سلط مسؤولون وخبراء، الخميس في الرباط، الضوء على إشكالية الملكية المشتركة للعقارات المبنية بالمغرب، على ضوء صدور المراسيم التطبيقية وتحيين القوانين التي تؤطر التحولات السوسيوثقافية المهيكلة لنمط حياة وعيش المغاربة وأسلوب تعاملهم مع تملك العقار.
وفي ندوة علمية حول موضوع "الملكية المشتركة للعقارات المبنية بالمغرب: المجال، المعيش والروابط الاجتماعية"، نظمتها الكتابة العامة للمجلس الوطني للإسكان، قالت فاطنة الكحيل، كاتبة الدولة لدى وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة المكلفة بالإسكان، إن مصالح الوزارة قامت بدراسة حديثة كشفت أن 60 في المائة من المغاربة يفضّلون السكن المشترك.
وأوضحت كاتبة الدولة أن "الوزارة ستواكب حركة التمدن السريع الذي تعرفها بلادنا من أجل تحسين الملكية المشتركة للمباني والمساكن"، داعية جميع المتدخلين إلى الانخراط الفعال، سواء في القطاع الخاص أو العام، بغية الخروج بتوصيات قابلة للتفعيل لترسيخ ثقافة التساكن الجماعي.
وقالت الوزارة إن المشرع المغربي اهتم بتأطير هذا المجال، بدءا باستصدار ظهير 1946، وبعده بأزيد من نصف قرن عبر قانون رقم 18.00 وأخيرا بصدور قانون 106.02 لسنة 2015، المتعلق بالملكية المشتركة للعقارات المبنية، بالإضافة إلى المرسوم التطبيقي المنشور في الجريدة الرسمية بداية الشهر الجاري، والذي يهدف إلى تيسير مهام الملاك المشتركين.
في الصدد ذاته، حذر محمد الوكاري، الأستاذ بالمعهد الوطني للتهيئة والتعمير، من حدوث أزمة في المغرب إذا لم يتم تدارك الثغرات الموجودة في القوانين المنظمة للعقار المشترك، وقال إن "نصف عدد سكان المغرب يعيشون بالمجال الحضري، كما أن برامج السكن الاجتماعي في ازدياد مستمر".
وانتقد الخبير، في مداخلة له حول "الملكية المشتركة للعقارات المبنية بين القانون وواقع الممارسة"، نسخ المغرب لقوانين من النظام الفرنسي بدون مراعاة خصوصية المجتمع، ولفت إلى أن القوانين التي اعتمدتها المملكة شابتها العديد من الثغرات على مستوى عدم ملاءمته لبعض الحالات.
من الناحية الاجتماعية، تطرق عبد الرحمن رشيق، أستاذ علم الاجتماع الحضري، إلى علاقة المغاربة مع العيش المشترك. وأشار الباحث إلى أن دراسة سابقة قام بها لفائدة المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية أظهرت أن "أكثر من 80 في المائة من المغاربة ثقتهم ضعيفة في جيرانهم، وأنه كلما ارتفع المستوى الدراسي للأشخاص كلما تراجعت الثقة في الجار".
وتُختزل علاقة المغربي بجاره، وفق القراءة التي قدمها الباحث في علم الاجتماع، في إلقاء التحية وفقط، وسجل تراجع هذه العلاقة حتى في الأحياء الشعبية التي كانت مبنية في وقت سابق على التكافل الاجتماعي.
وكان العدد الأخير من الجريدة الرسمية قد تضمن المرسوم المتعلق بالنظام النموذجي للملكية المشتركة، الذي سبق أن صادق عليه المجلس الحكومي في الثامن والعشرين من شتنبر الماضي، والمندرج في سياق تفعيل مقتضى المادة الـ8 من القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية، والمعهود تنفيذه إلى وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، حيث تأخر صدور هذا المرسوم زهاء خمس عشرة سنة ونيف.
ويلزم القانون الجديد أصحاب الملكيات المشتركة بعدم تثبيت أجهزة من قبيل الهوائيات أو الصحون في واجهات البناية وفي الشرفات، وكذا القيام بالتنظيف المنزلي من قبيل تمشيط ونفض ونشر الزرابي والأفرشة والأثاث في الدرج والممرات والأبهية، ومنع استعمال المرأب في غسل العربات وإصلاحها أو استعمال المنبهات فيها، وأن لا يتم إيواء الحيوانات الخطيرة أو التي يترتب عليها إخلال بهدوء المبنى ونظافته أو بسلامة القاطنين.
للمزيد من المواضيع حول موضوع الملكية المشتركة للعقارات بالمغرب :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق