخدمات ذات جودة عالية وبأثمان منخفضة. ولنأخذ كمثال قطاع الأدوية وقطاع السيارات،هذا الأخير، يعتبرمن أحد القطاعات التي شملها مسلسل التحرير الجمركي، فضلا عن أنه يشهد نموا كبيرا في السنوات الأخيرة، ويتزايد الطلب عليه من فئات واسعة من المستهلكين المغاربة. فمن الطبيعي أنه إذا تنازلت الخزينة العمومية عن مداخيل جبائية، فيجب أن ينعكس ذلك إيجابا على المستهلك المحلي. 
فالملاحظ أن قطاع السيارات الأوربية الجديدة استفاد من فائض رسوم الجمارك طيلة العشر سنوات الأخيرة في إطار هذه الاتفاقية دون أن ينعكس ذلك بالضرورة على أثمان البيع المباشر للمستهلك. لأن مستوردي السيارات الأوربية تعاملوا مع هذه التخفيضات بقليل من الشفافية مع زبنائهم المغاربة، إذ لم يلاحظ فرق كبير في أثمان البيع بالتقسيط، رغم هامش الربح الذي تحقق بفعل التخفيضات الجمركية. 
وعلى غرار قطاع السيارات، لم يساهم مسلسل تفكيك الرسوم الجمركية في خفض أثمان الأدوية، رغم أن قطاع الأدوية استفاد بدوره من تخفيضات وإعفاءات فورية لحظة دخول الاتفاق حيز التنفيذ. وبما أن أثمان الأدوية في المغرب مقننة في إطار الثمن العمومي المغربي، فإن الهوامش الإضافية للثمن ذهبت إلى الشركات المنتجة والمستوردة دون أن يستفيد منها المستهلك المغربي، لأن أثمان جل هذه الأدوية ظلت دون تخفيض طيلة سنوات التفكيك الجمركي للرسوم المطبقة عليها أوعلى المواد الأولية التي تدخل في عملية إنتاجها .
ويؤكد بعض المحللين الإقتصاديين بهذا الخصوص، إنه كان حريا بالحكومة أن تضع ميكانيزمات قانونية لإجبار مستوردي البضائع المستفيدة من التخفيضات الجمركية في إطار هذه الاتفاقية، على عكس هذه الهوامش الإضافية على أثمان البيع النهائي للمستهلك.
 أماعلى الصعيد الفلاحي، ستواجه المنتوجات الفلاحية المغربية الموجهة إلى أمريكا، تواجد مشكل الحد الأدنى لبقايا المبيدات في المنتوجات المصدرة، حيث أن التقنيات والإمكانيات المتوفرة بالمغرب حاليا في أغلب الاستغلاليات لا تمكن من احترام معايير الجودة المتعلقة بالمبيدات المعمول بها بأمريكا. كما تجدر الإشارة إلى مسألة ثانية،وهي عدم تكافؤ التنافسية بالنسبة لفرخ الدجاج وذلك باعتبار أن كلفة المنتوج الوطني تتحدد بين 9 و10 دراهم للكيلو غرام الواحد في حين أن المنتوج الأمريكي والأكثر جودة لا يتعدى 5 دراهم للكيلو غرام الواحد وبخصوص الإشارة الثالثة بالنسبة للقمح الطري يبدو أن أهم انعكاس هي تكريس التبعية الغذائية للخارج بل والمزيد من تعميق هذه التبعية نظرا لمحدودية التنافسية التي يتمتع بها القمح المغربي مقارنة مع نظيره الأمريكي علما أن حاجيات المغرب من هذه المادة تفوق 8 ملايين طن سنويا وقد يعرف قطاع القمح إشكالات كبيرة مع حلول سنة 2015 عند الانفتاح الكامل ومن شأن هذه الإشكالات التأثير بشكل أو بآخر على الاستقرار بالبادية المغربية.
أما بخصوص قطاع النسيج بالمغرب فإنه عرف عدة مشاكل، حيث لا زال القطاع غير مؤهل وكما أن منافسة الصين في السوق الأوروبية وهذا ما ترجم على أرض الواقع عبر إقفال جملة من الوحدات الإنتاجية.وهذا دون الحديث عن إمكانية استثمار الأمريكيين بالمغرب في هذا القطاع وبذلك سيؤثرون سلبا على السوق المغربية بفعل المنافسة آنذاك لن ينفع مبدأ الحصص "الكوطا" الذي دافع عنه مهنيي النسيج.

الفقرة الثانية : اليات الإصلاح لمواجهة إشكاليةالإلغاء الجمركي.
إن  المتغيرات التي تفرضها مناطق التبادل الحر تستلزم تأهيل النسيج الإنتاجي وإعادة هيكلة القطاعات الصناعية لتحسين القدرة التنافسية الكلية للاقتصاد والرفع من الاستثمارات والزيادة في القيمة المضافة للمنتوج وخلق شروط التنمية المستدامة بالإضافة إلى تغطية العجز المالي الناجم عن سياسة التفكيك الجمركي تفرض اتخاذ مجموعة من التدابير لتغطية العجز المالي المرتقب وتحقيق التلاؤم مع الواقع الجديد منها
أولا:  إصلاح النطام ضريبي
يعتبرإصلاح المنظومة الضريبية من أولى الأولويات لإعادة النظر في السياسة الضريبية عن طريق مراجعة القوانين المتعلقة بالاستثماروالتي تكون في أغلب الحالات غير واضحة ومكلفة، إذ تضيع المحفزات الضريبية التي يقدمهاالمغرب للاستثمارات مجموعة من المداخيل الجبائية التي يعتبر المغرب في أمس الحاجة إليها.
 فمجموعة من الامتيازات الجبائية تخدم مصالح معينة على حساب المصلحة العامة.لذا بات من الضروري ملائمة النظام الجبائي مع متطلبات التوازنات المالية والأهداف الإجتماعية والاقتصادية العامة للدولة. وتوسيع الوعاء الضريبي بهيكلة وإدماج القطاعات الاقتصادية الغير مهيكلة في النسيج الاقتصادي الوطني، والحد من منطق الإعفاءات الضريبية التمييزية لبعض القطاعات كالقطاع الفلاحي مع التمييز ما بين الفلاحين الصغار والكبار الذين يراكمون الثروات والتمييز مابين الفلاحة السقوية والبورية.
فالإعفاءات الضريبية باعتبارها نفقات جبائية تثقل ميزانية الدولة،فيجب أن تتوجه هذه الإعفاءات إلى استقطاب المشاريع المنتجة والمذرة للدخل. غير أن ذلك لا يمنع من سن مجموعة من  الإجراءات الضريبية ملائمة لظروف المنافسة العالمية من أجل تقوية تنافسية المقاولات المغربية بالإضافة إلى الرفع من حجم الاستثمارات الخارجية بالمغرب الموجهة للسوق الخارجية وتحويل الديون الخارجية إلى استثمارات من أجل معالجة مشكل عجز الميزانية وإشكالية التوازنات المالية لل
ثانيا: تحديث القطاعات الإقتصادية وتشجيع الإستثمار
يعتبر عهد الإنفتاح والتبادل الحر عهدا جديدا بالنسبة للإقتصادالوطني.فلتمكينه من الإندماج لا بدا من وضع برنامج تحديث القطاعات الإنتاجية وجلب الإستثمارات الضرورية لتمويل هذا التحديث.وذلك في إطار استراتيجية تأهيل ودعم المقاولة المغربية وتهيئيها لمواجهة شروط المنافسة،وتحديث انظمة وآليات الإنتاج.
 والهدف  الأساسي من هدا التأهيل هوتحسين القدرة التنافسية التي لاتقتصر على المظاهر الماكرو اقتصادية أوعلى القطاعات التصديرية فحسب،ولكن تهم مجموع الأنشطة الاقتصادية بمافيها تلك الموجهة نحو السوق الداخلي.حيث ستزداد حدة المنافسة على مستوى السوق الداخلي بين السلع المحلية والسلع المستوردة مما سيرغم المقاولات المغربية على احترام المعايير الدولية في مجال السعر والجودة،مما سيتطلب ذلك تقليص الكلفة خصوصا على مستوى كلفة اليد العاملة ووضع تدابير تهدف إلى توفير الموارد المالية لتمويلها وإلا سيؤدي ذلك حتما إلى الخروج من السوق.
فانخفاض أسعار المنتجات المستوردة ،المواكب لتفكيك الرسوم الجمركية،سيؤدي بدون شك إلى تزايد الاستهلاك الخاص والى إغلاق العديد من المقاولات التي لا تقوى على منافسة هذه السلع.كما أن هذا الإنفتاح سيهدد بانخفاض إنتاجية قطاعات واسعة بناء على اعتبارات ترتبط بتحويل اليد العاملة وبالمنافسة النشيطة للمنتجات المنتهية المستوردة.
لذا فتحفيزالاستثمارله أهمية قصوى،فيجب أن يكون موجها بالشكل الذي يخدم السياسة الإستثمارية الجديدة،والتي تهدف إلى تحديث القطاعات الإنتاجية ووضعها في موضع قوة أما م المنافسين العالميين.  إن الإستثمار يساهم في خلق مناصب الشغل ونقل التكنولوجيا وتطوير الإنتاج لأنه يشكل أحد البدائل لتحجيم خسائر العائدات الضريبية من جراء إلغاء الحواجز الجمركية. ولتهيئة أرضية الاستثمار تتطلب تضافر مجموعة من الدعامات أهمها الضمانات الإدارية والقضائية والمتمثلة في تعميم المحاكم التجارية والإدارية بالإضافة على تقوية الرقابة المالية بتقوية المحاكم  المالية وقد قامت الدولة بتعزيز الترسانة القانونية ذات الاتصال المباشر بالمقاولة والمؤطرة للاستثمار كمدونة التجارة وقانون الشركات وقانون المنافسة ومدونة الجمارك. كما عملت على خلق مناخ جيد للاستثمار وتأهيل البنيات الاستقبالية للاستثمار بإنشاء المراكز الجهوية للاستثمار كآلية تنظيمية تساهم في تبسيط الإجراءات الإدارية بإيجاد توافقات مرضية ما بين المستثمرين والإدارة.

خـاتمة
لقد قام المغرب بوضع برنامج للتحديث وتأهيل المقاولة المغربية،وعصرنة الإطار التشريعي والمؤسساتي لدرء الخطر الذي تسببه إنشاء منطقة التبادل الحر,إلا أن قوة المنافسة الدولية ومنطق اقتصاد السوق  القائم على العولمة أثر بشكلي سلبي على قدرة المغرب على مواكبة متغيرات الإقتصاد العالمي,والتجارة العالمية.  
حيث أنه منذ دخول المغرب مقتضيات إلغاء التعرفة الجمركية حيز التطبيق أصبح  المغرب مجبرا على تجاوز الهدف المالي المتوخى من وراء الرسوم الجمركية،واستخدام السياسة الجمركية كوسيلة لمسايرة الركب العالمي.فأصبحت مساهمة الرسوم الجمركية في تنمية الموارد الضريبية مساهمة جد ضعيفة،الشيء الذي كان له عدة تأثيرات سلبية على مداخيل الدولة وبالتالي على الميزانية العامة للدولة مما دفع بها إلى البحث عن موارد جديدة لتغطية العجز الحاصل في الميزانية ،وكان من أهم هذه الحلول تعويض انخفاض الموارد الجمركية بضرائب داخلية مرتفعة واللجوء إلى الإقتراض خاصة الخارجي. مما زاد من نسبة المديونية الخارجية وتفاقمها وأدى إلى مزيد من برامج التقويم الهيكلي التقشفية، والمزيد من خوصصة القطاعات الاجتماعية مثل التعليم والصحة والمرافق المشابهة.
فما هو جدوى أو معنى للشراكة ما لم تؤذي إلى تسريع عجلات التنمية والقضاء على الفقر ورفع مستوى معيشة السكان عبر إلغاء أسباب الفقروالمديونية.
 لكن رغم كل الجهود المبذولة من أجل تجاوز هذه المشاكل والإنعكاسات السلبية للتحرر التجاري وإلغاء الرسوم الجمركية،فهذا لم يحسن من وضع المغرب اتجاه الاقتصاد الأوربي والأمريكي الذي يتسم الآن بعلاقات غير متكافئة.
إن اتفاقية الشراكة بكل ما تستند اليه من تحرير تجاري ومالي ونقدي، تصب في النهاية بالدرجة الأولى في مصلحة دول الاتحاد الأوروبي الغنية وشركاتها متعددة الجنسية، وتتجاهل تماما مصالح الدول النامية. لذلك بات من ضروري إدخال تعديل ملائم يحسن من وضع المغرب اللامتكافئ اتجاه الاقتصاد الأوروبي .وتعزيز القدرة التنافسية للمقاولات الأمر الذي لن يتأتى في إطار مناخ مليء بالصعوبات خاصة منها الجبائية،حيث إن المناخ الجبائي لاينحصر فقط في بعده الداخلي بل على العكس يتجه نحو
العولمة، وهو ما يفرض على المغرب الدخول في سلسلة من الإصلاحات القانونية والضريبية لتوفير الشروط اللازمة لتأقلم الاقتصاد الوطني مع متطلبات العولمة . ولكن هل تكفي هذه الإصلاحات لوضع أسس قوية لتحقيق هذا المناخ علما أن الجبايات تشكل جزءا لا يتجزأ من هذا المناخ الذي يتميز بانفتاح كبير،وانخفاض مهم في المداخيل الضريبية ؟
فليس هناك من جدوى أو معنى للشراكة ما لم تؤذي إلى تسريع عجلات التنمية والقضاء على الفقر ورفع مستوى معيشة السكان عبر إلغاء أسباب الفقر من مديونية خارجية متفاقمة تضغط على ميزانية الدولة وتدعو الى مزيد من برامج التقويم الهيكلي التقشفية، وتعمل على الضغط  من أجل المزيد من خوصصة القطاعات الاجتماعية مثل التعليم والصحة والمرافق المشابهة.

لائحة المراجع المعتمدة:
-المدونة العامة للضرائب.
- مدونة الجمارك والضرائب الغير مباشرة المصادق عليها بالظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.77.399 بتاريخ 25 شوال 1397(09/10/1977) كما وقع تغييرها وتتميمها على الخصوص بمقتضى القانون رقم 99.02 المصادق عليه بالظهير رقم 1.00.222 بتاريخ 2 ربيع الاول 1421(05/06/2000)
-مرسوم رقم 2.77.862 بتاريخ 25 شوال 1397 (09/10/1977) بتطبيق مدونة الجمارك والضرائب غير مباشرة الراجعة لادارة الجمارك و الضرائب غير مباشرة و المصادق عليها بالظهير الشريف رقم( 1.77.339) بتاريخ 25 شوال 1397(09/10/1977) بمثابة قانون.
- د فاطمة الحمدان بحير: السياسة الجمركية المغربية واشكالية المبادلات التجارية الدولية طبعة 2005
- محمد شكيري: التشريع الضريبي المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، 97-98.

- نور الدين الشرقاوي الغزواني:مدونة الجمارك وفق أخر تعديلات ذات الطبيعة الجنائية والجبائية، مكتبة دار السلام، الطبعة الأولى، نونبر 2003.
-عبد اللطيف ناصري:الأبعاد الجبائية والاقتصادية للنظام الجمركي المغربي.أطروحة لنيل الدكتوراة في القانون العام السنة الجامعية 2006-2007
- محمد حنين، المقاربة الجديدة لتدبير الميزانية الطبعة الأولى 2007.
- اغزيول محمد، مدونة وتنظيمات الجمارك والضرائب الغير مباشرة الطبعة 2000



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق