أكد وزير العدل، محمد أوجار، اليوم الأربعاء 27 دجنبر بالرباط، أن الوسائل البديلة لفض المنازعات تشكل، في إطار العدالة التصالحية، أداة استراتيجية ليس فقط لتشجيع التجارة والاستثمار، وإنما لإعادة بناء العلاقات بين الفاعلين في عالم التجارة والاستثمار.
وأوضح أوجار، خلال افتتاح أشغال مؤتمر دولي حول موضوع "التحكيم والوساطة في الشرق الأوسط وافريقيا"، المنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، من قبل وزارة العدل بشراكة مع مركز القانون السعودي للتدريب في إطار الدورة الرابعة لمؤتمر القانون بالشرق الأوسط، أنه من الطبيعي أن يواجه عالم التجارة والاستثمار، كمبادرة حرة تطبعها روح المغامرة، بعض الصعاب المالية والاقتصادية، الأمر الذي يستدعي، برأيه، البحث عن حلول عاجلة تحرص على تطويق هذه الصعوبات قبل أن تتفاقم.
وشدد الوزير على ان تعدد آثار هذه الصعوبات وتعقد سبل حلها هو ما يدفع بالأطراف المعنية الى الابتعاد عن تعقيدات التقاضي وعلنية جلساته وتعدد درجاته باللجوء إلى التحكيم او الوساطة كوسيلة بديلة للقضاء الاحترافي أو الرسمي من أجل فض النزاعات، لاسيما ما يتعلق منها بالمعاملات التجارية الدولية.
وأبرز الوزير ، في السياق ذاته، أن الطاقة تعتبر المحرك الرئيسي للتنمية في العالم، لافتا إلى أنه بالنظر إلى ما يستلزمه التعامل في إطارها من إبرام عقود وصفقات، سواء على مستوى الدول أو الشركات الكبرى، فإن هذه التعاقدات قد تتعرض أحيانا لبعض المخاطر لارتباطها بالتطورات الاقتصادية والسياسية الدولية، الأمر الذي يستوجب إيجاد آليات غير تقليدية لفض المنازعات بين الأطراف المتعاقدة.
وأشار أوجار إلى أن المغرب من الدول التي عملت جاهدة على تبسيط مساطرها الادراية لتيسير مبادلاتها التجارية، وذلك من خلال التوقيع والمصادقة على العديد من الاتفاقيات المتعددة الاطراف او الثنائية في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري، وذلك لتحسين مناخ الاعمال عن طريق النهوض بالاساليب البديلة لحل المنازعات، وفي مقدمتها التحكيم والوساطة.
وخلص الوزير إلى ان نجاح التحكيم والوساطة كوسائل بديلة لتسوية النزاعات رهين بمدى الاستعداد الذي يمكن ان تبديه الأطراف المتنازعة في التفاوض والتصالح وتسوية النزاع، واستيعابها لجدوى هذه العدالة اللينة والفعالة القائمة على التراضي والتوافق.
من جانبها، أكدت كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مونية بوستة، أن التحولات التي تشهدها القارة الافريقية، لاسيما في شقها الاقتصادي والتنموي، تستدعي ضرورة توفير المناخ الملائم للأعمال وتوفير الاليات الناجعة لضبط النزاعات ذات الصلة.
وشددت على ان حصة افريقيا في استقطاب الاستثمارات والرساميل الأجنبية، التي هي في أمس الحاجة إليها لتنفيذ مشاريعها التنموية، تبقى رهينة بمدى توفر هذه الدول على آليات تساعد على إرساء أجواء الثقة لدى المستثمرين .
واضافت ان الخصوصيات الافريقية في شقها التنموي تتطلب ايضا من هذه البلدان عصرنة اجهزتها القانونية والتنظيمية وتحسين الحكامة وتنمية الخبرات، وهو ما يتطلب الاستثمار أكثر في آليات ناجعة وباقل تكلفة مع اعتماد معايير دولية.
في سياق ذلك، اعتبرت بوستة ان تطوير الحلول البديلة كالوساطة والتحكيم تعتبر من بين التدابير الضرورية لمواكبة طموحات القارة والدفع بعجلة التطور والتنمية بمختلف بلدانها، لافتة إلى أن هذا اللقاء يعد فرصة سانحة لمقاربة العديد من القضايا، من قبيل التقدم المسجل في مجال الوساطة والتحكيم وتقييم التجارب ذات الصلة وكيفية التعامل مع التحديات التي تطرحها هذه الآليات البديلة وتقوية الشراكات المتعلقة بذلك.
من جهته، أكد رئيس مركز القانون السعودي للتدريب، ماجد قاروب، أن هذا المؤتمر يعد أكبر وأهم تجمع حقوقي بالشرق الاوسط وشمال افريقيا، والذي يلتئم في إطاره خبراء من مختلف دول العالم المهتمين بقضايا التحكيم والوساطة، بهدف تعزيز روابط التعاون وتطوير الممارسات القضائية والقانونية والحقوقية، بما يسهم في تعزيز سيادة القانون على الصعيدين العربي والإفريقي.
وشدد على ان اختيار عنوان المؤتمر يحيل على اعتماد البعد الإفريقي مرتكزا لتنمية العلاقات الدولية وتعزيزها لنقل رؤية الاصلاح والتنمية إلى المؤسسات والمجتمعات في ابعادها القانونية والاقتصادية.
وأشار إلى ان آليات التحكيم والوساطة تعد من أهم عوامل دعم ونجاح الاستثمار، مبرزا أن مخرجات هذا اللقاء العلمي، الذي يعرف مشاركة نخبة من الخبراء الدوليين يمثلون منظمات وهيئات حقوقية وجامعات ونقابات ومراكز أبحاث ودراسات، سيكون لها تأثير إيجابي على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويتضمن برنامج المؤتمر، المنظم على مدى ثلاث أيام بشراكة علمية مع غرفة التجارة الدولية وجامعة روما تري وجامعة السوربون، تقديم عروض تتعلق على الخصوص ب"التحكيم في عقود النقل والطاقة والغاز"، و"اختلاف الثقافات وآثارها على اعمال التحكيم"، و"التحكيم في قطاع الاعمال المصرفية والمالية والتأمين"، علاوة على "المرأة والقانون والقضاء" و "التحكيم في مجال عقود التجارة الدولية والاستثمار الأجنبي".
ويعتبر هذا اللقاء، الذي يحضره وزراء العدل من بعض الدول العربية والإفريقية وعدد من المنظمات والهيئات القانونية المتخصصة في المجال القانوني والقضائي والتحكيمي، مناسبة لتدارس واقع ومستقبل التحكيم بالدول العربية والإفريقية في مجالات التجارة والمقاولات والإنشاءات الهندسية والاستثمار والنقل والطاقة والغاز والأعمال المصرفية والمالية والتأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق