حماية الأجراء في مساطر صعوبات المقاولة
حيث تم إصدار مجموعة من القوانين تضمن تحقيق هذه الأهداف، ومن بين هذه القوانين نظام صعوبات المقاولة الصادر بمقتضى القانون رقم 15.95 الذي حل محل نظام الإفلاس الذي كان يغلب عليه الطابع التصفوي والعقابي دون مراعاة لأية اعتبارات اقتصادية أو اجتماعية. فخلافا لنظام الإفلاس الذي كان همه هو تصفية أموال المدين أتى المشرع بمجموعة من التدابير الوقائية والعلاجية التي تهدف إلى تذليل مختلف الصعوبات التي تعترض المقاولة وبالتالي إلى حماية النشاط الاقتصادي وضمان الاستقرار الاجتماعي في آن واحد بعد أن أضحى الارتباط الحاصل بينهما أكتر وضوحا وأصبحت آثار الصعوبات تتجاوز بكثير إطار المقاولات التي تعرف صعوبات وتمتد إلى مجالات اقتصادية واجتماعية أخرى، ذلك أن ملاحظة وتتبع انهيار المقاولات كفيلة باستنتاج القواعد التي تنظم وتؤطر ليس فقط المقاولات السليمة والتي مازالت تتابع نشاطها ولكن كذلك كل الفاعلين الاقتصاديين من دولة ومؤسسات مالية ومستثمرين وطنيين وأجانب وهذا من خلال الآثار الاجتماعية والعواقب الاقتصادية التي تترتب عنها.
فما يلاحظ على نظام صعوبات المقاولة هو محاولة التوفيق بين مجموعة من المصالح الجديرة بالحماية ومن بين هذه المصالح بطبيعة الحال وضعية الأجراء التي عرفت من حيث المبدأ تحسنا ملحوظا في التشريع المغربي ، سواء في إطار مدونة الشغل التي أصبحت تعطي للأجراء امتياز الرتبة الأولى خروجا عن الترتيب المقرر في الفصل 1248 ق ل ع ، أو في إطار نظام صعوبات المقاولة الذي خص العمال بمجموعة من الامتيازات من بينها الإعفاء من قاعدة التصريح بالديون المنصوص عليها في المواد من 686 إلى 690 من مدونة التجارة وهو ما قد يفيد إمكانية المطالبة بديونهم مباشرة من رئيس المقاولة المدين أو من السنديك إن كان هو المسير دون أن يكونوا معنيين بقاعدة وقف المتابعات الفردية.
لذلك فإن الإشكالية التي تثار في هذا الصدد تتمحور حول مدى فعالية الضمانات القانونية في حماية مصالح الأجراء ، وهو ما سوف نتطرق له من خلال إبراز آليات حماية عقود العمل في مساطر صعوبات المقاولة ( المبحث الأول ) قبل أن نتطرق إلى تقييم مختلف الضمانات التي وضعها المشرع لحماية ديون الأجراء في نظام المساطر الجماعيـة ( المبحث الثاني ) .
المبحث الأول : الحماية القانونية لعقد العمل في مساطر صعوبات المقاولة
إن حماية عقد العمل في نظام صعوبات المقاولة تتجلى من خلال تكريس مبدأ استمرار عقود العمل بشروطها الأصلية كقاعدة ( الفقرة الأولى ) مع إضفاء نوع من المرونة على هذه القاعدة بما ينسجم مع فلسفة التسوية والإنقاذ وهو ما يتجلى من خلال مختلف الآليات التشريعية التي تنظم عملية تعديل عقد العمل أو إنهائه لأسباب اقتصادية في إطار مساطر صعوبات المقاولة ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : استمرار عقود العمل في مساطر صعوبات المقاولة
يعتبر عقد العمل من أهم العقود التي تهتم بها مختلف التشريعات الوطنية والدولية لأهميته الاقتصادية والاجتماعية سواء بالنسبة للمقاولة أو بالنسبة للأجراء، ويقصد به ذلك الاتفاق الذي يلتزم بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يشتغل في خدمة المتعاقد الآخر، تحت إدارته وإشرافه ومراقبته، نظير أجر يتعهد به المتعاقد الآخر أيا كانت صورته وطريقة أدائه.
ومن خلال استقراء مختلف المواد التي يتضمنها قانون صعوبات المقاولة نجد أن هناك اتجاها واضحا من طرف المشرع المغربي يصب في اتجاه حماية المصلحة الاجتماعية للأجراء بالموازاة مع حماية المقاولة ، وانطلاقا من ذلك يمكن الجزم بأن أهداف نظام صعوبات المقاولة تتجلى في تحقيق ثلاث غايات أساسية:
ا-المحافظة على مناصب الشغل sauvegarde de l’emploi
ب- تأمين استمرار نشاط المقاولة la périnité de l’entreprise ج- تصفية الديون purement du passif
وهو نفس الأمر الذي سار على منواله القضاء المغربي، حينما اعتبر أن غاية مسطرة صعوبة المقاولة هي حماية المؤسسة في المقام الأول وتدليل ما قد يعترضها من صعوبات، ومن ثم وبشكل غير مباشر حماية الدائنين وحماية مناصب الشغل، سواء خلال مراحل الوقاية أو خلال فترة الملاحظة أو عند حصر مخطط الاستمرارية أو التفويت...وهناك مجموعة من النصوص التي تؤكد استمرارية عقود الشغل من الناحية المبدئية – رغم غموضها في بعض الأحيان – في إطار نظام صعوبات المقاولة نذكر من بينها :
-المادة 571 م ت التي تنص على ما يلي : " يتابع نشاط المقاولة بعد إصدار حكم التسوية القضائية ..." وهذا يعني استمرار تنفيذ عقود الشغل خلال هذه المرحلة .
- المادة 573 م ت التي تنص على أنه : " ... لا يمكن أن يترتب على مجرد التسوية القضائية تجزئة أو إلغاء أو فسخ العقد على الرغم من أي مقتضى قانوني أو شرط تعاقدي " .
- المادة 605 م ت التي تنص على أنه : " تختار المحكمة العرض المتعلق بالمجموعة المفوتة والذي يضمن أطول مدة لاستقرار التشغيل وأداء مستحقات الدائنين " ...
ويجد هذا المبدأ مبرراته في أن عقد العمل يعد من العقود الضرورية للمقاولة وهو يعد أيضا من بين العقود الجارية لكونه ينتج آثاره مدة من الزمن التي قد تصل إلى ما بعد فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة ، كما يجد هذا المبدأ تبريره أيضا في الخصوصية التي تتسم بها الرابطة الشغلية وضرورة حماية السلم الاجتماعي للأجراء بالموازاة مع حماية السلم الاقتصادي للمقاولة ، وانسجاما مع هذه الأهداف فقد وضع المشرع الفرنسي مجموعة من الآليات الرامية إلى ضمان الحفاظ على مناصب الشغل بالمقاولة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية وذلك من خلال سياسة الشفافية والحوار الاجتماعي واستثناء عقود العمل من نطاق الخيار الممنوح للمتصرف في مواصلة أو عدم مواصلة العقود الجارية، وهو الأمر الذي يضمن استمرار عقود العمل بنفس شروطها الأصلية ما لم تفرض ظروف متابعة النشاط على رئيس المقاولة أو السنديك أو هما معا إدخال بعض التعديلات عليها أما بخصوص موقف المشرع المغربي فرغم المبادئ المشار إليها سابقا فإنه لازال يغلب عليه عدم الوضوح على مستوى مصير عقود العمل في إطار المساطر الجماعية ، وإن كنا نعتقد بوجوب استمرارها سواء مع المشغل الأصلي أو مع
المشغل الجديد في حالة تفويت المقاولة وذلك استنادا إلى روح وأهداف مساطر المعالجة المتمثلة في حماية المقاولة والحفاظ على التشغيل وتصفية الديون .
الفقرة الثانية : إمكانية المساس بعقود العمل في حدود إنقاذ المقاولة :
إذا كان المبدأ هو استمرار عقود العمل كلما كانت وضعية المقاولة تسمح بذلك ، فإنه استثناء ولاعتبارات تتعلق بتأمين استمرار النشاط ، يمكن إدخال بعض التعديلات على بنود عقود العمل ، كما يمكن لرئيس المقاولة أو السنديك – حسب الأحوال – القيام بفصل بعض الاجراء لأسباب اقتصادية ، وهذا الاستثناء تفرضه الضرورة الاقتصادية الملحة وما يستلزمه إنقاذ المقاولة من تدابير تخرجها من الصعوبات التي تتخبط فيها :
أولا : حدود إعمال مصلحة الأجراء عند تعديل عقد العمل :
خلافا للقاعدة العامة التي تقضي بأن " العقد شريعة المتعاقدين "، وأنه لا يجوز لأحد المتعاقدين الانفراد بنقض العقد أو تعديله دون رضاء الطرف الآخر،
فإنه استثناء يمكن للسنديك أو المدين حسب الأحوال تعديل شروط عقد العمل في الحدود التي تقتضيها ضرورات انقاد المقاولة ومواجهة الصعوبات التي تعترضها ، غير أن الأمر ليس بهذه السهولة ، لأن استمرار علاقات العمل واستقرارها رهين بقبول الطرف الآخر للتعديل ، وبالتالي فإن رفضه يثير مشكلة المسؤولية عن إنهاءالعلاقات العقدية وخاصة متى انفرد المؤاجر بهذا التعديل وحاول فرضه على الأجير.
لحل هذه الإشكالية يتعين إيجاد أساس لتبرير هذا التعديل والذي يترتب عليه حتما المساس بحق العامل ، حيث عمد القضاء إلى التمييز بحسب ما إذا كان التعديل يتعلق بعنصر جوهري أو بعنصر غير جوهري في عقد العمل ، معتبرا بأن التعديل الجوهري يتوقف على موافقة الأجير ، وفي حالة ما إذا قام المشغل أو السنديك بتعديل عقد العمل دون الحصول على موافقة الأجير ، كان لهذا الأخير الحق في طلب إنهاء عقده دون أن يكون ملزما بإخطار المشغل –أو السنديك – قبل هذا الإنهاء ، لأن المشغل –أو السنديك – هو الذي تسبب في هذا الإنهاء حيث يكون مطالبا بتمكين الأجير بالتعويض عن الفصل والتعويض عن أجل الإخطار واحتمالا التعويض عن الضرر ، وهو نفس الموقف الذي سارت على منواله محكمة النقض الفرنسية في أحد القرارات الصادرة عنها والذي جاء فيه أنه " يحق للأجير رفض متابعة العمل وفقا للشروط الجديدة دون أن يؤدي ذلك إلى اعتبار أن الإنهاء كان من جانبه " .
ثانيا : حدود إعمال مصلحة الأجراء عند إنهاء عقود العمل :
إذا كانت الضرورات الاقتصادية تفرض على المشغلين تسريح بعض الأجراء ، فإن الضرورات الاجتماعية تستوجب في المقابل كفالة الاستقرار القانوني لعلاقات الشغل وذلك من خلال تهيئة الوسائل التي تسمح بتجنب الفصل أو التضييق منه ، ووضع مجموعة من الضوابط التي تصون مصلحة الأجراء عند إنهاء عقود العمل لأسباب اقتصادية في إطار نظام صعوبات المقاولة ، حيث يمكن لرئيس المقاولة أو السنديك القيام بفصل بعض الأجراء والتضحية ببعض عقود العمل لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تتعرض لها المقاولة ومحاولة تذليل مختلف الصعوبات التي تعترضها ، غير أن سلطة رئيس المقاولة أو السنديك في هذا السياق لا يمكن إعمالها إلا بالقدر الذي ينسجم مع متطلبات استمرارية النشاط الاقتصادي ، وفي هذا الصدد يطرح التساؤل حول مدى نجاح الآليات القانونية في ضمان الحماية اللازمة للأجراء عند اتخاذ المشغل أو السنديك المبادرة لإنهاء بعض عقود العمل خلال مساطر صعوبات المقاولة ؟
برجوعنا إلى القانون الفرنسي نجد أن عملية تسريح العمال تخضع لمسطرة خاصة حددها الفصل 45 من نفس القانون المذكور والذي ينص على عدم إمكانية الترخيص بتسريح العمال من طرف القاضي المنتدب إلا إذا اكتسى هذا التسريح صبغة مستعجلة وضرورية.
أما بخصوص التشريع المغربي، فإنه لم يتطرق بتفصيل لعقود الشغل الجارية رغم أهميتها وحيويتها الاجتماعية، وإنما نهج سياسة التعتيم وترجيح سلطة السنديك للاستبداد بالإعفاء ، ويترتب على هذا التعامل التشريعي نتيجتان في غاية الخطورة :
النتيجة الأولى : إن السنديك كجهاز يجمع بين سلطات تمثيلية متناقضة يتمتع بصلاحية مطلقة في النظام العام لإنهاء بعض عقود الشغل، وهذه سلطة لا يمكن أن تحد منها رقابة
القاضي المنتدب بصفته الجهاز الساهر على حماية المصالح المتواجدة خلال أطوار المسطرة...
النتيجة الثانية : إنه حتى في الحالة التي يطرق فيها الأجراء الذين تم إنهاء عقود عملهم من طرف السنديك، باب القضاء الاجتماعي للمطالبة بالتعويض عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل، فإن التعويضات التي يمكن أن تقضي بها المحكمة الاجتماعية تقع تحت طائل مقتضيات الفقرة الثالثة من المادة 573، وقد تدرج في قائمة الخصوم. ويترتب على إدراج مبلغ هذه التعويضات في قائمة الخصوم ما يلي:
1. انتظار الأجراء صدور، أحكام نهائية تقضي بالتعويض للتصريح بديونهم في قائمة الخصوم.
2. إن هذه التعويضات غير مشمولة بأي امتياز.
3. خضوع الدائنين بالتعويضات لآجال الجدولة في إطار مدة مخطط الاستمرارية الذي يمكن أن يستغرق عشر سنوات(1)ذ محمد منعزل ، ن م س ، ص : 152-153 .
ولعل هذه الآثار هي التي جعلت بعض الفقه ينادي باستثناء عقد الشغل من نطاق تطبيق قاعدة العقود الجارية، لطبيعته الاقتصادية والاجتماعية الخاصة، معتبرا أن عقد العمل يخضع لنظام خاص يختلف عن ذلك المطبق على غيره من العقود الأخرى التي تكون مبرمة مع المقاولة المفتوحة ضدها مسطرة المعالجة، وهو نفس الموقف الذي سار على منواله الدكتور عبد الحق بوكبيش معتبرا أن سكوت المشرع المغربي عن استثناء عقد العمل من نطاق المادة 573 م ت هو مجرد سهو وأن استمرار نشاط المقاولة بقوة القانون يستتبع بالنتيجة استمرار عقود العمل بقوة القانون، معتبرا أن هذا الحل هو الذي ينسجم مع روح وأهداف مسطرة التسوية القضائية وخصوصية عقد العمل.
وخلاف لهذا الرأي الذي يجعل عقد الشغل مستثنى من نطاق المادة 573 م ت بعلة أن الأجر له طابع اجتماعي واقتصادي وأن عقد العمل يخضع دائما لنظام خاص مختلف عن باقي العقود المبرمة مع المقاولة، فإن جانبا من الفقه يرى أن عمومية المادة 573 م ت تسري على عقود الشغل، لكن ليس بدون قيد أو شرط، بل يجب على السنديك أن يراعي عند تطبيق هذه المادة، مقتضيات قانون الشغل ليس تعاطفا مع العمال فقط، بل أيضا استنادا إلى المبادئ العامة التي تقضي بالرجوع إلى القواعد الخاصة عند الاقتضاء، ومعنى ذلك أنه في حالة قيام السنديك بإنهاء بعض عقود العمل، فإن الفصل في هذه الحالة يعتبر فصلا لأسباب اقتصادية، وهو ما يقتضي إتباع الإجراءات المسطرية المنصوص عليها في مدونة الشغل ، والمقصود بذلك القواعد التي توجب على المشغل الذي يعتزم فصل الأجراء كلا أو جزءا لأسباب اقتصادية أن يبلغ ذلك لمندوبي الأجراء و الممثلين النقابيين بالمقاولة عند وجودهم قبل شهر واحد على الأقل من تاريخ الشروع في مسطرة الفصل وأن
يزودهم في نفس الوقت بالمعلومات الضرورية التي لها علاقة بالموضوع، كما يتوقف فصل هؤلاء الأجراء العاملين في المقاولات على إذن يجب أن يسلمه عامل العمالة أوالإقليم في أجل أقصاه شهران من تاريخ تقديم الطلب، وإضافة إلى المقتضيات السابقة يجب على السنديك قبل مباشرته للفصل المأذون به مراعاة العناصر الواردة بالمادة 71 من مدونة الشغل بالنسبة إلى كل مؤسسة في المقاولة والمتمثلة في الأقدمية والقيمة المهنية والأعباء العائلية، كما يتمتع الأجراء المفصولون بحق الأولوية في إعادة تشغليهم إذا تم تجاوز تلك الصعوبات الاقتصادية . ورغم وجاهة هذا الموقف الفقهي من حيث الأساس القانوني والأخذ بعين الاعتبار لمصالح الأجراء إلا أنه قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى نتائج متناقضة خاصة في الحالة التي يتعارض فيها الترخيص القضائي بتسريح العمال مع الترخيص الإداري بهذا التسريح ، لذلك فإننا نعتقد على غرار ما سار عليه الدكتور محمد لفروجي ، أن التسريح الذي يمكن أن يقع في هذه الحالة لا يتوقف على الرخصة التي تصدرها السلطات الإدارية المتمثلة في العامل لأن هذا التسريح يعتبر جزءا من مسطرة قضائية تخضع في جل إجراءاتها للقرارات المتخذة من طرف المحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة ومن طرف كل من القاضي المنتدب والسنديك ، مما يقتضي أن لا تتدخل في ذلك السلطات الإدارية التي تمنح الترخيص بالتسريح لأسباب اقتصادية في الحالات الأخرى التي لا تتعلق بالتسوية أو التصفية القضائية .
المبحث الثاني : الحماية القانونية لديون الأجراء في نظام صعوبات المقاولة
سوف نتطرق إلى توضيح موقف المشرع الفرنسي أولا ( الفقرة الأولى ) ثم إلى موقف المشرع المغربي ثانيا ( الفقرة الثانية ) .
الفقرة الأولى : وضعيــة ديــون الأجـــراء فــي التشــريــع الفــرنســـي :
لقد أولى المشرع الفرنسي اهتماما خاصا لوضعية الأجير ضمن مؤسسة معالجة صعوبات المقاولة، وذلك لتفعيل حق الشغل على مستوى الواقع وإيجاد توازن موضوعي بين القانون التجاري والقانون الاجتماعي ، ومن بين هذه الجوانب التي تكفل حماية ديون الأجراء في التشريع الفرنسي، أن هذه الأخيرة تحظى بامتياز عام على المنقولات والعقارات. ومن جهة أخرى تحظى بامتياز خاص أو بامتياز الامتياز super privilège،
والذي يضمن لكل الأجراء الحق في الأداء الفوري لديونهم . فتأسيسا على الطابع المعيشي والاجتماعي للأجور فإنها تحظى في التشريع الفرنسي بامتياز عام، يرد على كافة المنقولات والعقارات المملوكة للمدين، تطبيقا لمقتضيات الفصل7-143 L من قانون الشغل، غير أن هذا الامتياز الذي تعرض له المشرع الفرنسي لم يكن يقدم حماية كافية لمصالح الأجراء، لأنه يأتي في المرتبة الرابعة وذلك بعد المصاريف القضائية، ومصاريف الجنازة والمرض، ويصبح مسبوقا بامتياز الخزينة والامتيازات الأخرى في حالة وجودها. ولتجاوز تلك الثغرات التي تحد من حماية ديون الأجراء تدخل المشرع الفرنسي لإضفاء حماية أكثر عليها، حيث أصبحت تحظى بامتياز خاص أو بامتياز الامتياز والذي يضمن للأجراء الحق في الأداء الفوري لديونهم السابقة، عن حكم فتح المسطرة ويغطي أداء الأجور المستحقة عن ستين يوم عمل الأخيرة من الشغل داخل المقاولة، حيث يتم هذا الأداء خلال عشرة الأيام التي تلي صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة ضد المقاولة المشغلة.
وتتجلى أهمية هذا الامتياز الخاص في إعطاء الأسبقية لديون الأجراء عن طريق أدائها في أقرب وقت ممكن قبل أي دين آخر في حالة فتح مسطرة التسوية القضائية، كما أنه يغطي نفس الديون التي يضمنها الامتياز العام، وهو محدد كذلك من حيث الزمان، ويرد على العقار والمنقول على حد سواء وذلك بخلاف ما هو عليه الحال في الامتياز العام الذي لا يرد على العقار إلا استثناء .
وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن ديون الأجراء تحظى بحماية خاصة وذلك استناد إلى طابعها المعيشي، حيث لا تخضع لمبدأ الآجال والتخفيضات، كما أنها لا تخضع لقاعدة التصريح بالديون أو تحقيقها، ولا تسري عليها قاعدة وقف المتابعات الفردية حيث يمكنهم المطالبة بالأداء الفوري لديونهم وبالأولوية على باقي الديون الأخرى الممتازة أو المضمونة بامتيازات غير الرهن الحيازي، دون أن يكونوا معنيين بقاعدة المنع من أداء الديون السابقة، وهو ما قد يؤثر سلبا على الدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح المسطرة.
كما أن المشرع الفرنسي استثنى بمقتضى المادة 40 من قانون 1985 الديون المضمونة بامتياز قانون الشغل، وجعلها مقدمة على غيرها من الديون، بما في ذلك الديون المترتبة على المقاولة أثناء فقرة الملاحظة وإعداد الحل وكذلك في مرحلة التصفية القضائية حيث تحظى بالأولوية في الأداء على تلك المشار إليها في المادة السابقة. ومعنى ذلك أن دائني المادة 40 يتفوق عليهم الأجراء الذين متعهم المشرع الفرنسي بامتياز ممتاز، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 40 من التشريع الفرنسي لسنة 1985على مايلـي :
" 1- تؤدى الديون الناشئة بصفة قانونية بعد حكم فتح المسطرة في تاريخ استحقاقها عند متابعة النشاط، وفي حالة التفويت الكلي بالأسبقية على كل الديون الأخرى، سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو ضمانات، باستثناء الديون المضمونة بالامتياز المنصوص عليه في الفصول L 143-10 و L 143-11 و L 742-6 و L 15-751 من قانون الشغل...".
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 40 بعد التعديل الذي أدخل عليها بمقتضى القانون 495-94 ل 10 يونيو 1994 على ما يـلـي :
" في حالة التصفية القضائية، تؤدى الديون – أي ديون المادة 40- بالأسبقيـة على كل الديون الأخرى، باستثناء الديون المضمونة بالامتياز المنصوص عليه في الفصول L 10-143 L 571-15 , L 742-6 , L 143 -11, من قانون الشغل، والمصاريف القضائية والديون المضمونة بضمانات عقارية خاصة أو مقرونة بحق الحبس أو المضمونة بضمانات تم تأسيسها طبقا للقانون رقم 59/51الصادر بتاريخ 18 يناير 1951 والمتعلق برهن أدوات ومعدات التجهيز ".
فمن خلال دراسة المادة 40 من القانون الفرنسي قبل وبعد تعديل 10 يونيو 1994، نتوصل إلى النتائج التالية :
1- أن الديون الناتجة بعد فتح مسطرة التسوية القضائية تؤدى بالأسبقية على كافة الديون الأخرى مع استثناء ديون الأجراء المنصوص عليها في الفصول L 143 -10 -751-15 , L 742-6 , L 143 -11, من قانون الشغل(22).
2- في حالة التصفية القضائية تؤدى أيضا ديون المادة 40 بالأسبقية على باقي الديون الأخرى، لكن الملاحظ أن المشرع الفرنسي أضاف إلى الاستثناء المتعلق بديون الأجراء المشار إليه سابقا استثناء آخر يتعلق بالديون الناتجة عن المصاريف القضائية والديون المضمونة بضمانات عقارية أو بضمانات منقولة مقرونة بحق الحبس والتي تملك هي الأخرى الأفضلية على دائني المادة 40.
وعليه، فإن ديون الأجراء تحظى بالأولوية في الأداء قبل دائني المادة 40. إذ بوأها المشرع الفرنسي الدرجة الأولى ضمن الديون الواجبة الأداء وهو ما يعكس لنا مدى الحرص الكبير الذي يوليه القانون الفرنسي لوضعية الأجراء في نطاق المساطر الجماعية .
ولم يقف المشرع الفرنسي عند حدود الامتياز السالف الذكر، وإنما وضع مجموعة من الضمانات القانونية والمؤسساتية التي تكفل استيفاء الديون المشمولة بذلك الامتياز.
ولعل أهم هذه الضمانات يكمن في ضمان أداء جميع المبالغ المستحقة للأجراء يوم افتتاح المسطرة من طرف جمعية تدبير نظام التأمين على ديون الأجراء :
" Association pour la gestion du régime d’assurance de créances des salaires"
ونظرا لأهمية هذا الضمان في الوفاء بديون الأجراء عند عدم تغطية أموال المقاولة لهذه الديون فقد مدده المشرع الفرنسي ليشمل جميع المبالغ المستحقة للأجراء بما في ذلك التعويضات والفوائد المحتملة والديون الناتجة عن توقف عقد الشغل أو إنهائه، وهكذا أصبح للمتصرف القضائي الحق في أن يطالب هذا الجهاز بالمبالغ اللازمة لأداء الديون الخاضعة للامتياز الممتاز في حالة عدم كفاية أموال المدين الخاضع لمساطر المعالجة للوفاء بتلك الديون، وهذا يعتبر مكسبا حمائيا بمقتضاه يتم ضمان أداء المبالغ المستحقة يوم افتتاح المسطرة نظرا لطبيعتها الإنسانية والمعيشية.
والخلاصة التي نتوصل إليها هي أن الأجير في التشريع الفرنسي يوجد في وضعية مريحة وأكثر حماية تنافس جميع الدائنين بما في ذلك دائني المادة 40 المشار إليها سابقا، وهو ما يؤثر بصفة فعلية على مركز الدائن اللاحق ، وإذا كان هذا الوضع هو الوضع في القانون الفرنسي، فما هو الوضع في القانون المغربي ؟ وإلى أي حد استطاعت مبادئ نظام صعوبات المقاولة أن تكفل حماية ناجعة لديون الأجراء ؟
ثانـيـا : وضعيــة ديــون الأجـــراء فــي التشــريــع المغـربــي :
لقد أولى المشرع المغربي اهتماما خاصا للأجور بالنظر إلى وظيفتها الاقتصادية والاجتماعية في حياة الأجير، بوضعه لمجموعة من الضمانات القانونية الرامية إلى حمايته وضمان أدائه لدوره المعيشي، خشية أن تؤدي القواعد العامة في الحجوزات والمقاصة إلى ضياعه كله أو بعضه مما يساهم في زعزعة وضعه الاقتصادي حيث يجعل ديون الأجراء ديونا ممتازة يمكن المطالبة بها بالأولوية على باقي الدائنين، غير أنه كثيرا ما يخضع المدين لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية، ليثار التساؤل حول مدى تأثير هذه المساطر على حقوق الأجراء ؟ وما هي حدود الحماية التي قررها المشرع لحماية ديون الأجراء ؟ وما مدى نجاعة الآليات والقواعد التي اعتمدها المشرع لضمان أداء مستحقات الأجراء بعد صدور الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة المدين ؟
لدراسة مدى نجاعة الامتياز والضمان المخول لفائدة الأجراء سوف نتطرق أولا إلى تحديد طبيعة الديون المشمولة بالامتياز وثانيـا إلى دراسة حدود هذا الامتياز كوسيلة لحماية ديون الأجراء في مواجهة باقي الدائنين.
1- طبيعـة الديـون المشمـولـة بالامتيـاز :
قد يتعرض الأجير لخطر عدم حصوله على أجوره في حالة خضوع المدين لنظام التسوية أو التصفية القضائية، الأمر الذي تكون له انعكاسات سلبية على وضعيه الاقتصادي والاجتماعي، لذلك تدخل المشرع بإقراره لمجموعة من الآليات والضمانات القانونية الرامية إلى حماية الأجر وضمان أدائه لدوره المعيشي عن طريق تمتيعه بالامتياز على باقي الدائنين، ولا يقتصر الأجر في هذا الصدد على" ما يؤديه المشغل نظير قيامه بالعمل المتفق عليه، وإنما يشمل كل ما يدخل الذمة المالية للأجير نظير قيامه بالعمل وبمناسبته سواء أداه المشغل شخصيا أو أداه غيره من المتعاملين مع المحل الذي يشتغل فيه، وذلك أيا كان نوعه، وأيا كانت التسمية التي تطلق عليه، وأيا كانت الطريقة التي يتحدد بها، وكيفما كان شكل وطبيعة عقد الشغل".
وفي هذا الصدد ينص الفصل 1248 ق.ل.ع على ما يلي :
" الديون الممتازة على كل المنقولات هي : ........
1-........................
2-........................
3-........................
4- الأجور والتعويضات عن العطل المستحقة الأجرة، والتعويضات المستحقة بسبب الإخلال، بوجوب الإعلام بفسخ العقد داخل المهلة القانونية والتعويضات المستحقة إما عن الفسخ التعسفي لعقد إجارة الخدمات، وإما عن الإنهاء السابق لأوانه لعقد محدد المدة ..... "
فمن خلال هذا الفصل إذن، كان المشرع المغربي يعتبر الأجر من الديون الممتازة التي لها الأولوية في الاستيفاء على باقي الدائنين وبذلك يكون المشرع قد حد من حق دائني المشغل من مزاحمة الأجير في حالة إعسار المشغل أو دخوله في مرحلة التصفية القضائية اعتمادا على الامتياز العام المنصوص عليه في الفصل 1248 السابق الذكر.
غير أن هذا الامتياز لم يكن يحقق حماية حقيقية لديون الأجراء في حالة خضوع المشغل لنظام المساطر الجماعية ، وذلك " بالنظر لطبيعته، لكونه يرد على المنقولات دون العقارات، ويشمل فقط الأجور وتعويضات الفصل الفجائي دون باقي التعويضات الاجتماعية التي لها درجات أخرى، وإلى درجته ثانيا، ونطاقه الزمني ثالثا" ، الذي يتحدد في الستة أشهر السابقة على وفاة المشغل أو "إفلاسه" أو توزيع أمواله كما أنه يتعطل بحقوق الامتياز الخاص الواردة على المنقول، وكذا حقوق الامتياز السابقة عليه من حيث الرتبة.
ولتجاوز هذا النقص في الحماية، تدخل المشرع بمقتضى المادة 382 من مدونة الشغل، بتمتيعه للأجراء بامتياز الرتبة الأولى خلافا لمقتضيات الفصل 1248 ق.ل.ع، وذلك قصد استيفاء ما لهم من أجور وتعويضات في ذمة المشغل من جميع منقولاته، كما تكون التعويضات القانونية الناتجة عن الفصل من الشغل مشمولة بنفس الامتياز ولها نفس الرتبة الأولى.
يتضح مما سبق أن وضعية الأجراء عرفت تحسنا ملموسا بعد صدور مدونة الشغل مقارنة مع ما كان عليه الأمر في السابق، سواء على مستوى رتبة الامتياز أو على مستوى نطاقه بحيث أصبح يشمل جميع الأجور والتعويضات التي تكون في ذمة المشغل بدون أي تحديد ومهما كان عدد الشهور المتأخرة في ذمة المشغل، الأمر الذي يفرض التساؤل حول مدى نجاعة هذا الامتياز كوسيلة لحماية ديون الأجراء في مواجهة باقي الدائنين في إطار نظام المساطر الجماعية ؟
2- حــدود الامتيــاز كوسيـلة لحماية ديـون الأجـراء:
رغم الحماية التي يكفلها المشرع المغربي لديون الأجراء، التي أصبحت تتمتع بقاعدة الامتياز بمقتضى المادة 382 م.ش ، فإنها لم ترق إلى المستوى المطلوب مقارنة مع ما هو ساري التطبيق في القانون الفرنسي الذي جعل ديون الأجراء تتمتع بامتياز الامتياز الذي يضمن لهم الحق في الأداء الفوري لديونهم السابقة على حكم فتح المسطرة وبالأولوية حتى على الدائنين اللاحقين حسب ما نصت عليه المادة 40 من القانون الفرنسي.
فالملاحظ أن المشرع المغربي لم ينص على أي استثناء في المادة 575 تصبح بموجبه ديون العمال مقدمة على غيرها من الديون، رغم طابعها المعيشي، فرغم أن الامتياز المنصوص عليه في المادة 382 من مدونة الشغل يعطي للأجراء الحق في استيفاء ديونهم الناتجة عن عقد العمل بالأولوية على باقي الديون الأخرى في حالة التزاحم ،فإن هذا الامتياز يفقد نجاعته وفعاليته إثر خضوع المشغل / المدين لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية لغياب الآليات والضمانات القانونية التي تضمن له حماية فعلية في مواجهة دائني المادة 575 م ت، هذه المادة التي تنص على أنه : " يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح التسوية بالأسبقية عن كل ديون أخرى سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو بضمانات ". وبذلك يكون المشرع قد تخلف عما هو سائد في القانون المقارن بتخصيص ديون العمال بامتياز الدرجة الأولى أو بامتياز الامتياز – حسب تعبير المشرع الفرنسي- في إطار صعوبات المقاولة، فرغم إعفاء الأجراء من قاعدة التصريح بالديون، فإن آثار هذا الإعفاء تبقى محدودة، بحيث لا يؤدي إلى الإعفاء من التحقيق، حيث يمكن للقاضي المنتدب إما قبول الدين أو رفضه، كما أن المشرع المغربي لا يستثني صراحة طائفة الأجراء من مبدأ الآجال والتخفيضات التي قد تلحق بديون الدائنين كما فعل نظيره الفرنسي.
وقد كان بالإمكان التخفيف من هذه الآثار والأحكام التي لا تنسجم مع الطابع المعيشي والاجتماعي للأجور ، لو سمح المشرع للأجراء بالحق في ممارسة المتابعات الفردية بخصوص الديون السابقة كما هو الشأن لنظيره الفرنسي الذي سمح للأجراء بإمكانية ممارسة الدعاوي أو مواصلتها للمطالبة بحقوقهم الناتجة عن عقد العمل، كما أنه
لو تم التنصيص على استثناء ديون الأجراء من قاعدة المنع من أداء الديون السابقة كما هو الشأن للقانون الفرنسي لأمكنها التأثير على الضمان العام المخول للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح المسطرة.
والحقيقة أن المشرع المغربي لم تكن له الجرأة ليوضح موقع ديون الأجراء ضمن قاعدتي المنع من أداء الديون السابقة ووقف المتابعات الفردية، وإن كانت طبيعة تلك الديون تستوجب استبعادها ، لأن تطبيق تلك القواعد والأحكام على الأجير قد تكون له آثار وخيمة على وضعيه الاقتصادي و الاجتماعي، بل أكثر من ذلك كان على المشرع أن ينص على استثناء ديون الأجراء من المادة 575 م ت، فإذا كان من المقبول فرض تضحيات على الدائنين السابقين، فإنه ليس من المعقول والعدل فرض نفس التضحيات على ديون الأجراء الناشئة قبل فتح المسطرة.
في ذات الإطار نسجل غياب أية هيئة أو جهاز لتأمين الديون الناشئة عن عقد العمل في حالة خضوع المشغل لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية وعدم وجود الأموال اللازمة لتغطية ديون الأجراء.
وتأسيسا على ما سبق، نستطيع القول بأن الامتياز المخول للأجراء في التشريع المغربي ليس وسيلة مثلى لحماية الديون الناتجة عن عقد العمل رغم طبيعتها المعيشية والحيوية بالنسبة للأجير، الأمر الذي يجعل الضمانات الممنوحة للأجراء بمقتضى مدونة الشغل تفقد نجاعتها وفعاليتها في حالة خضوع المشغل لنظام المساطر الجماعية.
لذلك حبذا لو أخذ المشرع بالضمانات التي سنها المشرع الفرنسي عوض بثرها في غياب حماية حقيقية للأجراء .
تحميل الموضوع ملف Pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق