أستطيع أن أقول جازما بأن القانون الجنائي ـ أو قانون الجزاءات كما يسمى في بعض الدول العربية ـ هو المرآة التي تعكس اهتمامات المشرع، وتبرز الجوانب التي يحرص على حمايتها بتشريعه أكثر من غيرها، ويهتم بها أكثر من غيرها.
وأستطيع القول أيضا بأن القانون الجنائي المغربي هو أكثر حرصا على حماية ثروات الأغنياء من حرصه على حماية الحقوق العامة للأفراد…
فالسرقة مثلا تناولها في خمسة وثلاثين (35) فصلا (من 505 إلى 539)، تحولت إلى اثنتين وثلاثين مادة (32) في المسودة، بالإضافة إلى أربعة بنود في المادة 591؛؛ بينما لم يخصص لحماية الناس من الباطل الذي يمكن أن يُـرمَـوْا به، والاقتضاء لهم بعد تعرضهم له، سوى فصل واحد يتيم، هو الفصل 445 الذي تقابله المادة 445 من المسودة؛ وهو المتعلق بالوشاية الكاذبة؛ رغم أن أوجه الباطل والكذب والافتراء على الناس تتخذ ألوانا متعددة وأشكالا شتى، ووسائل وطرقا مختلفة، تختلف درجاتها في الخطورة ما بين اتهام بجريمة قد لا تتجاوز عقوبتها شهرا حبسا أو دون ذلك؛ إلى الرمي بالباطل باقتراف جناية قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد؛ كما سيتضح في الجزء الثاني من هذه الرسالة.
وحتى بالنظر لهذا الفصل المجحف اليتيم، أو المادة التي حلت محله؛ فإنها تتميز في بنائها بالاضطراب والغموض المصطلحِـيَـيْـن.
إن واضعي نصوص القوانين يدركون أن هناك عدة قواعد تحكم وضع أي نص قانوني؛ إذا اختلت قاعدة منها اختل النص؛ وقد أشرنا في رسالتنا السابقة إلى قاعدة من تلك القواعد وهي الجزاء أو العقوبة؛ وإن كان الجزاء أوسع وأشمل من العقوبة؛ لأنه قد يكون ثوابا، وقد يكون عقابا، حسب نوع العمل. غير أن المتعارف عليه في الميدان القانوني هو أن الحديث عن الجزاء في القانون الجنائي إنما يقصد به العقاب..
أما القاعدة الثانية فهي العلاقة بين القاعدة القانونية والحق؛ أو ما يعرف بنظرية القانون ونظرية الحق؛ والتي نقتصر فيها على القول بأن الحق القانوني يفترض أن يُـستعمل استعمالا مشروعا، دون تعسف؛ وهو ما يمنح لقاضي الحكم في الدعوى العمومية سلطة تحديد الحكم الجزائي عن الفعل المجـرَّم، ويعطي في نفس الوقت الحق للمتضرر أن يتقدم بطلباته للتعويض عن الضرر، ويمنح لقاضي الحكم في الدعوى المدنية إعمال سلطته التقديرية في تحديد قدر التعويض المادي المستحق للمطالب بالتعويض.
أما القاعدة الثالثة، فهي قاعدة اللاترادف. إذ النص القانوني لا يعترف بترادف الكلمات، فاللص ليس هو السارق، والكذاب ليس هو المفتري، والإنزال ليس هو التنزيل، والظلم ليس هو الجور، والإنصاف ليس هو العدل، والاعتراف ليس هو الإقرار، والمساهم في الجريمة غير المشارك فيها… وهكذا؛ والمشرع في عدم اعترافه بالترادف في اللغة مُـحِـق، لأنه مادامت هناك لفظتان، فهناك معنيان، قد يكون بينهما مشترك؛ ولكن لابد أن يوجد بينهما فارق. ومن ثم فإن المشرع عندما يريد أن يُـحَـمِّـل كلمةً ما، معنى كلمةٍ أخرى؛ فإنه ينص على ذلك، كما فعل في المادة 505 من المسودة: «من اختلس عمدا مالا مملوكا للغير يعد سارقا.. »، وذلك لشعوره بالفرق بين المختلس والسارق، أو بين الاختلاس والسرقة.
وبما أن مناقشة القاعدتين الأوليين تحتاج منا إلى مساحة أكبر، لأننا سنناقشها في ضوء التعديل الجزائي الذي أدخله المشرع المغربي على الفصل 445 عندما حوله إلى المادة 445 في المسودة؛ مع التمثيل بحالة أو حالات من وقائع المحاكم؛ فإنني سأؤجلهما إلى القسم الثاني من هذه الرسالة، وأكتفي هنا بمناقشة القاعدة الثالثة؛ قاعدة اللاترادف، والتي لم يحترمها أي من النصين: لا الحالي ولا الوارد في المسودة.
فإذا عدنا إلى المادة 445 من المسودة، نجد منطوقها يقول:
«يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين، وغرامة من 2.000 إلى 20.000 درهم، من أبلغ بأي وسيلة كانت عن سوء نية، وشاية كاذبة ضد شخص أو أكثر، السلطاتِ القضائيةَ أو ضباطَ الشرطة القضائية أو الإدارية أو إلى هيآت مختصة باتخاذ إجراءات بشأنها أو تقديمها إلى السلطة المختصة، وكذلك من أبلغ الوشاية إلى رؤساء المبلَّغ ضده، أو أصحابِ العمل الذين يعمل لديهم.
وإذا كانت الوقائع المبلغ بها تستوجب عقوبة تأديبية فإن المتابعة التأديبية عن الوشاية الكاذبة، تطبيقا لهذا النص، يمكن الشروع فيها، إما عقب المقرر القضائي المكتسب لقوة الشيء المقضي به ببراءة المبلغ ضده، أو إعفائه، أو عقب صدور أمر أو قرار بعدم متابعته، أو عقب حفظ الشكاية بأمر من النيابة العامة، أو الموظف أو رئيس المبلغ ضده أو مستخدمه المختص بالبت في الشكاية.
على المحكمة التي ترفع لها الدعوى العمومية بمقتضى هذه المادة، أن تأمر بوقف نظر دعوى البلاغ الكاذب، إذا كانت المتابعة عن الواقعة المبلغ بها لا زالت جارية.»
وبالتأمل في هذه المادة وما اشتملت عليه من مصطلحات، وحالات، وأطراف، ندرك بسهولة أنها تحتاج إلى أن تكون في عدة فصول أو مواد، لأن جمعها ورصفها في مادة واحدة يتيمة أو فصل قانوني واحد لا يمنح للفصل أو المادة ذلك التقنين الدقيق الكفيل بحصر الجريمة الواحدة المُـعَـرَّفة قانونا، في الفعل الواحد المُـجَـرَّم قانونا؛ حيث نلاحظ أن المادة المذكورة تتعلق بعدد كبير من الجرائم المتباينة؛ اقترافا، وهدفا، ووسيلة، ونتيجة، وتجمع بين قضايا متفاوتة في أحكامها إلى أقصى درجات التفاوت: ما بين الغرامة؛ أو عقوبة حبسية بأقل مدة قانونية؛ إلى الجرائم التي تستوجب أشد العقوبات، وأقصى مدد سجنية..
بالإضافة إلى أنها لا تفصح عما إذا كانت قائمة على قاعدة اللاترادف، أم أنها تخرق تلك القاعدة؛ بحيث تجعل القارئ يتساءل عن أي شيء تتحدث هذه المادة: هل عن الوشاية أم عن الشكاية أم عن البلاغ؟
وهو ما يتولد عنه سؤال آخر حول مفهوم الشكاية، ومفهوم الوشاية، ومفهوم البلاغ، والفرق بينها قانونا واصطلاحا؟
وإذا كانت الشكاية هي الوشاية في مفهوم المشرع المغربي، فما مبرر الجمع بينهما في قانون المسطرة الجنائية، في المواد 21، 40، و 49:
ـ مادة 21: « يتلقون (أي ضباط الشرطة القضائية) الشكايات والوشايات، ويجرون الأبحاث …»
ـ مادة 40: « يحيل (أي وكيل الملك) ما يتلقاه من محاضر وشكايات ووشايات، وما يتخذه…»؛ ومثلها المادة 49 بالنسبة للوكيل العام للملك.
ثم إذا جئنا إلى المادة 98 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تقول:
«إذا صدر أمر بعدم المتابعة… فيمكن للمتهم ولكل الأشخاص المشار إليهم في الشكاية، أن يطلبوا من المشتكي تعويضهم عن الضرر أمام المحكمة المدنية، دون الإخلال بحقهم في متابعته بالوشاية الكاذبة…»
حيث يلاحظ على هذه المادة أن المتابعة فيها ليست من جنس الجريمة؛ فالجريمة أصلها شكاية، والمتابعة تكون على الوشاية.
ومما يدل على أن الشكاية ليست هي الوشاية في مفهوم المشرع المغربي، هو عطفُ إحداهما على الأخرى بالواو عطفَ نسق، وهو عطفٌ يفيد الاختلاف، بين المعطوف والمعطوف عليه، فقولنا: جاء زيد وعمرو، لا يمكن أن يُـفهم منه أنهما نفس الشخص.
أما القول باشتراكهما في الحكم؛ فتلك مسألة إعرابية وليست قانونية، ولا يجوز أن تكون في القانون إلا بنص، كالمشارك في الجريمة الذي يعاقب بالعقوبة المقررة للفاعل الأصلي بنص حددته المادة 130.
أما الملاحظة الثانية فهي أن هذه المادة تتحدث عن جريمة دون وجود مجرم، فإذا كانت السرقة تُـقـتـرف من طرف سارق، والقتل من طرف قاتل؛ والشكاية تقدم من طرف مشتك، فمن الذي يقوم بالوشاية؟
إننا لا نجد في أي من القانونين (المسطرة الجنائية والقانون الجنائي) كلمة “واش”، وإنما الكلمة المستعملة هي المشتكي، لأنها من جنس الشكاية.. والفاعل المسمى باسم فعله، يكون اسمه من جنس فعله أيضا حتى في الخطاب العادي، كالسباح والملاكم والطباخ والمحامي…
فأين الواشي في هذين القانونين، وما تعريفه؟
إن النص يتحدث عن وشاية بدون أن ينص على الواشي.
لقد طرح الكاتب ص.م. [هكذا رمز لنفسه] هذه القضية في مقال نشرته جريدة الصباح بتاريخ 23 فبراير 2011 بشكل لا يرقى بها إلى اعتبارها إشكالية قانونية في القانون الجنائي المغربي، رغم قوله أن « المشرع يميز بين الشكاية والوشاية؛ إذ لا تقوم أي واحدة منهما مقام الأخرى… » وذكر أن « المدلول القانوني للوشاية ليس هو نفسه للشكاية.. »
فإذا كان الأمر كذلك؛ فلماذا لا نفرق في التشريع بين فعل وفعل؛ علما بأن حمولة أحدهما تختلف دلاليا عن حمولة الأخرى؛ كما أشار إليه في قوله: « فجميع التشريعات تستعمل الوشاية كمدلول لتبليغ جهة أو شخص معين بوقائع لا يكون المبلِّغ طرفا فيها؛ في حين أن المشتكي إنما هو طرف متضرر شخصيا من الفعل الذي يبلغ به الجهة أو الشخص المعني»
فهما ليسا سواء إذن. فإذا افترضنا أنهما صادقان معا فيما بَـلَّـغا به؛ فالحكم سيكون للمشتكي بالتعويض عن الضرر، بينما لا يستفيد الواشي من شيء من ذلك؛؛ وإذا افترضنا أنهما كاذبان معا: فالحكم على المشتكي الكاذب الذي ادعى تعرضه للضرر، والذي قد يدعي في شكايته أنه ضرر كبير أو خطير كما سنرى، ليس هو نفسه الذي يجب أن ينصب على الواشي الذي لم يدع تعرضه لأي ضرر؛ ولذلك فإننا نجد في النصوص القانونية استعمالين اثنين لهذه الجريمة، بحسب المبلغ عنها: فهناك الوشاية الكاذبة، وهناك الشكاية الكيدية، وفرق كبير بينهما؛ لأن الإرادة الإجرامية ثابتة في الشكاية الكيدية، بينما هي غير مؤكدة في الوشاية الكاذبة؛ نضرب لذلك مثلا: أنْ يرى مواطن أشخاصا غرباء يترددون على منزل في حيه بين الحين والحين، وخاصة بالليل، ويأتون أحيانا محملين بأكياس أو صناديق، فيرتاب في أمرهم، ويبلغ عنهم؛ ثم يتبين بعد التبليغ والتحقيق أنهم مجرد تجار صغار اشتركوا في كراء ذلك المنزل ليجعلوه مستودعا لبعض سلعهم التي يفترشونها في الأرض أو يبيعونها في الأسواق؛ فهذه وإن كانت وشاية كاذبة إلا أنها لا تتوفر على الركن المعنوي أو القصد الجنائي للجريمة، وهو ما يمكن أن نقول بأن المسودة قد تداركته بربط جرمية الوشاية الكاذبة بسوء النية.. إلا أنه ربْـطٌ عام، يجعل الشكاية الكيدية هي أيضا تحتاج لإضفاء صفة الجرمية عليها إلى إثبات سوء النية لدى المشتكي الكاذب؛ وهو أمر يتعارض مع التعمد والعلم بعدم صحة أو واقعية ما يصرح به جزئيا أو كليا.
وأضيف إلى هذا أن الوشاية قد تكون مجهولة المصدر، بينما الشكاية لا تكون إلا من مشتك معلوم، متضرر، أو مدع للضرر..
في القسم الأخير من هذه الرسالة الثانية، سوف أتطرق إلى إبراز بعض الملاحظات المتعلقة بالتعديل الجوهري المدخل على عقوبة الوشاية الكاذبة في المادة 445 من المسودة، ومقارنته بمدى خطورة هذه الجريمة؛ مستشهدا بنوازل مستفادة من الواقع، أو مما راجت أطوارها في محاكم المملكة؛ وذلك بعد أن بينت في القسم الأول من هذه الرسالة ما يعتري تلك المادة من اضطراب وتداخل في استعمال مصطلحات الشكاية والوشاية والبلاغ رغم ما بينها من فروق؛ عملا بقاعدة اللاترادف الواجب احترامها في أي نص قانوني، إلا إذا أشير إليه ، وأشرت إلى ما بينها من فروق دلالية وركنية خاصة فيما بين الوشاية والشكاية، يمكن أن أختصرها في نقطتين :
الأولى : أن الوشاية تكون من شخص معلوم أو مجهول؛ بينما الشكاية لا تكون إلا من شخص معلوم.
والثانية : أن الوشاية لا يكون صاحبها (أي الواشي) طرفا في الواقعة المبلغ عنها ؛ ولو كان معرفا به فيها، مما يعني أنه لا يمكن أن يُـنَـصِّـب نفسه مطالبا بالحق المدني في الدعوى العمومية. بينما الشكاية لابد يكون صاحبها (أي المشتكي) طرفا فيها باعتباره متضررا من الواقعة المبلغ عنها، مما يؤهله لينصب نفسه مطالبا بالحق المدني في الدعوى العمومية؛ حتى ولو قدمت الشكاية من طرف شخص آخر، كولي الأمر أو الوصي أو الكفيل أو الزوج أو أحد الأقارب؛ إذا كان المتضرر أو الضحية في حالة أو وضع لا يسمح له بتقديم شكاية بنفسه، كأن يكون في المستشفى، أو محتجزا، أو في وضعية حرجة أو غير ذلك، كما سيتضح من الواقعة الذي سنستشهد بها.
وعليه فإنه يمكن اعتبار مصطلح “الإبلاغ” هو المصطلح الجامع بين الشكاية والوشاية في حالة صحة الوقائع المبلغ عنها ..
أما في حالة عدم صحة تلك الوقائع؛ فهنا يجب التمييز بينهما، باعتبار دخول عنصر ادعاء الضرر في الشكاية الكيدية، وعدم ادعائه في الوشاية الكاذبة.
ولذلك فإذا نظرنا إلى العمليتين: أي تقديم وشاية أو تقديم شكاية، من جانبيهما المحتملين ، وهما صحة الوقائع المبلغ عنها او كِـذْبُـها واختلاقها ؛
فإن الوشاية الكاذبة يُـحتمل فيها حسن النية أو سوء النية معا. وذلك باعتبار قابليتها لاستيعاب مسألة الصدق والكذب بشتى أوجهها عند الفقهاء والاصوليين والمناطقة والبلاغيين، من حيث تعريف الخبر الصادق بمدى مطابقة الكلام للاعتقاد والواقع، أو مدى مطابقته للاعتقاد دون الواقع أو مطابقته للواقع دون الاعتقاد ، والخبر الكاذب عكسه فيها جميعا ، مما نعتقد أن القانون الجنائي في غنى عنه، حيث يكون المشرع حريصا على عدم استعمال الكلمة التي تحتمل تأويلات متعددة، أو قراءات مختلفة..
أما الشكاية الكيدية، فلا وجه فيها لحسن النية؛ لأنها اختلاق وافتراء متعمد، يقصد منه الإضرار بالمشتكى به البرئ من كل ما يتهمه به المشتكي باطلا وافتراء.
وبالنظر إلى مجموع القانون الجنائي فيما يتعلق بهذه المسألة؛ فإننا نجد أنه عالج قضية البلاغ الكاذب في الفصل أو المادة 264، مستعملا مصطلحا آخر هو إهانة القضاء :
المادة 264
« يعتبر إهانة ويعاقب بهذه الصفة قيامُ أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العامة بشكل مباشر أو غير مباشر، عن وقوع جريمة يعلم بعدم حدوثها أو بتقديم أدلة زائفة متعلقة بجريمة خيالية أو التصريح لدى السلطة القضائية بارتكاب جريمة لم يرتكبها ولم يساهم في ارتكابها.»
وهي مادة نعتقد أنها تحدث خللا واضطرابا في القانون الجنائي، إذ ما الفرق حسب هذه المادة بين إهانة للقضاء ؛ وبين الوشاية الكاذبة في المادة 445 :
” … من أبلغ بأي وسيلة كانت عن سوء نية ، وشاية كاذبة ضد شخص أو أكثر السلطات القضائية أو ضباط الشرطة القضائية أو الإدارية أو إلى هيئات مختصة باتخاذ إجراءات بشأنها أو تقديمها إلى السلطة المختصة ، وكذلك من أبلغ الوشاية إلى رؤساء المبلغ ضده أو أصحاب العمل الذي يعمل لديهم. ….
فإذا قارنا بين المادتين من حيث الألفاظ والعبارت، نجدها تقريبا هي هي، وتفيد نفس الشيء :
فالإهانة: هي (التبليغ بشكل مباشر أو غير مباشر). والوشاية هي (التبليغ بأي وسيلة كانت) .. فما الفرق بينهما؟
وفي مادة الإهانة : (التبليغ عن وقوع جريمة يعلم بعدم حدوثها، أو تقديم أدلة زائفة متعلقة بجريمة خيالية)
يقابلها في الوشاية الكاذبة : (من أبلغ عن سوء نية وشاية كاذبة ضد شخص أو أكثر). وواضح أن التبليغ ضد شخص أو أكثر لا يعتبر جريمة إلا إذا كان بفعل يجرمه القانون، ويكون المبلغ عالما بعدم وقوعه كليا أو جزئيا. فهل هناك تبليغ يدخل في القانون الجنائي عن فعل لا يعتبر جريمة؟ وحتى في الوشاية الكاذبة يمكن تقديم أدلة زائفة . فما الفرق مرة أخرى ؟
ثم جاء في الفقرة الثانية من المادة 445 : «إذا كانت الوقائع المبلغ بها تستوجب عقوبة تأديبية .. » وهو ما أراه حشوا ليس فيه أي إضافة نوعية أو قانونية ؛ لأن الإبلاغ عن فعل أو عن وقائع لا تستوجب عقوبة تأديبية، لا يَـلتفت إليه القانون الجنائي، لأنه إما أن يكون فعلا مباحا أو غير مجرم، أو يتعلق بالقانون المدني، أو القانون بالتجاري أو الإداري أو غير ذلك من القوانين.. فالتبليغ الذي يدخل في الوشاية الكاذبة، لابد أن يكون بوقائع تستوجب عقوبة تأديبية.
إن وضع الشارع لهذه الفقرة مبتدئا إياها بإذا الشرطية، يفهم منه أن هناك وقائع أو أفعالا يمكن أن يُـبَـلغ عنها، ولكنها في حد ذاتها لا تستوجب عقوبة تأديبية.. ولقد أعياني البحث في القانون الجنائي عن فعل من هذا القبيل فلم أعثر عليه.
ومن ثم فإنه لا يبقى هناك فرق بين الوقائع التي تستوجب عقوبة تأديبية حسب المادة 445 ، وبين وقوع جريمة حسب المادة 264 ؟
الفرق الآخر بين المادتين، هو أن الإهانة يدخل فيها تبليغ الشخص عن نفسه بادعاء جريمة لم يرتكبها، وهذا أيضا يمكن إدراجه ضمن الوشاية الكاذبة الموجهة ضد أي شخص، بما فيه شخص الواشي نفسه، حيث نعتبر أنه جرد من نفسه شخصا ووشى به؛ إذ لا فرق من الناحية العملية، ومن حيث الإجراءات المسطرية، بين أن يكتب المبلغ اسمه في الوشاية المقدمة، وبين أن يكتب اسم شخص آخر معلوم معرف به وبمكان إقامته.
والفرق الأخير بينهما هو أن المشرع جعل الوشاية الكاذبة أعم من الإهانة لأن الوشاية الكاذبة قد تكون إلى رؤساء المبلغ ضده أو أصحاب العمل الذين يعمل لديهم؛ وفي هذه الحالة فهي لا تدخل في إطار الوشاية الكاذبة بمفهومها الجنائي؛ إلا إذا كان الفعل المقترف يعتبر من الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي. وفي هذه الحالة فإن هذا التبليغ يجب أن يتحول إلى شكاية توجه إلى السلطات القضائية؛ إذ ليس من حق الرئيس أو رب العمل أن يعاقب المجرم على جريمة تكون عقوبتها منصوصا عليه في القانون الجنائي، لأن هذا من اختصاص القضاء وحده.
أما إذا كانت الوقائع المبلغ عنها إلى رؤساء الفاعل أو أرباب عمله لاتعتبر من الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي، كالأخطاء المهنية مثلا، فهذه لا تدخل في مفهوم الوشاية الكاذبة حسب مفهومها في القانون الجنائي، لأن رب العمل قد يعاقب عليها عقوبة إدارية كخصم يوم أو أيام من الأجرة، أو تنقيل من مكان إلى مكان، أو تنزيل في الدرجة ، أو طرد نهائي، وهذا كله ينظمه قانون الشغل، وليس القانون الجنائي.
وبهذا يتضح أن الوشاية الكاذبة تتضمن كل الجرائم المنصوص عليها في إهانة القضاء، مع زيادة لا تضيف شيئا ، بل حشوا لا فائدة منه.
فالذي يبلغ السلطة القضائية عن جريمة مختلقة إذا سمينا ذلك التبليغ إهانة للقضاء، تكون عقوبته من شهر إلى سنة، وإذا سميناه وشاية كاذبة تكون عقوبته من ثلاثة أشهر إلى سنتين. حيث الفعل هو هو ، والمبلغ هو هو، والمبلغ إليه هو نفسه أيضا: وهي السلطة القضائية، والاختلاف في التسمية فقط.
مع العلم أنه لا يوجد في القانون الجنائي ما يفرق بين الجريمة المبلغ عنها كذبا والتي يمكن اعتبارها إهانة للقضاء، والجريمة المبلغ عنها كذبا أيضا والتي يمكن اعتبارها وشاية كاذبة .
وبهذا يتضح أن إهانة القضاء ، هي نفسها الوشاية الكاذبة. وأن تخصيص مادتين في القانون الجنائي لمعالجة نفس الجريمة بعقوبتين مختلفتين فيه نوع من الإرباك والخلط.
ولذلك فلتصحيح هذه الوضعية يجب حذف المادة 264 من المسودة . تداركا لخطإ معمر في القانون الجنائي منذ أكثر من نصف قرن.
كما يجب أن نفرق في تشريعنا الجنائي بين نوعين من الوشاية الكاذبة :
فالوشاية الكاذبة الصادرة عن حسن نية، وعن اعتقاد بوقوع الجريمة، أو توهم التحضير لها، دون نية الكذب، يعتبر إجراء لا يستوجب عقوبة . وهذا معمول به.
أما الوشاية الكاذبة التي تستوجب العقوبة، فهي التي تكون صادرة عن سوء نية بقصد الإضرار بالموشى به. وفي هذه الحالة لا مناص من مراجعة العقوبة المقررة للوشاية الكاذبة، لجعلها مناسبة لخطورة الوقائع أو الجرائم المختلقة أو المكذوبة المبلغ عنها، وذلك بمراعاة نوعية العقوبة التي كان من الممكن أن يعاقب بها المبلغ ضده، أو الموشى به، لو استطاع الواشي أن يضلل العدالة، ويحقق أهدافه الإجرامية من وشايته الكاذبة؛ فتكون عقوبة هذا النوع من الوشاية الكاذبة، هي نفس العقوبة المقررة للجريمة المبلَّـغ بها، حتى ولو صدر حكم ببراءة المبلغ ضده.. حيث لا يمكن أن نسوي بين وشاية كاذبة بجريمة جنائية ثقيلة تستوجب أحكاما قاسية، كالتبليغ عن شخص برئ واتهامه بأنه هو الذي أضرم النار في غابة أو سوق مثلا طبقا للمادة 218-17 (= الفصل 581 ق.ج)، وبين وشاية كاذبة بجريمة بسيطة كالذي يبلغ عن ظهور شخص في مكان محظور عليه بحكم قضائي (المادة 318)، أو يدعي عليه أنه غادر مكان الإقامة المجبر على عدم مغادرته، (المادة 319 المسودة ).
فهل يصح وضع الوشايتين الكاذبتين معا تحت سقف واحد من العقوبة .
وما قلناه عن الوشاية ، يقال مثله أو أكثر منه في الشكاية المفتراة أو الكيدية. لأن الشكاية الكيدية أو المفتراة، يدعي فيها المشتكي أنه تعرض لأضرار مادية أو جسدية أو نفسية أو غيرها. حيث تزداد شدة جريمة التبليغ بوقائع كاذبة بإدخال عنصر الضرر اللاحق بالمدعي بالباطل، وهو ما ليس في الوشاية الكاذبة ، حيث لا يكون المبلغ مدعيا لأي تضرر مباشر لحقه منها.
وما دمنا نستدل على رأينا بأمثلة توضيحية، فسوف أستشهد على خطورة الشكاية الكيدية بواقعة حقيقية عمت أخبارها كل أرجاء المغرب؛ حتى أصبحت تعرف بقضية أستاذ تارودانت، والتي مفادها أن شخصا تقدم إلى الدرك الملكي بشكاية يذكر فيها أنه قد توصل بمكالمة هاتفية مجهولة المصدر تخبره أن أخاه المتغيب منذ أكثر من خمس سنوات، محتجز بقبو في إحدى ضيعات شخص (فلان) يعتبر من أعيان المنطقة وأحد أقطابها السياسيين الكبار ورئيس جماعتها.
فما كان من الدرك الملكي إلا أن رافقه إلى الضيعة المذكورة، وداهمها، فوجد الرجل محتجزا فعلا في قبو، وهو في وضعية مزرية، مكبل اليدين بالسلاسل، وعليه علامات الإرهاق والضنى، فخلصوه من محجزه ونقلوه على الفور إلى المستشفى لتلقي العلاجات الاولية والعناية اللازمة.
وهي واقعة تفاعل معها المغاربة بشكل كبير؛ وتناولتها كل وسائل الإعلام ، وواكبتها ساعة بساعة؛ حيث نشرت صور ذلك الشخص المسن، الذي يبدو عليه أنه تجاوز الخمسين من عمره، وهو قابع في ذلك القبو بلحية كثة طويلة مهملة، يبدو أنها لم تحلق لمدة طويلة جدا، ولون شاحب، وعيون دامعة، وجسم نحيل، مما شكَّـل ضغطا معنويا وإعلاميا هائلا على المسؤولين، وخلف ردة فعل مستنكرة من طرف المجتمع المدني الذي تعاطف بشكل كبير مع ذلك الرجل المحتجز.
فلما ألقي القبض على صاحب الضيعة وقدم إلى قاضي التحقيق، أمر بوضعه هو وثلاثة آخرين من عمال الضيعة رهن الاعتقال الاحتياطي ..
ثم انتهى التحقيق بإصدار قرار بعدم متابعة المشتكى به .. وهو القرار الذي ألغته غرفة المشورة.
ما بعد هذا لا يهمنا، وسوف نتعامل مع ما بعد هذا القسم من النازلة على سبيل الافتراض فقط، باعتبار أن الشاهد عندنا هو صدور قرارين قضائيين مختلفين في هذه القضية ،ولذلك فكل ما سيرد لاحقا، لا علاقة له بمآل النازلة ولا بما صدر أو سيصدر فيها من أحكام .
ذلك أن المعمول به في دراسة أي نازلة هو استحضار كونها تحتمل الإدانة كما تحتمل البراءة، وعلى الدارس أن يستخلص النتائج من الحالتين معا.
ولدينا في هذه النازلة الحالتان معا: قرار قاضي التحقيق، الذي يستفاد منه أن الوقائع المذكورة في الشكاية غير ثابتة ثبوتا قانونيا، مما يقتضي إصدار قرار بعدم المتابعة، ولو لفائدة الشك . وقرار غرفة المشورة التي لم تقتنع بقرار قاضي التحقيق، واعتبرت أن الوقائع الواردة في الشكاية يرجح أن تكون صحيحة، فألغت ذلك القرار.
ومن ثم فأي الموقفين اعتمدناه أو افترضناه، يكون صالحا، لأنه مؤسس على قرار قضائي صادر في النازلة.
وسنفترض أن الشكاية أحيلت على الغرفة الجنائية؛ وأنها هي الأخرى اقتنعت بصحة الوقائع، وحكمت على المتهم بالمنسوب له ، فلا شك أن حكمها قد يصل إلى عشرين سنة سجنا، بحسب ما تنص عليه الفقرة الثانية من الفصل 436 من القانون الجنائي المعمول به ساعتئذ ، والتي تنص على أنه : «إذا استغرقت مدة الحبس أو الحجز 30 يوما أو أكثر كانت العقوبة بالسجن من 10 سنوات إلى 20 سنة ».
ونظرا لطول مدة الحجز التي تعرض لها الرجل، والتي لا تعد بالأيام أو الشهور، بل بالسنوات،
ونظرا لخطورة الوضع الذي كان عليه محتجزا في قبو، قد يتعرض فيه إلى لسعة عقرب أو لدغة أفعى، مما يجعل حياته حياته للخطر،
ونظرا للتعذيب الذي تعرض له أثناء الاحتجاز بتكبيله بالسلاسل ..
فإن العقوبة لا مناص أن تكون في أشدها؛ حيث ليس فيها أي ظرف للتخفيف.
بالإضافة إلى الحكم المدني لفائدة الرجل المحتجز بالتعويض عن تلك المدة الطويلة من الحجز، وانقطاعه عن عمله، والأضرار الجسدية والنفسية التي لحقت به وبأسرته إلى غير ذلك، وهو ما قد يكلف صاحب الضيعة أموالا طائلة في التعويض، قد تذهب بكل ممتلكاته للإيفاء بها.
إذن نحن نفترض هذا، ونفترض أن صاحب الضيعة المشتكى به أدين بعقوبة شديدة قاسية، وأودع السجن .. وأنه قـضَّى فيه ما شاء الله له أن يُـقَـضِّـيَـه ؛ ثم حدث ما لم يكن في الحسبان، ويتبين أن القرار الذي كان قد اتخذه قاضي التحقيق بعدم المتابعة كان في محله. حيث ظهرت بعض الأدلة على أن ذلك الشخص لم يكن محتجزا في ضيعة رئيس الجماعة، وإنما كان مختبئا في مكان ما، لسبب من الأسباب ؛ نفترض أنه كان فارا من متابعات قضائية كانت تهدده أو تلاحقه، وهو فعلا ما تكشفت عنها التحريات ونشرته وسائل الإعلام، وكان مفتاحها ظهور شيك محرر بخط يد ذلك الشخص بمبلغ كبير ظل بدون مؤونة، وظهور أشخاص أفادوا بأنه نصب عليهم في عقار .. كل هذا طبعا حسب ما نشرته وسائل الإعلام.
وهكذا انقلبت الأوضاع، واتضح أن تلك الوقائع المذكورة في الشكاية مفتراة ، وأن المسألة لا تعدو أن تكون مكيدة حُـبِـكت بإتقان؛ دبرها الرجل بمساعدة أخيه؛ الذي عمد إلى إدخاله سرا إلى الضيعة، وقيده في قبو داخلها بسلاسل حديدية، في غفلة من صاحب الضيعة، وأهمله يومين أو ثلاثة أيام، ثم بلغ عنه مدعيا أنه توصل بمكالمة مجهولة المصدر تدله على مكان أخيه، وأن الخدعة انطلت على غرفة المشورة وعلى الغرفة الجنائية، لافتقار صاحب الضيعة إلى الأدلة التي تثبت براءته.
فلما صدر الحكم ببراءته بعد عدة سنوات، قـضَّاها في السجن، ضاعت خلالها مكانته السياسية ، ومنصبه، وثروته التي سددت بها التعويضات لفائدة الشخص المحتجز .. قدم شكاية بذلك الشخص بما يسمى في المسودة بالوشاية الكاذبة ..
فهل هذه الجريمة تستحق عقوبة سنتين فقط، كحد أقصى لعقوبة الوشاية الكاذبة، حسب المادة 445 من المسودة؟
ولذلك، فإن التنقيص من عقوبة الوشاية الكاذبة أو الشكاية الكيدية، وتحويل حدها الأقصى من خمس سنوات في القانون الجنائي الحالي إلى سنتين في المسودة، ليس له ما يبرره إطلاقا؛ ولا يستطيع أحد أن يدافع عنه ، إذ ليس من شأنه أن يقلل نسبة الجرائم من هذا النوع ، بل بالعكس فهو يشجع عليها؛ خاصة مع استحضار العقوبات البديلة، مما يفتح للمفترين أبوابا واسعة للخروج من جرائمهم القاتلة بأخف الأضرار ، حتى مقارنة بتلك التي ألحقوها بضحاياهم . بل إن عقوبتهم يمكن أن تتحول بكاملها إلى مبالغ مالية قد لا تمثل أدنى شيء بالنسبة لمجرم من العيار الثقيل، أو مجرم فاحش الثراء، أو ذي دخل يومي يتجاوز بعدة أضعاف مبلغ الغرامة اليومية التي قد تتحول إليها عقوبته الحبسية، ولو كانت في حدها الأقصى..
كما لا يمكن أن نتذرع بأن الضحية له حق المطالبة بالتعويض عن الأضرار في دعوى مدنية، فالمغربي أكثر الناس ترفعا عن المطالبة عما لحقه من أضرار في كرامته، ومن جروح غائرة في نفسيته؛ بل أي تعويض، مهما بلغت قيمته، لا يمكن أن يعوضه عن شخص يكون قد فقده جراء الوقع الشديد لذلك الباطل الماحق الذي صُـبَّ عليه صبا، فقصم ظهره وحول حياته إلى جحيم، وحول بيته العامر إلى خربة مهجورة ، وأفقده منزلته بين معارفه وذويه.. هذه الأضرار لا يمكن أبدا التعويض عنها بمال مهما بلغت قيمته،
ونحن في المغرب لا يمكن ان نغيب هذه الحقائق من تشريعاتنا؛ فالعرف بعض مصادر التشريع كما هو معلوم.
ولذلك فإذا كنا قد اقتبسنا هذا الفصل الجنائي من القانون الفرنسي منذ أزيد من نصف قرن، فكيف نقتصر في الاقتباس على التعريف والوصف الجرمي، ثم نتحول عن ذلك الاقتباس في الشق المتعلق بالعقوبة .
لقد جاء في الفصل المتعلق بالوشاية الكاذبة في التعديل الأخير للقانون الجنائي الفرنسي :
Article 226-10
Version consolidée du code au 15 novembre 2014.
La dénonciation, effectuée par tout moyen et dirigée contre une personne déterminée, d’un fait qui est de nature à entraîner des sanctions judiciaires, administratives ou disciplinaires et que l’on sait totalement ou partiellement inexact, lorsqu’elle est adressée soit à un officier de justice ou de police administrative ou judiciaire, soit à une autorité ayant le pouvoir d’y donner suite ou de saisir l’autorité compétente, soit aux supérieurs hiérarchiques ou à l’employeur de la personne dénoncée, est punie de cinq ans d’emprisonnement et de 45 000 euros d’amende. La fausseté du fait dénoncé résulte nécessairement de la décision, devenue définitive, d’acquittement, de relaxe ou de non-lieu, déclarant que le fait n’a pas été commis ou que celui-ci n’est pas imputable à la personne dénoncée. En tout autre cas, le tribunal saisi des poursuites contre le dénonciateur apprécie la pertinence des accusations portées par celui-ci.
فهل نحن أرأف بمجرمينا من فرنسا بمجرميها ؟
أم أننا أكثر حفاظا على حقوق الإنسان منها ؟
أم أن جرائم المغاربة في الوشاية الكاذبة أو الشكاية الكيدية أخف من جرائم الفرنسيين فيها؟
إننا إذا أردنا أن نتفوق فعلا على القانون الفرنسي، أو عن أي قانون آخر في العالم، يجب عن نحافظ على مبدإ التناسب بين الجريمة وعقوبتها، وهذا لن يتأتى في الوشاية الكاذبة، أو في الشكاية الكيدية؛ إلا إذا ربطنا عقوبتهما بالحد الأقصى لعقوبة الجريمة المختلقة المبـلَّـغ عنها
وهذا هو ما نقترحه لهذه المادة بعد تقسيمها إلى أكثر من مادة واحدة، نفرق فيها بين الوشاية الكاذبة، والشكاية الكيدية، باعتبار ادعاء الضرر أو عدم ادعائه، ومدى خطورة الجريمة المبلغ عنها، كذبا وافتراء، عن قصد وسوء نية.
اعداد الدكتور محمد ناجي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق