سادت روح الدعوة إلى التعاون المشترك بين مسؤولي السلطة القضائية ونقباء هيئات المحامين في اللقاء التواصلي بمقر محكمة النقض بالرباط، والذي ترأسه يوم الخميس الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، بجانب نقباء هيئات المحامين والرؤساء الأولين والوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف بالمملكة.
وقال محمد عبد النبوي، الوكيل العام لمحكمة النقض رئيس النيابة العامة، إن القضاء والمحاماة يلزمهما "وضع اليد في اليد معا من أجل الوفاء بالالتزامات المهنية وأخلاق القسم للشرف الخاص بالمهنتين"، مضيفا أنهما "ملزمان في هذه اللحظة بالذات بالتعاون والتنسيق في إطار المهام والواجبات التي يمنحها القانون لإنجاح المرحلة الانتقالية للعدالة المغربية".
واقترح عبد النبوي، في سياق الحث على "إعادة تنظيم الصفوف ووضع الآليات المناسبة للاشتغال القضائي وحل الإشكاليات"، تشكيل لجنة مركزية تكون مهمتها "دراسة القضايا التي تتطلب حلا مركزيا، بجانب اللجنة الثلاثية القائمة المكلفة بالتنسيق على المستوى الجهوي"، مشيرا إلى أن هذه اللجنة المركزية ستضم رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب وبعض النقباء وممثلين عن السلطة القضائية والمحاكم وعن النيابة العامة.
وشدد المسؤول القضائي المغربي على أن هذه اللجنة المركزية ستعقد لقاءاتها حسب الحاجة وترفع إليها القضايا التي تعثر حلها في اللجنة الثلاثية الجهوية، كما "ترفع إليها الممارسات الفضلى التي تولتها اللجان الثلاثية بغاية تعميمها على باقي المحاكم"، وأكد على ضرورة أن يثمر العمل التنسيقي بين مختلف الجهات القضائية وهيئات المحامين التعرف على المشاكل وتدبير الحلول الملائمة.
مصطفى فارس، الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ثمّن الواقع المهني للمحاماة بالمغرب، وأورد أن المهنة عرفت عددا من التعديلات التشريعية التي تلاءمت مع المستجدات الوطنية والدولية، مشيدا في الوقت ذاته بـ"ارتقاء ممارسة المحاماة إلى المعايير الدولية المتعارف عليها"، مبرزا أن المحامين المغاربة "من أكثر مهنيي العدالة نشاطا في الساحة القانونية والحقوقية والسياسية".
وشدد فارس، في سياق حديثه عن واقع ومستقبل ممارسة مهنة القضاء والمحاماة بالمملكة، على أهمية العمل المشترك ولعب الأدوار الرئيسية والحاسمة "في ظل المتغيرات الوطنية والإشكاليات الكبرى في مجالات تنظيم وهيكلة المجال القضائي والمحاماة"، معتبرا أن مسار التكوين الأكاديمي "مكن من تقديم خدمات قانونية في مستوى متطلبات التقاضي، في ظل تشعب القضايا والتخصصات".
وبعدما رحب المسؤول القضائي بمقترح اللجنة المركزية الذي تقدم به الوكيل العام لمحكمة النقض رئيس النيابة العامة، شدد على أهمية عمل اللجان الثلاثية الجهوية "التي يجب أن تكون أكثر فعالية من أجل حل المشاكل التي تثار لإصلاح آثارها السلبية"، معتبرا أن "الرصيد التاريخي لأسرة العدالة والمحاماة وما تتوفر عليه من كفاءات مهنية متميزة سيجعلها في مستوى التطلعات".
من جانبه، اعترف محمد أقديم، رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، بوجود ما أسماه "المناوشات القليلة" التي تحصل بين المحامين والسلطة القضائية، قبل أن يستدرك بالقول: "نشكل أسرة واحدة ونسعى إلى التعاون والعمل على إذابة كل الجليد الذي يقع بين وقت وآخر"، مشيرا إلى أن "الحكمة والرزانة وحب العدالة عوامل تدفع كل الأطراف إلى أن نكون في مستوى تحمل المسؤولية والعمل على إيجاد حلول واقعية وعادلة تضع كل طرف بشكل متوازن ولا تعمل على تغليب طرف على آخر".
وأورد نقيب المحامين أن هيئات المحامين "تطالب منذ 1962 وتدافع عن وصول السلطة القضائية إلى استقلاليتها"، معتبرا أن الهدف قد تحقق، وأن "هذه الاستقلالية يجب أن تكون مدعمة بسلطة حقيقة ومستمدة من روح الدستور والواقع، ومدعومة أيضا من الفاعلين الحقوقيين والجمعويين والقانونيين لتكون سلطة قانونية".
ولم يخف أقديم تخوفه من حصول ما أسماه بعض الاختلالات والثغرات "مع كل عمل جديد، لكن يمكن تجاوزها بالإرادة القوية للعاملين وقائدي هذا التحول المستمدة من دعم ملك البلاد"، قبل أن يثمن مبادرة اللقاء التواصلي الذي وصفه بالتقليد الجديد، مضيفا: "نفتخر بعدالتنا وقضائنا والمسؤولين القضائيين الذين يرغبون في الرقي بالعدل والعدالة في البلاد، ونعتبر أنفسنا الوقاية التي تعترض كل من يريد التهجم على القضاء".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق