الصفحات

فارس يستعرض تاريخ العدالة في الصحراء أمام كبير قضاة روسيا

تستعد محكمة النقض لترجمة مجموعة من المؤلفات القضائية المغربية إلى عدة لغات حية إضافية، بعد ترجمتها إلى ثلاث لغات في إطار انفتاح السلطة القضائية المغربية على الأنظمة القضائية في أوروبا وآسيا وأمريكا.

وتشمل عملية الترجمة مجموعة من المؤلفات من ضمنها كتاب "وحدة المملكة من خلال القضاء" الذي قدّم مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في الأيام القليلة الماضية نسخة منه لرئيس المحكمة الدستورية لفيدرالية روسيا.
ويتطرق مصطفى فارس، مؤلف هذا الكتاب، لمحتوى مجموعة من الوثائق التاريخية التي تظهر الدور الريادي الذي قام به القضاة من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية للمملكة وتكريس التلاحم الموجود بين مناطق الشمال والجنوب، وكفاحهم من أجل ذلك في أصعب الظروف خاصة خلال مواجهتهم للاستعمار.
ويشير مصطفى فارس،في الكتاب إلى أن التاريخ أفرد للقضاء مكانة مهمة ودورا بارزا في تحقيق وحدة المغرب بعد الاستقلال، إذ "شكل إنشاء المجلس الأعلى ضمن المنظومة القضائية محطة مهمة في درب الإصلاح القضائي باعتباره الساهر على توحيد الاجتهاد القضائي والتطبيق السليم للقانون داخل تراب المملكة"، مبرزا أن هذا اللقاء الوطني ليس فقط حديثا عن الماضي بل هو مساهمة في بناء تاريخ المستقبل الذي أسس له الخطاب الملكي لتاريخ 9 مارس الأخير.
وفي هذا الصدد أكد أن الإصلاحات الدستورية والقانونية والتنظيمية والهيكلية التي يقودها المغرب، اليوم، ترتكز في تفعيل جزء كبير منها بالأساس على وجود سلطة قضائية حقيقية ومستقلة باعتبارها آلية من آليات دولة الحق والمؤسسات والمواطنة والكرامة والوحدة، مستطردا: "المرحلة تقتضي المساهمة الفعلية والجادة في بلورة نموذج مغربي لدولة الحق والمؤسسات يكون فيها القضاء قرب المواطن وفي خدمته".
كما تطرق الرئيس الأول لمحكمة النقض إلى الحملة الوطنية التي قام بها القاضي الفقيه أحمد بن محمد بن عبد الله الزروتي على إثر توصله برسالة وجهها إليه الشيخ ماء العينين أحمد الهيبة ابن الشيخ ماء العينين بتاريخ 12 أبريل 1914، إلى جانب الرسالة التي ناشدت فيها قبائل تكنة ومن حولها العون والمؤازرة للمناطق الجنوبية من وادي نون إلى وادي الذهب في مواجهة الغزو الإسباني على سواحل المنطقة.
وأوضح المسؤول القضائي أن أبناء الصحراء، وعلى رأسهم القضاة، تجاوبوا على مر الحقب مع عقد البيعة كتعاقد ديمقراطي حر ذي المرجعية الإسلامية، وذلك تلقائيا، إذ استطاع المغرب من خلال ذلك الحفاظ على تنوع وخصوصيات مناطقه في إطار الوحدة.
وذكر، في هذا الصدد، بأسماء عدد من قضاة الصحراء الذين عينوا بظهائر خلال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مبرزا اعتمادهم المذهب المالكي كمذهب فقهي وعقائدي موحد بالمغرب في استنباط أحكامهم القضائية واجتهاداتهم، إذ تؤكد المعطيات التاريخية الموثوقة من أحكام قضائية ورسوم عدلية تمسك قبائل الصحراء بهذا المذهب سواء في الحكم أو القضاء أو لدى العامة، بالرغم من محاولات الدول الاستعمارية تفتيت وحدة المملكة وطمس مغربية صحرائها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق