ينقسم القانون بحسب موضوع العلاقة التي يحكمها إلى قانون عام وقانون خاص
وتقسيم القانون إلى قانون عام وقانون خاص هو تقسيم تقليدي عرف منذ عهد الرومان , إذ اعتبروا أن :
كل ما يتعلق بتنظيم مصلحة عامة يدخل في إطار القانون العام .
وكل ما يتعلق بتنظيم مصالح الأفراد يدخل في إطار القانون الخاص .
ويؤكد هذا الأمر نص شهير منسوب إلى الفقيه الروماني ( أولبيان ) يقرر فيه أن القانون العام هو ذاك الذي تسود فيه المصلحة العامة , والقانون الخاص هو ذلك الذي تسود فيه المصلحة الخاصة للأفراد .
إلا أن هذه التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص انهارت أمام ضعف الدول وتفتتها إلى إمارات صغيرة , وعدم وجود هيئة مركزية تتجسد فيها السلطة والسيادة في الجماعة وذلك خلال القرون الوسطى .
إلا أن هذا التقسيم لم يلبث أن عاد إلى الظهور مع مطلع القرن التاسع عشر عندما تم الفصل بين نشاط الفرد ونشاط الدولة مع انتصار المذهب الفردي مما أتاح الفرصة من جديد للتفرقة بين القانون العام والقانون الخاص , وإن كانت هناك بعض الآراء ذهبت إلى مهاجمة هذه التفرقة نتيجة ظهور المذاهب الاجتماعية التي تدعو الدولة للتدخل في مختلف شؤون النشاط في المجتمع, مما أوجد اختلاطاً وتداخلاً كبيراً بين نشاط الفرد ونشاط الدولة , وبالتالي يرون أن هذه التفرقة في طريقها إلى الزوال .
وأياً كان الأمر فإن التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص ما زالت قائمة ولم تفقد قيمتها .
معايير التفرقة بين القانون العام و القانون الخاص
إن التسليم بوجود هذه التفرقة رغم ما تعرضت له من انتقادات لم يحل دون الاختلاف حول تحديد معيار هـذه التفرقة , وأدى ذلك إلى وجود معايير عديدة مقترحة , ومن هذه المعايير ما يلي :
1- المعيار المستمد من التفرقة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة :
يقوم هذا المعيار على أساس إرجاع التفرقة بين القانون العام والقانون الخاص إلى اختلاف طبيعة المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها كل منهما : فالقانون العام هو الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة , والقانون الخاص هو الذي يهدف إلى تحقيق المصلحة الخاصة .
ويؤخذ على هذا المعيار عدم دقته إذ في كثير من الحالات تبدو المصلحة العامة والمصلحة الخاصة مرتبطتان ارتباطاً من العسير حله .
فالزواج والطلاق والأهلية والولاية على النفس والمال وهي من أنظمة القانون الخاص إذا كانت تحقق مصالح خاصة فردية إلا أنها في الوقت ذاته تحقق مصلحة عامة لجماعة , إذ أن تكوين الأسرة وتنظيم العلاقات بين أفرادها في طليعة المصالح العامة للجماعة .
2- المعيار المستند إلى الأشخاص أطراف العلاقة القانونية :
يقوم هذا المعيار على أن قواعد القانون العام هي تلك القواعد التي تنظم العلاقات
التي تكون الدولة أو أحد فروعها طرفاً فيها .
أما قواعد القانون الخاص فهي التي تنظم العلاقة التي يكون كل أطرافها من الأشخاص الطبيعيين , أو من الأشخاص الاعتبارية الخاصة .
ويؤخذ على هذا المعيار أيضاً عدم دقته , ولا سيما مع اتساع دور الدولة في المجتمع الحديث , إذ تدخل الدولة في العديد من الحالات كطرف في العلاقة القانونية لا بصفتها صاحبة السيادة والسلطة , بل كأي شخص من الأشخاص الاعتبارية الخاصة , فعلى سبيل المثال لو أوصى أحد الأفراد بأمواله إلى الدولة أو غيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة فإن هذه الوصية تخضع من حيث صحتها لقواعد الإيصاء وفقاً للقانون الخاص , وليس وفقاً لقواعد القانون العام .
3- المعيار المستند إلى طبيعة القواعد فيما إذا كانت قواعد آمرة أم قواعد مكملة :
يقوم هذا المعيار على أساس أن قواعد القانون العام قواعد آمرة أي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها , أما قواعد القانون الخاص فهي قواعد مكملة , أي يجوز الاتفاق على مخالفتها .
ويؤخذ على هذا المعيار عدم دقته أيضاً , فقواعد القانون الخاص ليست كلها قواعد مكملة , بل تتضمن العديد من القواعد الآمرة , كتلك المتعلقة بتنظيم الأسرة والأهلية , والقواعد التي تتطلب الشكلية في بعض العقود , مثل عقد الهبة وعقد الرهن الرسمي وما شابه ذلك .
تحميل الموضوع ملف Pdf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق